الجمعة، 21 يناير 2011

هزيمتنا امام اليابان " قدر الله وما شاء فعل"




شاهدت  كغيرى من القطريين  مباراة  منتخبنا القطرى مع المنتخب اليابانى كانت مباراه  كبيره وفيها العديد من الاهداف  ورغم  هزيمة منتخبنا  الا ان الفريق قدم مباراه كبيره   ولكن ليس هذا هو الموضوع. تابعت اللقاءات بعد تلك المباراه سواء مع اللاعبين او  المسؤولين او الاخوه  فى مجلس المذيع المتألق خالد جاسم. جميعها اشارت  الى ان هزيمة  فريقنا  كانت نتيجة اراده الهيه بأن ينهزم والعباره التى استعملت هى "قدر الله وماشاء فعل" اذن هزيمتنا كانت قدر الهى  اذا استعملنا هذا النمط من التفكير فسندخل فى دائره اخرى وهل يهزم الكافر المسلم الا بسبب على اعتبار ان الفريق اليابانى فريق كافر والفريق القطرى  فريق مسلم  او ينتمى  الى بلد مسلم  يقودنا نفس النمط من التفكير الا ان ربما بسبب بعض الغير مسلمين والمجنسين فيه  ويخرج الوضع بالتالى من اطار الرياضه والجهد   واغتنام الفرص الى دائرة الدين فندخل الرياضه فى الدين او الدين فى الرياضه كما فعلنا ذلك مع السياسه عبر تاريخنا  حيث تصبح دينا  حين يحتمل او يحتم الوضع . خطورة هذا النمط من التفكير كونه اعتذارى يجد العذر بيسر وسهوله طالما ان النتيجه  هى فى النهايه قدر الهى لايملك الانسان معه حولا. وقضيه  الجبر والاختيار قضيه  قديمه فى تاريخنا الاسلامى ونشأت مدارس عديده  فى تناولها من فرقة المعتزله  التى رأت ان للانسان الحريه فى اختياراته فى حين رأى غيرهم  من الجبريه ان الامر محسوم  وان ليس للانسان الا ما اختاره له الله وقدره مسبقا فى جميع المسائل  الحياتيه وماوراء الحياه  فى حين وقف  الاشاعره موقفا مائلا  نحو  الجبريه الا انهم اشاروا الى اهميه  سعى الانسان رغم النهايه الجبريه. كان ذلك نقاشا فكريا وعقليا بين  فرق  عقليه  فى مراحل متقدمه من تاريخنا الاسلامى , ولكنه لايزال محتدما الى اليوم, فهل سقوط الطالب المهمل مثلا  اراده الهيه؟ وهل هزيمة فريق امام اخر  كان مكتوبا فى اللوح المحفوظ مثلا,  وما معنى اذن "انك كاد ح الى ربك  كدحا فملاقيه" كما تذكر الايه الكريمه. الايمان شىء جميل مطمئن ومواسى للنفس الانسانيه الضعيفه   ولم يوجد مجتمع فى التاريخ بدون ايمان  بل هو حاجة نفسيه ضروريه للفرد ولكن يجب ان لايحد  من قدراته التى اودعها الخالق فيه فهو ايضا اراده الهيه اوقدر الهى  بهذا المعنى, يجب ان لايكون  مشجبا لهزائم النفس البشريه امام مستحقات الحياه وارادة البقاء, فلذلك هزيمة فريقنا امام الفريق اليابانى  فشل فى عدم قدرتنا على مسايرتهم  ولياقتهم الكبيره جدا وتماسك صفوفهم هذا  ما عبر المعلقون من الاخوه الافاضل منه بقولهم" قدر الله وما شاء فعل"
ان مجتمعاتنا واقعة بين طرفى الايديولوجيا والتفكير الدينى  وكلاهما يحتاج  للخروج منه رؤيه متسعه  ,ففى حين تحث الايديولوجيا الخطى لاستحضار المستقبل "الان" يعمل الدين  على نقل عبء "الان"الى المستقبل  سواء كان مشهودا  او من وراء الغيب

