الخميس، 26 مايو 2016

منبر الجمعة ,إطفاء فتنه أم إ شعال حريق؟



عبارات   مثل " ما قال شىء الخطيب اليوم" أو  الخطيب يقرأ من ورقه" أو  الخطيب يكرر نفس الكلام كل جمعه" ثم يبدأ البحث عن خطيب يقول"شىء" أو آخر   يترجل الخطبه أو لايكرر نفسه. بين خطبة المنبر والبحث عن الخطيب  الذى يقول شيئا  يجتر المجتمع نفسه وتاريخه دون وعى ولى هنا بعض الملاحظات.
أولا: المنبر هو المؤسسه الوحيده  فى المجتمعات التى تفتقر الى مؤسسات المجتمع المدنى فلذلك  يفترض الناس  أنه من الضرورى أن يقوم بدورتلك المؤسسات.
ثانيا: الخطيب  هو القائد أو الزعيم أو رئيس الحزب أو التجمع الغير متوج فى المجتمع الغير مدنى  فلذلك يرى الأفراد شعوريا أو بدون شعور مطالبته بالتعبير عن  حاجاتهم وتطلعاتهم وآمالهم   تجاه السلطه.
ثالثا: كما أن  هناك تيارات فكريه وأيديولوجيه فى كل مجتمع فعدم السماح لها  لايعنى عدم وجودها  فقد يعكسها وعى الناس  أو قد تنعكس على رؤيتهم للخطباء  أنفسهم , فاليسارى يبحث عن الخطيب اليسارى الذى يقول"شيئا" مثلا  والمحافظ يبحث الخطيب المحافظ والآخر عن المعتدل وهكذا قربا وبعدا من النظام
رابعا:  عندما يختزل المنبر دور المجتمع المدنى يسهل السيطره على المجتمع  والتحكم فيه ,بل ويمكن اشعال الحريق فيه  نظرا  لمكانة المسجد  والمنبروقدسية المناسبة  فهو ليس حلا لمشكله  وإنما  حلول مشاكل  المجتمع تنبعأساسا   من مدى ترسخ  دور المجتمع المدنى.
خامسا: دور المنبر إختلف كثيرا عن السابق عندما كان الإمام هو الحاكم فالخطبة كانت بمثابة مخاطبه للأمه   وإستشعار لرأيها لذلك  كنت أحيانا تأخذ شكل الحوار مع أفراد المجتمع كما فى عهد الخلفاء أبى بكر وعمر وقبلهم مع الرسول  صلى الله عليه وسلم

سادسا: لايجب ان يتعدى دور المنبر  قضية الارشاد والتوجيه  والحث على التعايش  والحث كذلك على إقامة مؤسسات المجتمع, رايت أناسا يطلبون من الخطيب ان يعرض مشاكلهم  ومعاناتهم , وهو وإن بدا ذلك من أفعال الخير إلا أنه يختزل دور المجتمع ويعفي المجتمع من إيجاده والطلب عليه , وهنا الخطوره.
سابعا: إستخدام المنبر سياسيا كارثه  والخطاب الموجه للمجتمع يجب أن يكون خطابا مدنيا وليس دينيا  لما يوجد فى المجتمعات من أعراق  وأديان وفرق متعدده  ضمن حتى الدين الواحد.
ثامنا: القفز للمنبر إغفال لدور المجتمع وقدرته وواجبه فى إيجاد ما يسهل طريقة عيشه ويضمن مستقبله وحاضره وتحميل رجل الدين مهمة  المجتمع المدنى  دعوه غير مباشره  لضرب مفهوم المواطنه المتساويه فى الحق والواجب.
تاسعا : تنقل المصلين اليوم من خطيب لآخر ومن مسجد لآخر  والبحث عن الجديد هو دلاله عن  البحث عن ذواتهم وما يحملون من رؤى تجاه دينهم ومجتمعاتهم وأوطانهم.التي لم يحققها الواقع لهم أو لم يسمح لهم بالتعبير عنها.
عاشرا: من الممكن تماما أن تقوم مؤسسات المجتمع المدنى بدور الخطيب المُطالب به إجتماعيا وسياسيا بل هو دورها وليس دوره أساسا ويبقى بعد ذلك دوره الطبيعى  فى التذكير والتنبيه والتعليم والإرشاد  والتوفيق بين فئات المجتمع  بما يخدم الدين والدنيا بمعنى  أن تكون الخطبه طاقة روحيه  وما أحوجنا اليوم لروح الايمان وليس  لعباداته فقط
أحد عشر: لازلت أعتقد بضروره عدم  التوجه بالخطاب الدينى  الفئوى السياسي كما لاحظنا إبان الربيع العربي , فالخطبة لأهل المسجد ومن حضر ولايجب ان تكون عابرة للقارات وتكتنف التحريض او التعريض بفئة أو  بمجتمع أو بجماعة في الداخل أو الخارج

حينئذ سنخرج من ثنائية المنبر والخطيب إلى ثنائيه أخرى هى المجتمع المدنى والدوله وهو بداية طريق الهداية لمن يمٌن عليه الله بالهدايه.

