الثلاثاء، 5 يناير 2016

ذاكرة ميت في اليوم الأول



أنه لايتحرك , لا يفيق , جسمه بارد , أطلبوا الاسعاف .
مؤشراته الحيوية لاتعمل , قلبه فقط ينبض ببطء , لااشارات تصل الى المخ , سننتظر بعض الوقت "الطبيب" .
تجمع الأهل بدأ القلق يزداد , أعلن الطبيب الوفاه , بكاء هنا ودعوات هناك ,
حددوا موعد الدفن بسرعه "إكرام الميت دفنه"
أقيموا سرداقا للعزاء , إنشروا في الصحف الخبر "توفى فلان عن عمر جاوز" " الدفن في مقبرة" " العزاء في السرداق المقابل لمنزله.
في المسجد تجمع المصلين من اصدقائي واحبائي ومعارفي وآخرين جاءت بهم ظروف الدنيا , وقف الامام يكبر , أرى وجوه المصليين واحدا تلو الآخر هؤلاء ابنائي وعلى وجوههم الحزن يرسم خارطته , وهذا صديق قديم لم أره منذ زمن يبدو عليه التأثر, وبجانبه شخص لم أكن معه في الدنيا على وًد, بل كان يكرهني, هناك في آخر الصف شخص كبير في السن كان يعمل فراشا في الشركة التي كنت أعمل فيها ساعدته مره , أنه يبكي, خادم البيت عندي يبدو متأثرا وربما خائفا أن يستغني عنه الاولاد بعدي , أرجو أن لايفعلوا ذلك. في الصف الآخر هناك شخص تشاجرت معه كثيرا لاسباب دنيويه بسيطه كنت أظنها هامة في وقتها , ليته يسامحني, الحمد لله أرى من كنت مديونا له فيما مضى حاضرا ويدعوا لي كثيرون ممن تغيب كنت أظنهم سيحضرون, لعلهم كانوا مشغولين أو شغلتهم الدنيا ُ رغم أهمية اللحظة بالنسبة لي, كثيرا من الحالات شغلتني الدنيا عن حضور صلوات الجنازة مثلهم, لم أستشعر ذلك إلا الآن. أستشعر الآن تقصيري في صلة الأرحام , أشعر بعدم صدقي أحيانا مع الجيران , ليتني حافظت على شعرة الموده, ما إستطعت مع الجميع , الناس حولي اليوم شهداء الله على عملي واخلاصي , بودي لو كان الجمع أكبر يملأ الدنيا , أحتاج اليوم كل دعوة ترتفع الى السماء , أحتاج الى كل كلمة تزيل ولو بوصة من ظلام القبر, أشعر أنني دخلت من هذا الباب وخرجت من الباب الآخر , لم يكن الأمر يستاهل كل ذلك , لم يكن الأمر يستاهل أن أصاب بالضغط ولابالسكر خوفا على الرزق وطلبا للمنصب , لم يكن الأمر يستاهل أن أنافق ضعيفا مثلي يُحمل على نعش ملفوفا بخلقة بيضاء كما حُملت , أشعر أن الطريق بين البداية الى النهاية مستقيما , كما أراه الآن , لا كما كنت أظنه أثناء حياتي ,
إنتهت الصلاه تفرق الجمع إلا قليلا ممن كنت أسكن قلوبهم , يحملونني الى بيتي الآخير ويهيلون علىً التراب , خطاهم تبتعد , همسهم يتلاشى , سراب الدنيا يختفي , غفلة الدنيا تزول كما يزول الضباب أمام إشعاع الشمس حقيقة النظر وقوته تقوى في عالم الكشف, لطف الله يلف المكان ورحمته تسع الزمان .



الاثنين، 4 يناير 2016

أهل المواجيب "سعيد بن ومحمد بن ناصر آل جفال النعَيم"