الخميس، 20 يناير 2011

المجتمع الميت والحراك المجتمعى



المجتمع الميت هو المجتمع الغير قادر على صياغة  خياراته وتطلعاته , وليس الموت قدرا هنا  ولكنه حاله من الفقد  والضلال  افقدت  المجتمع القدره على ادراك ذاته وامكانياته  بالشكل الذى يجعل منه حركه    الى الامام حيث التطلعات  والخيارات. والحراك المجتمعى حاله  من تركز الوعى لدى فئات المجتمع تكون من القوه بحيث تمتلك زمام المبادره او على الاقل  يصبح من المستحيل تجاهلها او اغفالها. فالموت بالنسبه للمجتمعات موت معنوى  وهى حالة من الضلال او تشتت الوعى وتتساوى  هذه الحاله والموت المادى  كونها  تضعه خارج  حسابات الربح والخساره , والحراك المجتمعى ليس حاله خاصه بالمجتمعات الميته  بالمعنى الذى اشرت اليه ولكنها ايضا هامه  وضروريه بل ومتكرره بشكل دائم لدى المجتمعات المتقدمه كذلك  كحركة الشباب الفرنسى التى اسقطت ديغول عام 68 بل ان الحكومات المتعاقبه للاحزاب الحاكمه هناك  من اسبابها  الرئيسيه الحراك المجتمعى لتلك الشعوب لذلك وضعته فى مقابل مع الموت   هى حيه لانها فى حراك اجتماعى مستمر ومجتمعاتنا ميته لافتقادها للحراك الاجتماعى  او لفقدها لبوصلته واتجاهه.  ولكن ماهى اسس  الحراك الاجتماعى  القادر على احياء المجتمع وانتزاعه من قبره  وادراكه من ضلاله  وارشاده الى ذاته ووجوده
اولا: الوعى والادراك التام  بسوء الاوضاع وما آلت اليه الامور  وعدم الركون كثيرا  للتصورات  التقليديه الشائعه بأن المستقبل لابد ان يكون خيرا من الحاضر  دون تدخل انسانى معتبر  يساهم فى تحقيق ذلك سواء كانت هذا التصورات دينيه  او تراثيه .
ثانيا: تحديد الاولويات  بالنسبه للحاضر وللمستقبل ماذايريد المجتمع اليوم وماذا يريد  لابناءه مستقبلا

ثالثا: تكوين آليه ا و تصور لايجاد الطلب الفعال  بالتنازل عن خصوصيات ايديولوجيه ضيقه بالنسبه للمجتمعت الحزبيه او بالتنازل عن مميزات او تفضيلات خاصه فى المجتمعات القبليه من اجل المستقبل  ومتطلباته

رابعا: عدم السماح لجزء دون غيره  او لحزب دون اخر او لطائفه دون غيرها بالاستئثار  بالحراك المجتمعى  ولكنه بالضروره حركة الاطياف جميعها كانتفاضة تونس

خامسا:كلما غلب الطابع الوطنى على الحراك المجتمعى كلما كان اكثر فاعليه واكثر املا لمستقبل افضل بمعنى ان تكون صبغته وطنيه ومطالبه وطنيه بالدرجه الاولى

سادسا: ان لايتحول الى تناحر بين اطرافه  لاقبل  ولا بعد انجاز  الهدف منه  بمعنى ان ينتقل سريعا بعد انجازاته الاولى الى حركه مدنيه  منظمه للمجتمع  من خلال  ايجاد مؤسسات المجتمع المدنى السياسيه والاجتماعيه وفى مقد متها دستور متفق عليه  يحترمه الجميع وانتخابات حره لتشكيل ارادة المجتمع

سابعا: ان تكون هناك اهداف واضحه ومحدده للحراك المجتمعى  ,تحققها , يجعل من اعادة صياغته امرا محتملا, بمعنى انه ليس بالضروره ان يتحول الى ثوره او اضطرابات  مدمره  او فوضى عارمه