نحو تدين عقلاني




يؤكد القران في أكثر من موضع بان الجزاء في الاخره  مرتبط بالإيمان والعمل الصالح"إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون" البقره62, كذلك في صورة المائده آية69"إن الذين امنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلاخوف عليهم ولاهم يحزنون"  كذلك "فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولايشرك بعبادة ربه أحدا" الكهف110, هناك الكثير من الآيات التي تؤكد إقتران الايمان بالعمل الصالح جواز مرور لثواب الله في الآخرة. إهتممنا بالتفاصيل على حساب المجمل , أصبحت عدد الخطوات للمسجد اكثر أهمية من الصلاة نفسها , التطويل في السجود أهم من السجود كركن من اركان الصلاة, الثوب القصير واللحية المسدلة  شعار للأكثر تدينا حتى  على حساب المعاملة, بناء المساجد مقدم على بناء المستشفيات, أداء فريضة الحج  إجتماعيا  على حسابها دينيا مرة في العمر, المرويات كثيره  عن  الفطرة السليمة  التي أدخلت العباد في الجنة ,إمرأة أنقذت هرةٌ من الموت, رجل سقى كلب  من العطش, رجل مات وهو الى دار الايمان أقرب منه الى دار الكفر بخطوة فدخل الجنة." وقل إعملوا فسيرى الله عملكم . ."  العمل الصالح هو ماينفع العباد والانسانية , هل ياترى من أوجد لقاحا للسل أو للجدري  اللذان انقذا ملايين البشر كانا خارج الفطرة السليمة التي خلق الله البشر عليها , هل من إخترع البنسلين "المضاد الحيوي  , أو من أوجد وعمل على تحسين حياة الناس  صحيا كزراعة الاعضاء أوبيئيا كأجهزة التكييف والانارة وغير ذلك مما سهل للإنسان العيش في جميع الظروف ناهيك عن الانتقال والسفر  والحركة في بلاد الله الواسعه لنرى الله في الاقاق  اذا لم نستطع أن نكتشفه في أنفسنا , اليس ذلك كله يندرج تحت مفهوم العمل الصالح الذي إقترن بالإيمان  الذي يحث علية القران أكثر من أي فريضة  أو عبادة يؤديها المرء. ليس القصد من هذا  كما يتبادر الى الذهن  أنني أقول انهم سيدخلون الجنة , لا ليس هذا  من مهمة المخلوق في البحث في تفاصيل اليوم الآخر الذي لايعلمه سوى  الله عز وجل, ولكن تهمني الدنيا والعمل فيها بما يخدم الناس ,  . فالتدين العقلاني في إعتقادي هو التعايش السلمي  مع كافة البشر والوصول الى مرضاة الله ليس  بأفضلية وأسبقية الوحي بقدر ماهي بأفضلية العمل  الذي ينفع الناس وبالتالي يمكث في الأرض.

الأربعاء، 25 مايو 2016

القطري خط "أحمر"





ممارستنا اليوميه ونمط التفكير السائد لدى المجتمع والحكومة  يجعل من السهل جدا تحوير هذا الشعارالمرفوع لكي يصبح"القطري هندي أحمر". ليلائم الذهنية السائدة , قبل ايام  كتب رئيس تحرير الراية  مقالا بعنوان "القطري ثم القطري ثم القطري"ومن يومين كاد "التويتر"  أن ينفجر  لثوار بلا قضية دفاعا  عن ما اعتقدوه تعديا للخط الأحمر بشأن  قضية موظفة قطريه فاضله. وقد سبق ونشرت مقالا بإسم القطري الاخير,  وذكرت ان شعور القطري بالخوف  مصدره, هو في عدم إلمامه بالمعلومه وعدم إدركه لما يخطط له , تاتي الاجراءات الحكوميه  للمحافظة عليه لتزيده  خوفا ورعبا على مستقبله, مقاربة المجتمع من زاوية الخوف عليه هي الاساس في إذكاء شعور الخوف فيه, فهنا مركز للحفاظ على عاداته وآخر للحفاظ على قيمه وثقافته وثالث للحفاظ على هويته .... وهلم جرى. إذا حددنا "القطري" ووضعنا خط احمر حواليه , حولناه الى تاريخ يوضع على الرف كل مايمكن عمله هو المحافظة عليه فعطلنا الفاعلية التاريخيه للمجتمع , هذا ما نعمله دون وعي ,  المقاربة الايجابيه هي في  تمكينه من المعلومة التي تهم حاضره ومستقبله , وبالتالي تساعد على تفاعلة الايجابي في محيطه , لايحتاج الا أن  يتعلم قيما  فالقيم  تنتجها ثقافته المعاشه , ولايحتاج الى أن يُنمط في سلوك  إجتماعي واحد , فالتنوع موجود في المجتمع منذ الأزل, تمكينه في إمتلاك حاضره  في إشراكه في شئون إدارة حياته  وفي استشراف مستقبله , سيلقى بالخطوط الحمراء المفتعله  التي أوجدتها ثقافة الخوف على المجتمع وننسى أن الثقافة العربية والاسلامية متجذره في المجتمع وهو ليس سوى إمتداد لها يصل الخليج بالمحيط , لاتخافوا على ثقافة المجتمع ولا على قيمه,ولا على عاداته وتقاليده, كل مسعى  للحفاظ على ثقافة المجتمع في إعتقادي  هو خط  "أحمر" جديد يُرسم  داخل المجتمع . وفرزجديد يكتنفه خوف ملازم له , اذا تبدل الواقع ستتبدل الثقافه ,  فالحرث يكون اساسا في الواقع الملموس , الاسقاطات الفوقيه لم تغير في مجتمعاتنا العربية شيئا , بيروت والقاهره  امتلكا أعظم المنابر البحثيه  ومؤسسات الثقافة  ومعاهد الابحاث في الديمقراطية وبحوث المجتمع , لكن كان الواقع شيئا آخر, القطري ليس خطا "أحمر" إلا إذا أردنا أن يعيش في دوامة الخوف ولايخرج منها أبدا.

