الأربعاء، 13 مارس 2019

في أن الدولة حاكماً يوزع ريعاً


 

 

 
في إعتقادي أن الريع قد يِؤجل الطلب في المجتمع لكنه حتماً لايلغيه أو يتجاوزه خاصة إذا كان الطلب طلباً يتعلق بالإنسان وحريتة
وكرامته  ومشاركته في تقرير مستقبله ومصيره,  تختلف المجتمعات حسب ظروفها  بالنسبة لفاعلية هذا الطلب وكيف يتحول من طلب مؤجل  الى طلب فعال.جاءتني هذه الخاطرة وأنا أستمع لجزء من لقاء الدكتور عزمي بشاره في لقاءه مع قناة الجزيرة, وأنا أحد المتابعين للدكتور عزمي وماينشر سواء كتب أو مقالات  أو لقاءات, وهو في الحقيقة مفكر سياسي قومي ذو أفق واسع وثقافة واسعة.والجزئية التي استمعت  اليها هي تلك التي تحدث فيها عن طموح  دولة الامارات  في السيطرة ووصفها بأنها امبراطورية تقف على أرجل دجاجة,   . على كل حال له الحق في كل ماقاله ولكن ,ما يهمني هنا قوله أن الامارات  دولة ريعية توزع الفلوس او الريع على الشعب في حين   يحاول ساستها الوقوف في وجة شعوب لديها مطالب ديمقراطية. وقد سبق له أن ذكر سابقاً ايضاً أن الشعب القطري  او قطر ليست دولة ديمقراطية وهذا صحيح  وأن الية الحكم ايضاً تأتي من خلال توزيع الريع على افراد الشعب والشعب راض بذلك أو كما قال. أنا معه أن نظام ابوظبي بالذات  يعمل ليل نهار  لدحض اي تحرك ديمقراطي في أي دولة عربية وهو من شجع الثورات المضادة  ويمكن مشاهدة وملاحظة ذلك, وان قطر مع تحرر الشعوب العربية ومع الديمقراطية. ومع الربيع العربي , بل أن إنتقال التأثير ومركز الثقل الى دول الخليج ليس سوى أحد تجليات تأثير الريع  , وإلا كيف يمكن تفسير أن تنطلق دول الخليج الغير ديمقراطية في العمل   سواء على منع التحول الديمقراطي واجهاضه, أو تشجيعه والدفع به الى الامام دون الدخول في التفاصيل ,   فهو إذاً  فلم يعد مجرد توزيعاً على افراد المجتمع  فقط بقدر ما اصبح أداة تغيير وآلية حراك كذلك ,ما يهمني هنا  الاستمرار في تكرار "إنه مجتمع ريعي  يقوم على توزيع الثروة بين أفراده"  وعدم الاطراد  او الدفع الى أبعد ذلك,أو الاستشعار بأنه كما كان نعمة في السابق قديكون نقمة وخطر حينما يتحول الى سياقات اخرى لاتستطيع هذه الدول الصغيرة  ان تسيطر عليها, وهنا مفارقة  , كيف لمجتمع ريعي غير ديمقراطي  أن يحدث تغيراً ديمقراطياً في غيره  قبل  أن يستشعره هو  أولاً إحساساً ووجودا؟وكيف لمجتمع غير ديمقراطي  ريعي سجونه تمتلي بأصحاب الرأي أن يمنع قيام تحركاً ومطالبة بالديمقراطية في مجتمعات أخرى أليس هذا جنوناً ضد الفطرة وضد الانسان ؟؟ كذلك  كيف تنطلق مراكز أبحاث الديمقراطية والمجتمع المؤثره من دول غير ديمقراطية بهدف تحقيق ونشر الديمقراطية فيما حولها  أليست هذه المراكز البحثية الفعالة في العالم العربي  في حد ذاتهما "ظاهرة ريعية".حيث الاحرى أن تستضيفها  او تنشؤها دول الطلب الملح  على الديمقراطية وليست دول توزيع الريع المطمئنة؟  واقع جديد فيه من التناقضات الكثير فالبالتالي من الصعب أن نحدد بالضبط أن كان الريع نعمة أم نقمة؟ 

 

الاثنين، 11 مارس 2019

إنقذوا المجتمع منهم

 


اذا تحول المدح الزائد"التطبيل أو الذم الغير مبرر الى ثقافه وهما في الاساس موقف فانت امام مجتمع معوق لانه حول الموقف المتغير الى ثقافه ثابته ،على كل حال ،فان طيف الحراك المجتمعى فى دول الخليج يتحرك على خط أُفقى طرفه الأول الإحتجاج بدرجته القصوى المتمثله فى النزول الى الشارع ولكن الأعم في النقد في وسائل الاعلام  والاتصال المختلفة, الى طرفه الآخر الأقصى المتمثل فى المدح الزائد عن العادة أو التطبيل,ولى هنا بعض الملاحظات على فكرة الاحتجاج  وغرض المديح:

أولا: النقد  صوره من صور  الرد التلقائى على أمر أحدث  ألما  وضررا  لشخص ما أو لمجتمع معين وهو حق  تكفله جميع الدساتير.