ثامنا: قد يفرز الحراك الاجتماعى قيادات مجتمعيه  خاصة فى المجتمعات ماقبل المدنيه او قد يكون نتيجة لوجودها اذا وجد المجتمع المدنى وهو امر  يسهل امكانية التفاوض ويساعد على صياغة الخيارات  والشروط

تاسعا: يجب ان لاينفصل الحراك عن المجتمع او ممثليه عن قاعدته  اذا ما استمر الوضع طويلا  او  يجرى استقطابه  واحتضانه  بأى شكل من الاشكال
عاشرا: قد يكون الحراك المجتمعى شاملا او قد يكون محدودا كتلبية الحاجات الضروريه المعيشيه سواء اقتصاديه او اجتماعيه وفى كلا الحالتين  هو حاله من الفاعليه المجتمعيه اذا ادرك المجتمع بعضا منها قد يدركها كلها لان شروط الحالتين واحده  وتتمثل فى الاراده والوعى  وقبول التضحيه او حتى طلبها

هذا ما امكن ايجازه مع ان العصر اليوم والتقدم الكبير فى  وسائل الاتصال  فتح المجتمعات  امام اقدارها ومصائرها وجعل من موتها  امرا استتثنائيا او قصيرا مقارنة  بالماضى  الذى كان يتطلب عقودا من الزمن  لان يدرك شمال الكره الارضيه ما يحدث فى جنوبها.

الثلاثاء، 18 يناير 2011

خياركم فى الجاهليه خياركم فى الاسلام-وجهه نظر تاريخيه نسبيه


تاريخنا العربى  والاسلامى عجيب  لايقطع الا مع الكفر البواح ولايعنى القطع هنا استئصال صاحبه كما ينادى المتشددون الذى اوردوا الامه دروب المهالك  ولكن  التعامل معه بناء على وضعه الجديد الذى اختاره. السلطه هى نوع من العصبيه التى يقوم بها الامر  ولذلك عندما اتى الاسلام  رفضه اصحاب السلطه خوفا على سلطتهم وهيبتهم من الضياع ولكن عندما انتصر استوعبهم واقر بعضهم على جاهه وسلطانه ليس المجال هنا مجال للتشبيه الدقيق ولكن علينا ان  ندرك ان الامة كلها اليوم تعيش جاهليه سياسيه  جاهليه ضاعت فيها  او سرقت او صودرت حقوق الشعوب والاوطان ثم ان هناك حقيقه يغفل عنها الكثيرون  بأن الفرد فى مجتمعاتنا العربيه ليس  حرا لان السيستم لايقبل الحريه اصلا مما ادى الى  بروز  وجهتى نظر اصلاحيتين الاولى تقوم بالعمل من داخل النظام او السيستم لاصلاحه  والاخرى تقول برفضه والخروج عنه  او الابتعاد التام  عن التعامل معه , وكلا الطرفان  وطنيان الذى يعمل فى الداخل بنية الاصلاح او الخارج السلبى الذى ينتظر الهدم ليشارك فى البناء. الان جميع انظمتنا  العربيه مشابهه للنظام التونسى خاصه الانظمه الجمهوريه وسبق ان ذكرت ان ثلاثية زوال اى نظام هى سلطه مطلقه+ثروه هائله+ عدم احساس  وتختلف  درجة عدم الاحساس لدى انظمة الخليج والجزيره العشائريه  ايجابيا عن الانظمه الاخرى نتيجة لطبيعتها الممتده. ولو  افترضنا تكرار المشهد التونسى فى الدول العربيه الاخرى  فاننا سنصبح امام سيناريو ضخم لايقوم فقط  على اسقاط الرئيس او الرأس  وانما بالتخلص من جميع الكوادر ذات الكفاءه   خاصة التكنوقراطيه المنفذه فقط وذلك باسم ازاله ما يتعلق بالرئيس  السابق.  لامانع من ازالة المؤسسات  وتغير تركيبتها ولكن ليس كل الافراد والكوادر سيئيون وان كان السيستم سىء,فاجتثاث الكوادر البعثيه خاصه من الجيش العراقى باسم التخلص من صدام ونظامه  اضر بالعراق  وارجعه الى مرحلة الصفر مثلا. لاا دعوا هنا الى التمسك بأحد او دفاعا عن احد ولكن ادعوا الى التيقن  بأن الامر  ليس كتله واحده   , قديكون فى نظام بن على من الكوادر التقنيه  او الاقتصاديه الجيده, علينا التيقن بأن الديكتاتوريه هى تاريخنا  وليست اسنثناء  فحياتنا اساسا  فى ظل انظمة ديكتاتوريه فالتعامل معها سمة العربى منذ الازل  ويبقى درجات هذا التعامل و ربما يكون لشخصية الانسان وايمانه بشىء ما هو الفارق . الاحزاب الحاكمه فى مجتمعاتنا ضمت اعدادا مهوله من افراد الشعب  وبعث بشرايينها فى جميع اجزاء جسد الوطن  فلذلك هى فى الاساس وسيله لخلق الوظائف بهدف كسب  الناس والشعبيه الجارفه فهى من وجهة نظر الانسان البسيط  فرصة عمل سانحه عليه ان لايدفع ثمنها مستقبله لاحقا عندما يسقط النظام. ما حصل فى تونس ظاهره جديده فى حياتنا السياسيه العربيه الحديثه لقد تعودنا على الانقلابات العسكريه او تغيير محدود للنظام  من داخل المؤسسه او القصر. فلذلك نرى ضروره التعامل معه بحكمه , ابعاد المتورطين  فعليا خاصة الملوثه ايديبهم. الابقاء على الكوادر الجيده بالرغم من تعاملها مع الرئيس السابق, فجميعنا قَبلناه كرؤساء واحتضناه فى عواصمنا, عدم حل الكوادر  الفنيه الجيده  وادماجها فى المرحله القادمه.  علينا التيقن  باننا لانزال نعيش ضمن مقولة لويس الرابع  " انا الدوله والدوله انا"  فلا نأخذ الدوله بجريرته عندما يسقط,فالتراث الفيكتورى هو ماتعيشه عليه بريطانيا اليوم, والارث النابوليونى التسلطى هو مايزين متاحف فرنسا ,  حرية الفرد تكتمل بحرية الوطن  اما قبل ذلك فهو حر ووطنى  ولكن ضمن شروط له ان يقبلها او ان يرفضها ولاينقص ذلك من حريته ولا من وطنيته شىء

