الاثنين، 17 يناير 2011

المشهد التونسى: اعادة تموضع الدين من الدوله





يبدو لى  ان المشهد التونسى الحالى  يمكن ان يمثل حقيقة بدايه جديده لموقف الدوله العربيه من الدين وموقف الدين " الاسلامويين" من الدوله. فمنذ استقلال  دولنا العربيه  والمعادله بين الطرفين مختله  حيث يبدو انتصار الدوله  اضعاف للاسلامويين  وهزيمتها انتصار لهم  وفى حالات محدوده  تم التزاوج بين الطرفين  بقيام دوله يسيرها الاسلاموييون كما حصل فى السودان  فكانت النتيجه وبالا على الطرفين. مما لاشك فيه ان الدوله فى عالمنا العربى  افتقرت اساسا    الى مكوناتها الحقيقيه التوافقيه عند قيامها  فكانت الايديولوجيا بما فيها  الدين هى اللاصق  لوجودها  واستمرارها كذلك  فاستعانت بالايديولوجيا الاشتراكيه فى جزء وفى الدين فى جزئها الاخر  وتحولت  مع الوقت الى الراسماليه الرثه كلاصق بدلا عن العاملين السابقين بعد حين  وان كان شكلا فقط لان بنيتها الاساسيه اقطاعيه دينيه قبليه. وقد كانت الدوله العربيه فى بعدها الايديولوجى  عنيفة  فى قمع الدين  السياسى الا انه وبعد هزيمه التيار القومى  واختلال  توازن العالم  بعد رحيل الاتحاد السوفيتى السابق. انبرى الاسلامويون  وتحدثوا عن نهايه  للتاريخ العربى  تتمثل فى حكمهم وبأنه ليس هناك من قادم سوى ثورتهم . فتلاشت فى الوعى الدوله المدنيه وانكفأ دعاتها او  بدوا وكأنهم على خجل  يتحدثون. وكلما تمظهرت التشكيلات الدينيه وازداد الصراع بينها  كلما خفت الامل  حتى اضطر الغرب لحماية خطوط اقتصاده ان يتدخل بأسم الديمقراطيه وحقوق الانسان  ولكن الداخل المعنى  لايستجيب الا لمكوناته  التى تسكن احشائه. لذلك ارى واعتقد ان ما يحدث فى تونس اليوم فرصه عظيمه للامه  يجب الامساك بها والاعتبار بها , فالذى اشعل فتيل الثوره ليسوا اسلامويون وان كانوا مسلمون فى بعضهم فى حين انها قامت  واشعلت من اجل الدوله دولة الجميع وبشعارات وطنيه وجيفاريه نسبه الى "جيفارا" المناضل الاممى وشارك جميع افراد الشعب بجميع انتماءاتهم فيها واديانهم , لماذا نشير فقط الى التيار الاسلامى  لانه الاقدر  على اقتناص الفرصه لان مرجعيه هذه الشعوب اسلاميه اساسا فعندما  عندما تسيس هذه المرجعيه  وتتأخذ من بينها اخدانا تصبح خطرا  لانها تضع الدين     فى مقابل خيارات الناس السياسيه والاجتماعيه والمعيشيه  وادركهم لامور دنياهم  فتصبح دولة داخل الدوله كما شهدنا فى العراق بعد نظام صدام حسين  , او تصبح الامور مبرمجه  بالفتاوى  التى تعمل فتكا بقوانين الدوله وانظمتها بأسم الدين , ناهيك  عن خطورة تلازم الدوله مع الدين  وكم مرة فى تاريخنا اصبح الرئيس او الحاكم اميرا للمؤمنين وكم مرة فى تاريخنا اصبح المفتى بصاما  وشاهد زور لتاريخ الامه. من حسن حظ تونس  ان مجتمعها يقبل التعدديه  اساسا  انها فرصه يجب التنبه لها  المشهد التونسى  مشهدا مدنيا دستوريا رغم بقاء اثار للعهد البائد الا ان الشعب متيقظ وعلى فطنه , الامل فقط فى حكومات التوافق  والتعدديه, الامل فقط فى رفع  مستوى معيشه الشعوب , الامل فقط  فى حسن توزيع الثروه , الامل فقط  فى الدوله المدنيه, الامل فقط فى الاسلام السمح , اسلام التعايش  واعمار الارض ,  الامل فقط  فى  ان يعيش الدين فى الدوله لا ان تعيش الدوله فى الدين . شكرا تونس , شكرا شعب تونس العظيم  لقد اكملتوا الدرس  وعلى امتكم استيعابه كيلا  تلم  كراريسها  وتحزم حقائبها نفيا من التاريخ  لانه الدرس الاخير

هناك 5 تعليقات:

  1. تونس غدت املا نرجو ان يصير مستقبلا ووعدا لجاراتها اليوم اذيعت اخبار شباب احرقوا انفسهم في الجزائر ومصر وموريتانيا ..شعوب تحت النير شعوب ترخص بالحياة ..وشماتة غامرة في النفوس . لقد حصل الفرز بالفعل والناس تعرف بالتجربة ان الاسلاموية شعارات بلا برامج تطبيق ولا ..غد

    ردحذف
  2. لا احب لفظ الاسلامويين واعتبره امرا معيبا يصدر من مثقف امريكا من اجل مصالحها ضربت الاشتراكيين ثم ضربت الاسلاميين وتضرب الانظمة حتى التي لا عقيدة عندها اذا ما تعرضت مصالحها للخطر كما تعتقد ، امريكا هي التي تمد في اعمار الطغاة في منطقتنا في الاسلام الدولة مدنية فيها يقام الحاكم ويحاسب ويعزل

    ردحذف
  3. فرصة عظيمة..فرصة حقيقة، التخلص من معادلة أرهقتنا عقود طويلة و تنبنتها كافة الحركات الإسلامية (الماضي المكتمل و الحاضر المنقوص أبداَ) لندخل أخيرا عصر الحداثة. بالأمس سوقت الجزيرة و كتب القحطاني و عشرات الكتاب العرب ان -الاسلامويين- و لا أحد غيرهم على الساحة يقدمون الدم و يبذلون التضحيات ، هم عنوان التغيير و هم الحل. أيضا بالأمس كان الأمريكان يصورون للحكومات بعبع الخطر الإسلامي الذي سيقلب الطاولة على رؤسهم. هذه الثورة بغتة قلبت المعادلة و حققت نجاجا لغاية اللحظة في اتجاه عودة العقل و يكفي لكي نعرف حالة الجنون (اللاعقل) التي نعيش بها متابعة تصريحات القذافي من جهة و بعض رجال الدين من جهة أخرى.

    ردحذف
  4. لست متفائلة ! يارب استر على ثورة تونس فان الامال معلقة والاخطار محدقة

    ردحذف
  5. تعتبر تونس كما اشار المقال للكاتب القطري واشار سواه من الكتاب العرب تعتبر فرصة حقيقية لاسيما انها اتخذت خطوات ومشت شوطا في طريق علمانية الدولة وتمدين المجتمع وفيها ما يحتاج فقط الى ارخاء القبضة الحديدية لكي يتنفس ويشرع بتنظيم نفسه فالمجتمع التونسي قادر على تحقيق المعادلة وهو الاجدر على كل حال وقد اشتعلت الثورة من اجل الديمقراطية التي تجلب الخبز على الطاولة والشغل للشباب والكرامة للمواطن .

    ردحذف