ثانيا: التطبيل   هو مدح تحول الى" ثقافه"  وبالتالي الى طبقه تسمى "المداحون أو المطبلون"فأصبح مديحا  لايرى سوى الحسن ولو كان  الأمر سوءا وشرا مستطيرا. حتى أن المرء ليُسىء ومع ذلك يمدح على إساءته كما يذكر الشاعر محمود البارودى/ وأعظم شىءُ أن ترى المرء ظلما يُسىء/ ويتلى فى المحافل حمده.

ثالثا: التطبيل كثقافه هو إحتجاج سالب إنقلب على  صورته الجدليه  المتمثله  من "فعل/ إحتجاج/  فعل مركب يحمل  فى أحشائه حلا." إلى فعل/ناقص لعدم القدرة او الخوف من الاحتجاج او لانتهازيه مفتعله/ أثمر تطبيلاً."

رابعا: المجتمع الديمقراطى يقوم على الاحتجاج السلمى ويستهجن التطبيل  لأنه يضع العمل فى إطار المسؤوليه  والمسؤوليه  فى إطار القانون.

 خامسا: النقد البناء دليل على  حيوية المجتمع  والتطبيل "الاحتجاج السالب" دليل على  أنه مثير للشفقه.
سادسا: تتأثرجميع أوجه الاحتجاج  عندما يعجز المجتمع  عن بلورته ذاتيا أو نتيجة الخوف وتعرضه للقمع , فيشيع الابتذال فى الثقافه ويتحول النقد البناء  نقدا شخصيا وربما مؤجورا ويصبح الرأى  خادما   للإملاءات  وليس رأيا حرا .

سابعا: إذا شاعت ثقافة التطبيل   أصبح المجتمع مسرحا مهيئا للمؤامره والفرز بأشكالهما المتعدده  لتعطل الصوره الجدليه  التى تقود الى التغيير  بديناميكيه  وحيويه .وأصبح المطبلون هم رواد الثقافة فيه.

ثامنا: الثبات كثقافه موجوده فى تاريخنا العربى والاسلامى  تستمد قوتها من  فهومات وتفسيرات كثيره منها الدينى ومنها الاجتماعى , فلذلك يبدو الاحتجاج  مقصدا لكثير من  الفتاوى المستهجنة له كخروج عن الطاعه وإجتماعيا كمعصيه  للثقافة الابويه.

تاسعا:
قيام المجتمعات على مركزية الصوت كما يوصفها "دريدا" يساعد على  تكون" الاحتجاج السالب" الذى ذكرت, مركزية الصوت تتطلب منبرا لايحتله سوى فرد معين  أيا كان شكل هذا المنبر  دينيا أم إجتماعيا,
عاشرا:  يصبح المجتمع  معرض للإنفجار  بصوره أعنف من غيرها  عندما يختفى النقدالايجابى والصحى ويشيع التطبيل بصوره ممقوته لأنه سقف مقفل ويتيح للانتهازيين التكسب من الريع والمزايدة على اصحاب الضمائر والمواقف, لذلك ربما يستدعي الامر دراسة"حالة" لكل مطبل أو حتى لكل  قادح بشكل  يتعدى النقد الايجابي او البناء.حتى ينجو المجتمع من هذه الظاهرة المستهجنة.
المطلوب من المجتمع الوعي بهذه الظاهرة  ولايشجع على إتساعها أو إظهار أصحابها بمظهر أكبر مما يستحقونه, فلا تصوت ولا تشجع ولاتتبع إلا من يقدم للمجتمع قيمة مضافة سواء في تغريد أو في مقالة أو رأي مسموع في وسائل الاعلام.