الاثنين، 17 يناير 2011

المشهد التونسى: الشهوه الايديولوجيه للانتقام




 سقط الرئيس بن على  وتحررت تونس من قبضته ولكن العقليه الشموليه هى ذاتها لم تتغير , العقليه الشموليه التى مارسها بن على ضد خيارات المجتمع العربى ها هى الان تمارس ضده من  جانب الامه العربيه بأكملها, الامر الذى يتبت ان الامه مصابه فى فكرها  وتلك هى القاعده  ولحظات التوقف والفصل والتدبر هى الشواذ الذى لاينسف القاعده.بل يؤكدها. لم يكد يسقط نظام الرئيس بن على  حتى اتجهت  اصابع الاتهام للمملكه العربيه السعوديه التى قبلت بأستضافته, وجرى اتهامها بايواء المجرمين والمتسلطين  من جانب قوى المجتمع المختلفه   الدينية منها  والسياسيه, هذا المنطق الشمولى يثبت اننا كأمه خارج العصر, عندما يكون منطق الامه هو منطق الشموليه   يمكن بالتالى تبرير الفعل لان ردة الفعل  هى نفسها الفعل مكرر,ايديولوجى الفكر الدينى الشمولى ينادون  بطرده من السعوديه , وايديولوجى الفكر عموما باطيافه كذلك  , لانهم استعمل معهم الشموليه اساسا فى تعقبهم  واقصائهم, فهم بذلك لايختلفون عنه  بل هو احدى مفردات مجتمعهم هذه الدائره المحكمه التى تعايشها الامه  لاتستقيم والعصر الا من خلال  كسر الية  بناء الديكتاتور  من خلال تعريضه امام الانسانيه للمحاكمه  وتسهيل جميع وسائل الدفاع له وفى  الاولويه من ذلك  توفير مكان لائوائه . منتهى التخلف ما نسمعه من اطراف شتى  لوما فى السعوديه وغيرها ممن توفر  اللجوء الانسانى  لرئيس او مسؤول  سابق حتى  ولو كانت مسؤوليته تامه مائه فى المائه فيما لحق  بشعبه وامته من دمار . منطق الانتقام هذا منطق اجوف  وينتهز لحظات الضعف فى حين ان اقرانه ومن هم على شاكلته لايزالون  يكتسبون المديح  او تساق لهم الاعذار وان هوجموا فهو هجوم من دونه ستر وحجاب من نفس الابواق. على الامه وعلى الشعب التونسى  ان يطالب بمحاكمه عادله للرئيس  بن على وكلى امل ان لايكون هذا الموضوع وهو لوم السعوديه على الاستضافه عنوانا لخطب الجمع القادمه بل يجب ان يقدر  فعل السعوديه هذا لان طرده بلا مأوى  لايخدم قضيته خاصة وانه خرج فى اختلاف واضح ووضع تشاوتيسكو فى رومانيا منذ عقدين الذى قتل فى الداخل. رائحة التشفى والانتقام لدى الايديولوجين على اختلاف مشاربهم الدينيه والاجتماعيه والسياسيه  لاتبشر  بأن الامه فى طريقها للخروج من دائرتها المقفله الممتلئه بالفعل الشمولى  وردود افعاله الشموليه. ان اول خطوه يمكن للشعب التونسى ان يفعلها اليوم هو المطالبه بالمحاكمه       العادله لرئيسه فهى  اضافه فعلا لما قام به  لان فى ذلك  خلاص للشعب كذلك من امراض كثيره وسلوكيات جعلت  من امتنا مرتعا للطغاه والمتجبرين وربما هى بدايه لاعادة النظر فى تاريخنا وما ينتجه من مواد مسرطنه وانفس تقرن بين  الوجود والسلطه بشكل لايقبل الفصل. محاكمة صدام رغم بلادتها  وعدم مشروعيتها  الا انها كشفت الكثير من شخصيته واسراره , لانريد ان يموت الطاغيه  دون دراسة شخصيته وتفكيك نفسيته  وتشريحه انسانيا, على كل حال  شكرا للعربيه السعوديه على استضافة  بن على انسانيا ومسايرة للعصر وانتظارا للمطالبه بمحاكمته,بأمكان الامه  والشعوب العربيه ان تطالب بمحكمة عربيه  اسوة بالمحكمه الدوليه لمجرمى الحرب, لانفوت هذه الفرصه بعقليتنا الشموليه" كما قتلنا نقتله" صنع  تاريخ جديد يتطلب منطقا اخر.  لانعتد بفرنسا ولا بغيرها عندما رفضته  نحن اولى به  لان  صنيعة تاريخنا  فهى وغيرها لايهمهم سوى المصلحه ولكننا كأمه يهمنا  محاكمة من يخطىء بأسم الشعوب , يهمنا ان يقف امام الشعب العربى , يهمنا جدا  ان يبكى عيشا اضاعه استجابة للجشع  او لزمرة  اعتمد عليها, انا على يقين ان كل طاغيه عربى  يرتكن الى فريق من الطغاه  المحاكمه العادله وحدها تكشفهم وتعريهم    وتقلل من عددهم ما أمكن عندما يشيع ويكثر عدد الطغاه يصبح العلاج اسهل من قطع الرأس فقط بينما بقية الاجزاء قائمه وقادره على تعويضه او اعادة انتاجه وتنميته