أهل قطر جميعا إنشالله أهل مواجيب , تجدهم في النائبات كما تجدهم في الافراح , يجمعهم تاريخ قطر وحب قطر , ضمتهم ريضان قطر في السابق , كما تجمعهم أحياء وفرجان المدينه في الحاضر , حضورهم اقوى حتى مع إختلاط الحابل بالنابل , وقلوبهم اصفى بالرغم من تعقد الحياه ووسائل الاتصال, لا تكاد تختفي هذه الفكرة من ذاكرتي عن اهل قطر وفي قطر لايزال هناك من يضرب المثل على معرفة اهل قطر للمواجيب من أمثال الوالد سعيد بن ناصر وأخيه محمد بن ناصر ال جفال النعيم, تجدهم في مكان الواجب أينما كان في شرق البلاد أم غربها في شمالها أو كان في جنوبها. لم يثنهم كبَر عمر أطال الله في اعمارهم , ولم تمنعهم مسافة , ولم يعترضهم سبب من اسباب الدنيا, يشاركون الجميع على مختلف أعمارهم لديهم معنى وفلسفة في هذه الحياة تجعل منها واحة حب وأخاء . "كل له حق" كلمة سمعتها من الوالد محمد بن ناصر في مناسبة من المناسبا ت مخاطبا أحدهم الذي يبرر له العذر وعدم إرهاق نفسه للحضور لتقدمه في السن. الوالد سعيد بن ناصر كان له فضل كبير في إ دخال كثير من الخدمات في منطقتهم الغويريه, وكان والدي رحمه الله يمتدحهما ويثني عليهما ,هؤلاء أهل قطر يسعى بذمتهم أدناهم. سعيد بن ناصر ومحمد بن ناصر, هما نموذج حىً لقيمة هامة من قيم مجتمعنا القطري, وهي قيمة الوفاء وعدم التنكر للتاريخ رغم تبدل الحال وتغير الازمان والقيام بالواجب الذي يفرضه الدين وطبيعة المجتمع, الوصل الذي كاد أن ينقطع بين الارحام , المادة التي طغت على الاخلاق , المنصب الذي غير الطبائع , لايمكن لكل ذلك أن ينال من طبع الاصيل أو أن يُغير من خلق الرجال ولو شيئا بسيطا . بودي لو ينتبه الجيل الجديد لمفهوم القيًم الذي يحمله الجيل القديم الذي ينتمي إليه الوالدان سعيد ومحمد , هما يمثلان جيلا يصعب تكراره , ولكن لابد من الاحتذاء به مهما كانت نسبة هذا الاحتذاء. الوالد سعيد أقعدته ظروف السنين بعد أدائه لواجب المجتمع والناس على خير وجه نسأل الله له الصحة وطولة العمر والوالد محمد أطال الله في عمره وغيره من أهل قطر ممن لايزال على قيد الحياة من ذلك الجيل العظيم يمثلون قيمة للقادمين وللقائمين من ابناء قطر على إختلاف مشاربهم.نسأل الله العلي القدير أن لايُخلي قطر من رجال المواجيب,الذين يبصرون الدنيا على حقيقتها ويرون في الانسان قيمة في حد ذاته ويضعون حياتهم بين حق ييسعون إليه وواجب يستلزم عليهم أداؤه على خير وجه.

الأحد، 3 يناير 2016

الإرجاء : هل هو الحل للخروج من أزمتنا؟


هل نحتاج اليوم إلى فكرة"الإرجاء " الذي قال بها المرجئه للخروج من أزمة التكفير بالريموت كنترول أومن خلال القنوات الفضائيه حتى نتخلص من دائرة إنتاج الظواهر المرعبه إعتقادا وأفعالا ،لايتصور أحد وهو يشاهد القتل والنحر اليومي للإنسان رجلا كان أم إمرأه طفلا كان أو شيخا أننا نوع من البشر وأمة صاحبة كتاب جاء للإنسانيه لتنهل منه طريقها ومسلكها,والمعروف أنه لايمكن تكفير أي إنسان طالما يشهد بالشهادتين, هل نؤجل الحكم على الانسان وعقيدته إلى يوم القيامه, والمعروف بأن المرجئه فرقة ظهرت عندما إحتد الصراع حول مرتكب الكبيره أهو كافر أم لا؟, فرأى الخوارج بكفره , والمعتزله بأنه في منزلة بين المنزلتين, بينما قالت المرجئه برد أمره الى الله, بينما يرى اهل السنه والجماعه بنقص إيمانه وبأنه فاسق. يلتبس اليوم على الأمه أمر السياسه بالدين وأمر الدين بالسياسه , فيتحول الصراع السياسي إلى ديني مستخدما كل ترسانة عصر الخلاف السياسي الأول"الفتنه" من تكفير وإقصاء وإتهام بالمروق من الدين , ويظهر بلا مواربه سيطرت فكر الخوارج على باق فكر الفرق الاخرى بشكل طاغ إلا أنهم اليوم ليسوا بخوارج الأمس وإن كانوا يقومون بدور الخوارج لاسباب سياسيه منها تشويه صورة الاسلام السني . فكرة الإرجاء نفسها قد تكون حلا اليوم لعدم ترك السياسه واهدافها تعمل تشويها للدين وللعقيده ونقاءها, لست مع باقي معتقدات المرجئه, لكن فكرة الارجاء فيما يتعلق بالحكم على العقائد تبدو منطقيه وقرآنيه كذلك , تتهم داعش اليوم الانظمه العربيه بالكفر , ويتهم السنه داعش بأنها إمتداد لفكر الخوارج الذي حورب إسلاميا حتى عهد الدوله العباسيه , ويتهم الشيعه السنه بأنهم ليسوا على ىشىء ويجب تطهير الارض منهم ولو بعد حين , ويتهم السنه الشيعه بأنهم روافض وأهل بدع وضلاله , وتبدو الدوله العربيه ضائعه بين أودية ماض سحيق , قد تكون فكرة الإرجاء بديلا عن فكرة العلمانيه التى تثير الرعب في القلوب , فإذا كانت العلمانيه نتاج فكر الغرب وتربتها تختلف عن تربتنا , فإن فكرة الارجاء من صميم تاريخنا , فإرجاء الحكم قد يكون حلا اليوم بعدما أصبح البعض يريد الإتيان بالاخره قبل يومها , ويقيم يوم العدل قبل ميقاته, وبين جنبيه رغبة سياسيه وبرنامج خارجي ومال مدفوع

بالإرجاء نعيش دنيا البشر النسبيه،فيصبح ثمة مجالا ونطاقا لقبول الأختلاف ومكانا للمارسة السياسه ،وفصل وتأجيل الخلاف العقائدي الديني الى وقوفنا أمام الحكم العدلb>