الأحد، 10 مارس 2019

حُسن إدارة الفساد على الأقل


هل وصل الوضع العام المحلي والعربي على حد سواء الى مرحلة  ما بعد الاصلاح ؟
أو صار من القتامة بحيث لايتحدث أحد عن إمكانية الاصلاح بقدر ما يدور الحديث عن حُسن إدارة الفساد, وهنا تبدو مفارقة بحيث يصبح الفساد إمكانية ايجابية للتعايش رغم كونه فساداً,ولكن كيف يمكن إدارة الفساد بحيث يصبح إمكانية إصلاح للوضع  الذي أصبح من العسير أو المستحيل العودة به الى نقطة الصفر والانطلاق منها  كمشروه إصلاح.
 .
من النقاط التي يمكن الأخذ بها اعتماداً على هذا المدخل البديل.
أولاً .
    توسيع رقعة الاستفادة من المال العام لجميع طبقات المجتمع بحيث تسقط المقارنات الحدية التي تدفع ربما في شدتها الى اتخاذ مواقف وربما تصرفات وافعال.
ثانياً : تأكيد وإعادة الاعتبار لرموز المجتمع التاريخية الفاعلة في ظل الاجتياح الرأسمالي الحالي والذى يمجد فقط صاحب رأسمال بعيداً عن أية اعتبارات أخرى .
ثالثاً: إعادة الاعتبار للقيم الإنسانية المتضائلة أمام موجات الفساد المالي والسياسي .
رابعاً: ضرورة الاستعجال فى تدارك ثروات الامه من خلال مطالبة الشعوب بقيام ادوات رقابيه على هذه الثروات وان لاتترك لخيارات نخبويه لاتضع الصالح العام فى بؤرة اهتماماتها
 خامساً: عبر تاريخ هذه الامه كان لغياب الرقابه اثر كبير فى الذهاب بخيراتها قديما وحديثا والرقابه رغم بيروقراطيتها فى عالمنا العربى الا انها الحل الانسب لمواجهة فكر الغنيمه المتأصل فى العقليه العربيه واعنى هنا الرقابه الشعبيه من خلال المجالس والبرلمانات المنتخبه مهما كانت افرازاتها الا انها فى الاخير ستعمل على تاصيل مبدأ الرقابه عبر الزمن وإن لم يتحقق ذلك فإختيار الافضل من بين  المصابين بالداء في أسوأ الظروف إذا لم نريد إختيار  الافضل الذي قد  لايناسب المسار العام ,وقد جسد شاعر العربيه الكبير المتنبى ثنائيه الرقيب والمتربص بالمال العام بالناطور والثعالب بعد ذهابه الى مصر فى زمن كافور الاخشيدى . ونتيجة نوم الرقيب عن ثعالب المال العام.

سادساً:إبعاد وتغيير من التصقت به صفة الفساد من المسؤولين واحلال اخرين  ممن يتمتعون بسمعة جيده على أمل تقليل منسوب  الفساد المتراكم  وهنا خوف ايضاً أن يَحدث العكس وأن ينجرفوا في التيار نفسه, ولكن لابد من ذلك فهناك  لايزال ضمير لدى الكثير من ابناء المجتمع والامة  العربية.
هذه بعض البدائل المتاحة وهي في الحقيقة إصلاحات ولكنها نظراً لموجة الفساد المتعولم الحالية قد يكون من الصعب مقاربتها من هذا المدخل لصعوبة البدء من نقطة الصفر > وقد يبدو من الانسب العمل على حسن إدارة الوضع الراهن والمتدهور بشكل يمكن معه زيادة جرعات التغييرات الإيجابية وتقليل فوائض الفساد ما أمكن . لأن هناك قدر من الفساد يمكن احتماله كما يحتمل الجسم السليم قدراً من السموم يتحرك داخله بحرية دون أن يؤذيه .