المشهد التونسى: اعادة تموضع الدين من الدوله





يبدو لى  ان المشهد التونسى الحالى  يمكن ان يمثل حقيقة بدايه جديده لموقف الدوله العربيه من الدين وموقف الدين " الاسلامويين" من الدوله. فمنذ استقلال  دولنا العربيه  والمعادله بين الطرفين مختله  حيث يبدو انتصار الدوله  اضعاف للاسلامويين  وهزيمتها انتصار لهم  وفى حالات محدوده  تم التزاوج بين الطرفين  بقيام دوله يسيرها الاسلاموييون كما حصل فى السودان  فكانت النتيجه وبالا على الطرفين. مما لاشك فيه ان الدوله فى عالمنا العربى  افتقرت اساسا    الى مكوناتها الحقيقيه التوافقيه عند قيامها  فكانت الايديولوجيا بما فيها  الدين هى اللاصق  لوجودها  واستمرارها كذلك  فاستعانت بالايديولوجيا الاشتراكيه فى جزء وفى الدين فى جزئها الاخر  وتحولت  مع الوقت الى الراسماليه الرثه كلاصق بدلا عن العاملين السابقين بعد حين  وان كان شكلا فقط لان بنيتها الاساسيه اقطاعيه دينيه قبليه. وقد كانت الدوله العربيه فى بعدها الايديولوجى  عنيفة  فى قمع الدين  السياسى الا انه وبعد هزيمه التيار القومى  واختلال  توازن العالم  بعد رحيل الاتحاد السوفيتى السابق. انبرى الاسلامويون  وتحدثوا عن نهايه  للتاريخ العربى  تتمثل فى حكمهم وبأنه ليس هناك من قادم سوى ثورتهم . فتلاشت فى الوعى الدوله المدنيه وانكفأ دعاتها او  بدوا وكأنهم على خجل  يتحدثون. وكلما تمظهرت التشكيلات الدينيه وازداد الصراع بينها  كلما خفت الامل  حتى اضطر الغرب لحماية خطوط اقتصاده ان يتدخل بأسم الديمقراطيه وحقوق الانسان  ولكن الداخل المعنى  لايستجيب الا لمكوناته  التى تسكن احشائه. لذلك ارى واعتقد ان ما يحدث فى تونس اليوم فرصه عظيمه للامه  يجب الامساك بها والاعتبار بها , فالذى اشعل فتيل الثوره ليسوا اسلامويون وان كانوا مسلمون فى بعضهم فى حين انها قامت  واشعلت من اجل الدوله دولة الجميع وبشعارات وطنيه وجيفاريه نسبه الى "جيفارا" المناضل الاممى وشارك جميع افراد الشعب بجميع انتماءاتهم فيها واديانهم , لماذا نشير فقط الى التيار الاسلامى  لانه الاقدر  على اقتناص الفرصه لان مرجعيه هذه الشعوب اسلاميه اساسا فعندما  عندما تسيس هذه المرجعيه  وتتأخذ من بينها اخدانا تصبح خطرا  لانها تضع الدين     فى مقابل خيارات الناس السياسيه والاجتماعيه والمعيشيه  وادركهم لامور دنياهم  فتصبح دولة داخل الدوله كما شهدنا فى العراق بعد نظام صدام حسين  , او تصبح الامور مبرمجه  بالفتاوى  التى تعمل فتكا بقوانين الدوله وانظمتها بأسم الدين , ناهيك  عن خطورة تلازم الدوله مع الدين  وكم مرة فى تاريخنا اصبح الرئيس او الحاكم اميرا للمؤمنين وكم مرة فى تاريخنا اصبح المفتى بصاما  وشاهد زور لتاريخ الامه. من حسن حظ تونس  ان مجتمعها يقبل التعدديه  اساسا  انها فرصه يجب التنبه لها  المشهد التونسى  مشهدا مدنيا دستوريا رغم بقاء اثار للعهد البائد الا ان الشعب متيقظ وعلى فطنه , الامل فقط فى حكومات التوافق  والتعدديه, الامل فقط فى رفع  مستوى معيشه الشعوب , الامل فقط  فى حسن توزيع الثروه , الامل فقط  فى الدوله المدنيه, الامل فقط فى الاسلام السمح , اسلام التعايش  واعمار الارض ,  الامل فقط  فى  ان يعيش الدين فى الدوله لا ان تعيش الدوله فى الدين . شكرا تونس , شكرا شعب تونس العظيم  لقد اكملتوا الدرس  وعلى امتكم استيعابه كيلا  تلم  كراريسها  وتحزم حقائبها نفيا من التاريخ  لانه الدرس الاخير

