الجمعة، 20 مارس 2015

مدحت عبد اللطيف.........ذاكرة المكتب الباقيه.



مدحت عبداللطيف إسم يذكره جيدا موظفوا السبيعينيات والثمانينيات من شباب قطر , التي كانت جميع معاملاتهم واجراءاتهم الوظيفيه
والاسكانيه والقروض وغير ذلك من التزامات ماليه ونقديه, تتطلب سرعة اجراءا ت التنفيذ وأحيانا الاستثناء لظروف قاهره وغير
ذلك من الأمور التي يحتاجها الخريج الجديد بشكل خاص والمواطن القطري بشكل عام , من خلال مكتب معالى وزير الماليه
والبترول آنذاك الشيخ عبدالعزيز بن خليفه أ مد الله في عمره ومتعه بالصحه والعافيه. كان السيد مدحت عبداللطيف مديرا لمكتب معالى
الشيخ عبدالعزيز وزير الماليه والبترول كما كان مسمى الوزاره في ذلك الوقت, كنت اسمع الجميع يمدحه , حتى صغار الموظفين
الذين يبدو اليوم دخولهم على مدير أي مكتب وزير وليس وزيرا بحجم الشيخ عبدالعزيز يبدو شيئا استثنائيا وصعبا للغايه. يحكي لي
بعض الاخوه أنه كان يتسلم الخطاب مباشرة من يد الشخص ويضعه مباشرة في ملف العرض على الشيخ عبدالعزيز , وفي نفس اليوم
وبدون تأخير يكون الموضوع قد حُل إيجابيا لصالح الموظف والمواطن بشكل او بآخر مهما كان الأمر يبدو معقدا, أنها فتره من
الايجابيه الوظيفيه , التي شهدت مدراء مكاتب على قدر كبير من التصرف والحنكه والايثار .وكذلك كان الوزراء ايضا من الحجم
بشكل لايمكن لأي مدير مكتب ان يحتويهم . هناك اسماء كثيره من الاخوه العرب الذين عملوا بجد واخلاص في خدمة قطر وأهلها ,
ولاتزال ذاكرة أهل قطر تعج بأسماء الكثير, مدحت عبداللطيف لم يكن قطريا وكان على أهم ثغر اداري حساس وهو مكتب وزير
الماليه , ومع ذلك كان الاسهل في تناول هذه
المهمه التي تبدو في ذهنية الكثيرين فرصة العمر ولو على حساب العلاقات الانسانيه ولربما حتى على حساب العلاقه
الالهيه. العجيب أنني كنت اسمع كلاما في حينه , أن هناك العديد من الاخوه والمواطنين كانوا يتمنون ان لايُستبدل مدحت عبداللطيف
بآخر حتى ولو كان قطريا أبا عن جد, واذا سألتهم مالسبب في كل هذا التمسك به , قالوا :أنه متجرد من الحسد. آفة وظيفة مدير
المكتب , الحسد, مدحت لم يعرف الحسد, ولا التحيز , كانوا يتحدثون عن بشاشته وهي اهم ما يبحث عنه صاحب المشكله او القضيه , البشاشه التي يفتقدها الكثيرون اليوم, ويشعرك بانك ضعيف أمام تقسيمات وجهه وتشكيلات ملامحه., هذه هي ذاكرة السبعينيات , هناك روح تسرى الى جانب الجهاز الاداري في
قطر عبر تاريخه , في الفترات الاولى كانت الروح الساريه هي روح التعاون , روح المجتمع الواحد, لذلك كان السؤال ليس عن
الوزير بقدر ماكان عن من يدير مكتبه؟ من علامات نجاح الوزير , مدير مكتب يحبب الناس فيه من خلال معاملته .كان بإمكان مدحت
عبداللطيف أن يضع العراقيل لأنه عند أهم وزير في حينه ولن يلومه أحد, لكنه أدرك أن الانسان هو: ما سوف يقال عنه مستقبلا.
لم أعرفه شخصيا ولم أزره , ولم يخدمني في شىء , ولكن الفكره التي أعول عليها دائما في مقالاتي هذه , هي المساحه الانسانيه
المجرده التي يحملها الانسان ليعبر بها الزمن وهي الروح المطلقه التي لاتموت حين يسجى البدن ويُهال عليه التراب.