الاثنين، 3 يوليو 2023

العقيدة والمجتمع

صراع العقائد خطير وليس فيه منتصر كالنار تأكل بعضها بعضا . من المفروض ان يكون اتجاه العقيده الى اعلى وليس الى اسفل من المفروض ان تتصل بالمصدر لا ان تحتدم فى الواقع المتعدد .و حيث انها لاتقبل النقاش فهى بالتالى يجب ان تتماهى فى المطلق لاان تتكدس فى النسبى وهى تفاصيل الحياه. ادرك الغرب ذلك بعد الحروب الدينيه التى امتدت لمايزيد عن العشرين عاما والتى اتجهت العقيده عنده بعد ذلك الى السماء والمطلق وتركت الواقع والنسبى للاداره المدنيه البشريه , ليست القضيه قضيه فصل الدين عن السياسه كما قد يتصورها البعض بقدر ماهو فهما لطبيعة العقائد ,محاولة الزج بالعقيده كيفما اتفق واعتبارها محور الاتصال البشرى الانسانى امر غير سديد وفهم ضيق للدين. بل ان تحميل الدين مايجب ان يقوم به المجتمع كتجمع انسانى يطلب السلم والتعايش وضع لايستقيم وطبيعة الدين والدنيا, نطلب من خطيب الجمعة مثلا ان يقوم بما من المفترض ان تقوم به المجالس المنتخبه من مطالبه بما فيه خير المجتمع ورخائه كما نطلب من عالم الدين ان يتجرد ليخدم الناس بشكل يعفيهم من القيام بدورهم او بماهو دور المجتمع المدنى اساسا هذا فى حد ذاته تكريس للعقيده على ارض الواقع استعدادا للتصادم اذا ما ادركنا الاختلاف الطبيعى وتعدد العقائد ذاتها داخل المجتمع الواحد وهروب ايضا من الاستحقاق الحضارى للامه بل ان ذلك يدعوا بالتالى الى اخضاع العقائد وادخالها فيما هونسبى ويتطلب اجتهادا بشريا يماشى العصر. كنت حتى وقت قريب ارى فى خطبة الجمعه باعثا لابد منه لحث وتغيير المجتمع , وادركت بعد ذلك اننا نرتبط بحاله نفسيه او سيكلوجيه مع الخطيب او مع الداعيه الشيخ يمتص من خلالها ما نعانى منه من شكوى ونحتاج بعد ذلك الى جرعات مماثله كل فترة واخرى بالضبط كالقائد الكاريزمى امام شعبه وجمهوره , مع انه من المفروض ان يكون ذلك مسؤوليه المجتمع المدنى او السلطه المدنيه للمجتمع بما يحقق الامن والامان والاستقرار له كتجمع بشرى انسانى يقوم على حرمة دم الانسان وكرامته وحريته بمعنى ان تناقص الدور المدنى للمجتمع يزيد من الدور الدينى ورجاله ونفوذهم دونما فائده تذكر لاسباب عده منها الشخصى ومنها العام المترابط. الخطوره اليوم تتزايد بقدر ما يتزايد انفصال العقيده عن الواقع الانسانى بل قيامها بديلا عنه من المستحيل ان يختزل المجتمع فى العقيده , لقد اعتنقت الامبراطوريه الرومانيه العقيده المسيحيه بعد فتره طويله وجاء الاسلام للعرب فى شبه الجزيره وتغلغل بسماحته لابحديته وانتشر بل ان انتشاره تاريخيا كان كدين "لين" كما يشار احيانا اكثر من انتشاره كدين "صلب" فالاصل اولا،الذات الانسانيه وكرامتها واحترامها لجميع العقائد والاديان ان محاولة الطعن في عقائد الاخرين وحرق الكتب المقدسة وتشجيع بعض الحكومات التي تدعي الحرية على فعل ذلك من قبل بعض المتطرفين لهو الوجه الساطع للنفاق العالمي الذي يشهده عالم اليوم ،ممن يدعي الحرية وحقوق الانسان بينما يتكدس حول عقيدته ويشجع على تسفيه عقائد الاخرين رسمياً من خلال دعمه للمتطرفين تحت ستار حرية الرأي التي يتبجح بها . .