الثلاثاء، 4 فبراير 2020

حول قلق المكانة


 
المكانة في المجتمعات التقليدية لها محدداتها وشروطها التي ينتجها المجتمع من داخله من خلال عملية وسيرورة تاريخية, مع تطور المجتمع ينتج المجتمع شروطاً جديدة نتيجة هذا التطور بناء عليها يفتح مجالاً لأشكال جديدة من المكانة الإجتماعية دون إلغاء للمكانة التاريخية المتحققة سابقاً لذلك المكانة التاريخية في المجتمعات الأصيلة متحف  متعايش وليس ساحة إلغاء  أو إحلال

والاخطر من ذلك حينما  يتم التدخل في تحريك التاريخ يدوياً في عملية  إنتاج رموز وإيقونات ليست إنتاجاً لتاريخ حقيقي وليس لها بصمة ذاتية  حقيقية من داخل المجتمع بقدر ماهي إسقاطات فوق التاريخ وفوق المجتمع, بسخرية  وبلا عمق حقيقي , ليس هناك سوى الاعتراف بالتاريخ كما حدث وحصل وليس في ذلك ضير للحاضر ولا لرموزه بل أن من عظم الحاضر أن يعترف بالماضي كما تم أو حصل , الانتقاء من التاريخ لإيجاد  ودعم الحاضر خطر على الحاضر وليس خطر على التاريخ , حيث عملية الانتقاء التاريخي في صياغة التاريخ هي في الاساس عملية نفي مستمرة إذا ما إستمرت الاجيال جيلاً بعد آخر في إعتمادها, وسينعكس هذا على الثقافة وهو واضح اليوم في مجال الادارة الحكومية حيث إلغاء تاريخ من سبق في الوظيفة يبدو عاملاً حاسماً لإنجاز من لحق .الانسان كائن يعيش في التاريخ ليصنع تاريخ  لايمكن له أن يصنع تاريخاً وهو يعيش في خارجه أو يعبث به مستقلاً عنه لايمكن له أن يضع بصمة على صفحاته مهما حاول حيث للتاريخ حبراً ينتجه من داخل أحداثه  لاينسكب إليه من الخارج.

أتمنى أن يعي المسؤولين دور التراكم الضروري لبناء الانجاز وكذلك أهمية كتابةالتاريخ كما حصل وتم لبناء جيل متصالح مع نفسه 

الاثنين، 3 فبراير 2020

"الاستقالة" بين غياب الدولة وحضورالمجتمع


 أتمنى لمعالي رئيس الوزراء الجديد الشيخ خالد بن خليفة آل ثاني كل التوفيق والسداد في المسؤوليات الجسام الموكولة إليه , كما أتقدم لسلفه الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني بالشكر الجزيل على الجهد العظيم الذي بذله معاليه أثناء وجوده في المنصب,  كما أتمنى للجميع شعباً وحكومة  التوفيق في ظل قيادتنا الكريمة.

 قضية "الحضور والغياب " بين الدولة والمجتمع   ظاهرة ملفته للنظر للباحث ويجب التعامل معها بجدية وبوعي , حينما تحضر الدولة  وأعني بها هنا "المنصب" يغيب المجتمع وحينما تغيب الدولة يحضر المجتمع  . تبدو الدولة حضوراً متعالياً في الذهن  بحيث يصبح أسبقية في الوعي لدى الفرد ويقلل أو ربما  يمنع إنخراطه في المجتمع, عاصرنا كثيراً من المسؤولين ممن فضلوا حضور الدولة"ألمنصب" على حضور المجتمع, وتكدسوا هناك في حضور متعال , فلما غابت الدولة, بدأو سعياً حثيثاً لإحضار المجتمع ولكن  دون جدوى, الشيخ عبدالله بن ناصر من القلائل الذين إستطاعوا  في ظل حضور الدولة أن يحافظوا إيضاً على حضور المجتمع, وعندما غابت الدولة حضر المجتمع بشكل غير مسبوق, هذه المعادلة الدقيقة بين حضور الدولة وحضور المجتمع  إنجاز إنساني إستطاع صاحبه أن يحقق توازناً كبيراً بين قيود المنصب  وإلحاح المجتمع , أن ينظر المسؤول الى المنصب من خلال المجتمع  يعني أنه إستطاع أنسنة المنصب  دون أن يُنصب نفسه فوق المجتمع. ليس الحضور هو التجسد , الحضور هو غياب الجسد وبقاء الأثر.

على الدولة والمجتمع مسؤولية عظمى في ردم الهوة بين الحضور والغياب في ثنائية الدولة والمجتمع,ولن يتحقق ذلك بشكل يخدم الطرفين إلا حين الشروع في بناء مجتمع مدني حقيقي ,  غياب المجتمع المدني يجعل الحضور عاطفياً لكنه يعطي مؤشراً على الحنين إلى حضور حقيقي فاعل.هذه الكتل التي جاءت للسلام على مسؤول ترك منصبه تدل على وعي المجتمع وإدراكه لطبيعة هذا المسؤول  بعيداً عن الظروف , المجتمع لديه من الذكاء ما يجعله يحضر حينما يستشعر أن هناك من يشعر به مجرد الشعور بالناس يكفي لحضورهم.

بودي لو نحقق حضور الدولة والمجتمع بحيث يصبح المنصب جزءاً من المجتمع  وجزءاً من الدولة , وأن يصبح صاحبه متواضعاً ويعيش مع هموم الناس  تغييراً أو مشاركةً على الأقل, أعرفهم شخصيات تركت المنصب منذ عشرين عاماً أو يزيد ولايزال المجتمع يتعامل معهم وكأنهم على كرسي السلطة , أنه الالهام الذي يجعل من الانسان يعيش في معية الآخر البسيط ليس لأنه قدم له خدمة مادية بقدر ما قدم له مثالاً على الإنسانية. 

كثيرون هم اولئك الذين غابوا عن المنصب  وغاب عنهم المجتمع لأنه أدرك أنهم ذوات فارغة أوجدها المنصب ولم توجده.فلما سقط عنها المنصب باتت تعيش في عراء الثرثرة وتضخم الذات.

أسأل الله أن يُلهمنا من أمرنا رشدا