الأحد، 16 يناير 2011

المشهد التونسى: ثلاثية زوال النظام



انا اعتقد بأن المشهد التونسى الماثل امامنا اليوم فيه من الدروس الكثير ومن العبر  العديد التى يمكن استخلاصها. كما اننى اعتقد جازما بأن النظام العربى قد بلغ سن الرشد المتأخر  بأكتمال هذا المشهد وعكس ضبابية الاوهام  التى كان يعيشها  من ان الاليزيه او البنتاغون اوأى مكان فى الدنيا شرقا كان ام غربا  ,  يمكن   ان يكون  مصدر أمان وأطمئنان على حساب الداخل وما البيانات المتضاربه التى صدرت من الولايات المتحده الامريكيه ومن فرنسا  وعودا فى بداية الازمه وتنصلا بل  وتبرؤا حتى من وصول طائره الرئيس الا دليلا على ان منبع اى نظام انما الداخل  مهما كان فقيرا او حالكا او معدما  وما القضية سوى قضية زمن لااكثر. اود ان اشير هنا الى  ان مهلكات اى نظام وقد تأكدت هذه المهلكات بشكل لايقبل الطعن  فى المشهد التونسى القائم حاليا تتمثل فى  ثلاثة ابعاد هى سلطه مطلقه وثراء فاحش وعدم احساس  وفضاضه  . ان عدم الحس والفضاضه هذه  تخرج المتعرض لها من الدائره الانسانيه  اذا مورست وبالتالى يكون  من مارسها وتسبب فيها عرضه للانتقام  بل والى الحدود القصوى منه  وقد لاتفيده الاعذار والتنازلات كما رأينا فى المشهد  الرئاسى التونسى. كان النظام التونسى كما قرأنا وسمعنا مصاب بصمم  الترفع السلبى وعدم الحس  الابدى  وهوما اورثه الزوال , فى حين ايضا كان الثراء الفاحش يفتقر الى اى معنى ثقافى او محتوى معرفى. كما كان الشعب التونسى عبر تاريخه من اكثر الشعوب العربيه احتجاجا رغم عنف السلطه. الان هل يفتح الحدث التونسى افاقا جديدا  لنهضه سياسيه عربيه قادمه, هل يؤسس لظاهرة احتجاج فاعله؟ هل يزيل صفاقه وعدم حس وفضاضه ولا مبالاة الانظمه العربيه. اعتقد ان له  ايجابيات فى هذا الاتجاه بلاشك, مع اختلافات خاصة بالمجتمعات كل على حده فقدرة الشعب التونسى على التماسك نحو الهدف المشترك  وقد حاول النظام تشتيت ذلك ولكنه لم ينجح مثل هذا التماسك قد يفتقد لدى مجتمعات اخرى نظرا لتعقد تركيبتها السكانيه اثنيا ودينيا مثلا  فيهاجم المجتمع بعضه  او يزيغ بصره عن الاتجاه المشترك لاتجاهات فرعيه  كمهاجمة كنيسه الاسكندريه مثلا  او اصحاب ملة او معتنق اخر  تحت مسمى  الوصول للهدف الاسمى كما فعل صدام عندما رأى ان طريق القدس يمر من خلال الكويت. يبقى ان اشير الى ان ثلاثية زوال الانظمه العربيه قد تحقق منها اثنان  يمكن رؤيتهما  بالعين المجرده اما الثالث فقد يختبى  تحت مسميات اجتماعيه او دينيه او قد يمكن تجاوزه  بجرعه من النفاق فى ارض النفاق , بمعنى نوع من الاحساس البليد  والمشاركه الاجتماعيه السلبيه فقط فى السراء والضراء, اما اذا جهر به عيانا  ومورس فعلا فهو المؤشر القريب للزوال , القريب فقط  لان زوال الظلم  فى النهايه امر حتمى كقيام الساعه الذى اتى أمرها فلاتستعجلوه.