الثلاثاء، 24 مايو 2016

الوعي الناقص


                                       

لايسمى الوعى وعيا إلا حين يكون وعيا بشىء ما.  و ليس هناك وعيا بدون قصد .وليس هناك شيئا أساسا إذا لم يتحصل الوعى به . مقاصد الوعى أو محدداته التى يجب أن يتجه إليها الوعى فى قطر محصوره بحيث لايتجه إلا غيرها من المقاصد . وبالتالى لايمكن دراسة كل الظواهر الاجتماعيه لأن بعضها لايقصده الوعى أساسا ولايتجه إليه وإن تمكن من ذلك فأنه يتراجع وينحسر لأن الشىء ذاته أقوى وفوق قدرة الوعى للتعامل معه. يسمح للوعى بإتجاه الى جوانب معينه دائريه فى معظمها وليست رأسيه . لذلك ترى القضيه تثار ويسلط عليها الوعى المجتمعى ولاتلبث أن تركن بعد ذلك وتدخل فى النطاق الدائرى للوعى ليستخرجها بعد حين من الزمن ويعاود تدويرها من جديد. يتجه الوعى فى هذه الحاله الدائريه إلى الشخصنه كسبيل للخروج من ذلك وهو مانشهده بين حين وآخر, وذلك لعدم إمتلاكه الكامل للوعى بالظاهره الاجتماعيه لأن جزء كبير منها مغيب عنه أو ممنوع من الوعى به ودراسته. لو نظرنا إلى ما يطرح فى وسائل الاتصال الاجتماعي وبالخصوص "تويتر"  من نقد أو من ردود أفعال على  قرارات  وقوانين تصدر هنا وهناك سواء متعلقة بأفراد أو بجزء من المجتمع أو حتى بالمجتمع ككل  , تجد وبوضوح وعيا بجزء ظاهر أو بأشخاص وليس بالظاهره ككل , فتجد مثلا  هجوما على مسؤول اصدر قرارا  أو إتخذ  إجراءا وليس على  آلية إتخاذ القرار , وقانونية   ودستورية  ذلك,  بل أن هناك من هم خارج الظاهره  في وعي المجتمع  بصكوك غفرانيه , من هنا تأتي صعوبة عزل الظاهرة   ودراستها وهو ما يتطلبه الوعى الحقيقى لمعرفة أسبابها ومسبباتها. تجد مثلا هجوما على المفاهيم والمصطلحات لأن الوعى المجتمعى توجه إليها بجزئيه كعادته أو بالمسموح له به, فتجمدت المفاهيم والمصطلحات وأصبح لها مدلولا واحدا ونتيجه واحده فى حين أن بعضها أخذ قرونا ليظهر كمصطلح يحمل فى طياته تاريخا من السنين والتجارب العظيمه, فأصبحت الديمقراطيه, نوعا من التغريب والليبراليه كفر والحريه تفسخ. لكى يساعد الوعى المجتمعى ذاته بالخروج من هذه الحاله الدائريه يجب أن يتخلص أولا من حالة الانكار لشموليه الظاهره الاجتماعيه التى يريد الوعى بها والتعامل مع هذه الشموليه ليس بالتجاوز عن بعضها خوفا أو طمعا وإنما بالاعتراف بوجودها والسعى لمحاوله إيجاد الحلول لها. قضية المرأه مثلا تحتاج إلى وعى شامل لدراستها وليس الى وعى مجزأ ومفصل حسب ما يظهره المجتمع وما تخفيه بعض قواه قضايا المشاركه وحرية الرأى وغيرها كل هذه القضايا من الأفضل للمجتمع أن يعيها وعيا مباشرا ويدرسها كظواهر بعيدا عن قوى التأثير عليها من جهه أو من أخرى. الوعي الطبقي مهم , لكن اذا كان تشكيل الطبقه خارج  نطاق ارادتها  ومكتسباتها ,  فأنه يحيل الزمن إلى نقطة واحده يبدأ منها لينتهى إليها.