محنة الطبقة الوسطى

تخشى غدر الدولة لأن شروط إنتاجها وقيامها خارج نطاق سيطرتها فهي خائفة ، لأن بقاءها مرتبط بمدى وقدرة الانفاق الحكومي على حضانتها فهي في تقرب دائم ، لأن ذلك كله مرهون بصمتها ومسايرتها للوضع القائم فهي لا تؤدى دورها بالشكل المطلوب ، لأنها لم تأت نتيجة لتحولات اجتماعية واقتصادية حقيقية مر بها المجتمع فهي هلامية الشكل وتتشكل حسب الطلب ، لأنها تجني فقط فائض الريع المتبقي فهي تعاني رعب الانكماش المحتوم . ( تلك هي الطبقة الوسطى في مجتمعات الخليج ولتعريفها يجب الرجوع إلى أدبيات الاقتصاد والاجتماع ) .
 لم تعد هي صمام الأمان للمجتمع ، لم تعد تمثل امتداد التاريخ داخل أوعية المجتمع ، ولم تعد الحامل الأمين لقيم المجتمع بين " نهم " الطبقة العليا وأخلاقيات " البقاء " لدى الطبقة الدنيا بما تحمله من ابتذال وانسحاق . لقد أتت عليها رياح جديدة تتمثل في القطاع الخاص الذى تسكن داخل أحشائه وأوردته وشرايينه أطراف الدولة . لقد نعمت تلك الطبقة برعاية الدولة فترة التوازنات الدولية فكانت الابن الوفي والبار فاستطاعت أن تبث في أرجاء الوطن من أبنائها العديد من المهنيين والمتخصصين والمثقفين الذين نهضوا بالوطن وحققوا لـه الإنجازات . حيث كان التعليم الجيد والمتميز مجانياً ومتوفراً والرعاية الصحية المتميزة كذلك وكافة المرافق الاجتماعية والاقتصادية على قدر من التميز في الخدمة مقدمة مجانياً ومتوفرة للجميع فاستفاد منها بالذات أفراد تلك الطبقة المتوسطة أكثر من غيرهم .
وكما أشرت آنفاً فإن الطبقة الوسطى في مجتمعات الخليج وليدة الدولة مع اختلاف في النسبة بين دولة وأخرى ؛ فبعد تدفق النفط أصبح أولئك القريبين من الطبقة الحاكمة هم من يمكن أن يطلق عليهم هذا الوصف نظراً لدخولهم ضمن دائرة الريع بمعنى آخر؛ انها بالأساس اجتماعية البنية وربما في بعض المجتمعات الخليجية الأخرى هي اقتصاديـة البنية إلى حد ما كذلك . لكنها اليوم خائفة من غدر الدولة وتنكر الدول لها . خاصة بعد أن تعرض مفهوم الدولة نفسه للارتجاج وأصبحت الدول في معظمها عبارة عن امتدادات لتجمعات اقتصادية رأسمالية خاصة هادفة إلى الربح وفوضت ما غير ذلك من أمور سيادية وأمنية إلى الخارج فبالتالي ثمة إنفكاك لابد لـه من أن يحدث وثمة هوة لابد من أن تتحقق بين الطبقات الاجتماعية ، سوف تعاني مثل هذه الطبقة من صعوبة استمرارها للمحافظة على طابع المجتمع وقيمة وعقلانيته في مثل هذا الوضع وسيكون المجتمع ككل هو الخاسر الكبير عند احتكاك الأعلى بالأسفل بسبب تآكل هذه الطبقة ، فالطبقات الأخرى غير قادرة على لعب أي دور تاريخي كما أثبت التاريخ نفسه ذلك فالنظرة الموضوعية التي يجب التركيز عليها هي ضرورة المحافظة على هذه الطبقة حتى في ظل الظروف الراهنة التي تتميز بانسياب التأثيرات الاقتصادية الرأسمالية المحمومة التي حولت المجتمعات إلى أسواق استهلاك والبشر إلى مستهلكين فليس أدنى من المحافظة على نظام تعليمي مجاني متميز ونظام صحي مجاني جيد كذلك إلى جانب القطاع الخاص حيث لا يمكن الاستعاضة بالقطاع الخاص لدى السواد الإعظم عن القطاع الحكومي إلا بروشتة اقتصادية جديدة ترفع من مستويات الدخل لدى الأفراد من خلال السياسات النقدية والاقتصادية للدولة لتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية حتى يمكنهم ليس فقط شراء تلك الخدمات فحسب بل وحيز من التوفير كذلك وروشة سياسية اجتماعية تقوم على مساعدة المجتمع لبناء ذاته من الداخل من خلال جمعيات المجتمع المدني الوسيطة بين الدولة والأفراد فهي كذلك كفيلة بتخفيف وهج القطاع الخاص المتعولم أمام الأفراد الضعفاء حيث يمكن لتلك الجمعيات والتنظيمات الوسيطة أن تساهم وتجمع الجهود لكي يساعد المجتمع نفسه وينهض وبغير هاتين الروشتتين ستظل الدولة مسؤولة ، مسؤولية تاريخية عن تكويناتها بشكل مباشر وعن الطبقة الوسطى بالذات لأنها الوحيدة القابلة للتلاشى دون غيرها وفي ذلك بلاء لو تعلمون