الجمعة، 1 أبريل 2011

أكثر من إنقلاب وأقل من ثوره إجتماعيه حتى الآن


 إذا لم تُحدث الثورات العربيه تحولا جذريا إجتماعيا فى المجتمعات العربيه, و اقتصر أثرها فقط على تغيير الانظمه, حتى ,وإن وضعت دساتير تحد من أبدية الحاكم وتنص على تدوال السلطه, حتى مع ذلك , لن تحدث الاثر المرجو والمؤمل منها كثورات شعبيه لم يشهدها تاريخ الامه. عليها إذن إحداث تغيرات  هيكليه فى طريقة تناول المجتمع ونظرته الى أمور كثيره , أو ما يمكن قياسه ومدى تأثيره وهل هى فعلا , تحولات إجتماعيه ناقله للمجتمع أم عملية تدوير لتاريخه المغلق ومن هذه الامور والتغيرات المرجوه مايلى:
أولا: الموقف من الدين فى السياسه والسياسه فى الدين,الإستعمال الدينى الكثيف فى أمور السياسه وتقلباتها  وتغير موازينها , لايفيد المجتمعات ويؤذى الثورات الشعبيه ويقسم المجتمعات كما نرى, الدين صوره مثاليه ونقاء ما فوقه نقاء  فهو مثال يسعى اليه المجتمع دائما , ولايمكن لأحد ان يدعى ملكيته , بينما الامور الدنيويه السياسيه نسبيه وتحتمل الظروف والحاكم بشر يحتمل الخطأ والتصويب  ثم أن تحويل الخطب الدينيه للاستخدام السياسى غير مبرر  , والاحرى الاستعاضة عن ذلك بإنشاء المجتمعات المدنيه أو مساعدتها على التبلور  فى تناول المجتمعات لمشاكلها, حيث الرأى مدنى وليس دينى أو فتاوى فبالتالى يمكن للمجتمع أن يتطور من خلال  التفاعل المدنى  المتساوى  بعيدا عن القدسيه الدينيه التى هى فوق الجميع  والتى يسعى الجميع كذلك للإمتثال بها لابمن يدعون ملكيتها.لو لاحظنا جميع الثورات لم تحمل لافتات طائفيه ما عدا ما حدث فى البحرين, فلم التركيز على عمليه الفرز الطائفى فى الخطب أو على الاقل الاشاره الى فئه دون غيرها وكأنها فئه محرومه طائفيا دون غيرها . وترك مفاهيم كالمواطنه والحريات والتمدن والحداثه بدل من التركيز عليها كأساس  ومرتكز لقيام الدوله الحديثه.

ثانيا: تأميم السلطه والموقف منها , وإخراجها من دائرة الوعى  العربى  كزمن  وليست أفراد, فهى ليست زمن هى فرد أو أفراد محاسبون  وكسر إحتكارها  بالتالى  ككتله  أو  تجمع مهما كان شكله قبلى أو دينى أو طائفى وتحت أى دعوى كانت تاريخى أو إجتماعى أو غير ذلك.
ثالثا: الموقف من  الثروه, فهى بالتالى ثروة وطن وليست ثروة نظام, , الانقلابات العربيه على كثرتها , غيرت فى الواجهه  ولم تحدث تغييرات إجتماعيه ضروريه داخل الوجدان والشعور العربى  بالنسبه لهذا الموضوع , فهللت الشعوب لها  وكأنها صاحبة الثروه كونها ثوره أو إنقلاب على وضع سىء , لتدرك لاحقا "الشعوب" أنها استبدلت سيئا بأسواء وذلك لإغفالها لما يجب  التنبه له  أو لحسن نيتها فى القادم الجديد  ولم "تدرك أن المال السائب يعلم السرقه" أو أن التنازل عن الحق  فى دنيا البشر  يحول الاخر الى ملاك معصوم.

رابعا: موقف المجتمع ونظرته لذاته,  هل يستحق العيش بكرامه كحق أو يستحق الرعايه مع الكرامه, التى قد تتخلف حينا, وتختفى أحيانا أخرى .
 خامسا: الموقف من الحريه  والقانون   , بمعنى أن ينتقل الشعور بالحريه الى كونه الوجود ذاته و الى مرحلة ما  قبل إقامه النظام, أى أن النظام القادم عليه أن يبنى نفسه على أساس من حرية الشعب فى خياراته ومصيره, بمعنى أن يكون النظام  ثمره لهذه الحريه, كما أن يعى الشعب كذلك أن القانون فوق الافراد والمكانه الاجتماعيه . بناء على هاذين العاملين  يجرى تقييم الوضع والنظام لاأن يَجمُد فى الذهن  أن النظام وقانونه هما الثابتين بينما الشعب هو المتغير.
 إذا لم تستطع الثورات العربيه الحاليه تغيير الذهنيه العربيه وإدخال محتوى إجتماعى ضرورى فى بنيتها بحيث  يتغير المجتمع من داخله ذهنيا  وإدراكيا , وأن يستعبد السطوات أى كان شكلها ورائحتها , من قريب أو من بعيد ,وأن يدرك أن جميع المعطيات جاءت لتكرم الانسان ومدنيته  وبشريته فهى بالتالى تابعه لوجوده, وليس وجوده إمتدادا لها. أرى ثمة إدراك ووعى قادم بلا شك  ولكن تبقى مسألة ديمومه وإتصاله  بعيدا عن تأثيرات التاريخ , بل ربما أعتقد بضروره قيام  قطيعه  مع الماضى السياسى العربى بعد هذه الثورات والتحولات, فهى فعلا الطريق الوحيد لوأد" الفتن" ما ظهر منها وما بطن  ولكنه امنيه لن تتحق  وقنوات الطائفيه تتكاثر كما الفطر  والفتاوى تنهمر كعناقيد الغضب.

الاثنين، 28 مارس 2011

التغيير ....نعم, شكله وحدته موضع سؤال



إذا كان التغيير والإبدال سنه كونيه إلهيه, فإن درجته  وحدته  فيما يتعلق بالمجتمعات إرادة بشرية بإمتياز.,  فعندما تصاب المجتمعات بحمى التغيير وينتشر بينها فيروسا , فعليها أن تدرك وأن تكون على يقين  وبصيره , بين حدة إنتشار هذا الفيروس ومدى عمقه وتحكمه ف  فالقضية نسبيه , فالتغيير الجذرى قد لايكون حلا فى مجتمع يحتاج الى تغيير جزئى , فى حين أن الاصلاح الجزئى قد يبدو  إنعاشا وليس تخلصا من الشر الذى يستوجب أصلا التغيير الجذرى. الاحزمه الثلاثه التى إعتراها التغيير ويعتريها  حتى الآن فى عالمنا العربى  يمكن مقاربتها من جهة  حدة التغيير ونسبته والتكهن بمصيره من خلال بعض الملاحظات: أولا: الحزام الأول, دول بحر المتوسط العربيه واليمن , كلهم جمهوريات ما عدا المغرب " والجماهيريه" الليبيه. التغيير الراديكالى الجذرى إعترى كل من مصر وتونس وليبيا لامحالة لغير ذلك بمعنى زوال النظام كلية بكل أجزائه, فى حين أن المغرب التغيير يبدو و كأنه تحت سقف الملكيه حتى الان , بينما الجزائر يبدو الجيش وكأنه  هو النظام أكثر من النظام ذاته. فيما يتعلق باليمن , هناك مطالبه مستميته بالتغيير الراديكالى , وهناك قوة رفض واضحه من النظام الذى يبدو لايزال قويا, وهناك إستباحه  لحرمات الدوله من جانب قوى أخرى فى مقدمتها القاعده. هنا يلتبس الوضع تماما بعد الاستعجال بالتغيير الجذرى وبين  العد التنازلى له على إعتبار عدم جر الدوله الى  الحرب الاهليه , كما نشهد فى ليبيا وربما التدخل الخارجى , وهو بالمناسبه سيكون أمرا أكثر خطوره من الوضع فى ليبيا لو حصل وتحقق, لصعوبة البلد ووجود تيارات كثيره ومتصارعه, ولطبيعة الشعب اليمنى القويه فى مواجهة الاحتلال أيا كان نوعه  أو شكله.
ثانيا: الحزام الثانى: سوريه ودول الشام. أنا اعتقد ان التغيير قد بدا هناك  وحزمة الاصلاحات  السريعه دليل على إستشعاره مقدما ولكن نتائجه لايمكن التكهن بها. لو كان جذريا , لاهمية سوريا كدوله محوريه حاكمه فى المنطقه ودورها فى لبنان, وعلاقتها بإيران, ومحوريتها فى أزمه الشرق الاوسط كجبهة ممانعه  تقيم التوازن  الى حد ما.
ثالثا: الحزام الثالث, دول الخليج والمملكه العربيه السعوديه, من يحبذ التغيير الراديكالى فى هذا الحزام , يخيط كفنه ونعشه بيده,  شريط يعانى من فقر ديمغرافى وطنى بالاضافه الى ثروه طائله يحتاجها العالم بأسره , وطائفيه مستعره  تحت االرماد, فمن الحكمه ومن البصيره, ان تعى الانظمه قبل الشعوب ذلك  وتبادر  بالتغيير الجزئى التى يحمى وجودها ويعطى الشعوب حقها فى تقرير مصيرها وخياراتها.
قبل عامين تقريبا من الآن و كان المحتمل والمرجح حصول التغيير فى إيران بعد إنتفاضة الشعب الايرانى  ومطالبته بإصلاحات منها التخلص من الحكم الدينى وسلطة رجالاته, اليوم إختفت هذه المطالبات , وراء مطالبات شعوبنا العربيه بهذه الاصلاحات. فى حين يبدو أن الأمن فى المنطقه والاستقرار فيها  يرتكز أساسا وفى جزء كبير منه على تحول النظام الايرانى الى نظام مدنى , بعيدا عن العقيده الدينيه  ومحاولة فرضها وتصديرها والشروع فى عملية التسليح المرهقه على حساب التنميه والاصلاح المؤسساتى , مما قد يحول الاقتصاد الى إقتصاد ذو بنيه واحده عسكريه  فقط  كما حصل مع الاتحاد السوفيتى السابق , وهو أمر يحتمل فقط إما الدخول فى حرب وإستفزازات دائمه أو الانهيار من الداخل