جاء الى المنصب من حيث لايعلم,إضطربت حياته من الظل الى وهج الظهور والبروز, كان إنساناً بسيطاً ككل أقرانه يفكر في يومه ويعيش أحلامه الصغيرة , مبتسماً متواضعاً, يرى التفاصيل ويحتفل بها , الظل وجود آخر يجعلك أقرب الى إنسانيتك, بل هو الوجود الحقيقي الذي يكشف حقيقة الانسان , كم عظيم عاش في الظل , كم عبقرياً وحكيماً تعالى على اضواء المنصب واكتفى منه بالتواضع والقرب من الناس . المنصب قاتل اذا كنت قادم اليه من فراغ وجودي, ستفقد السيطرة على نفسك وعلى تصرفاتك, سيجعلك تمشي على رأسك وانت تعتقد انك لاتزال ماشياً على قدميك, سترى الناس صغاراً وتنسى لحظتك الصغرى , ستجعل بينك وبين الناس مسافة فيها كثير من العلو والانفة بعد ان كنت تلتصق بهم وتأنس لجوارهم,سيجعل منك المنصب وجوداً زائفاً يجاريه الناس في العلن فقط, كثيرون هم الذين سقطوا بعد إغواء المنصب من أعين الناس ,يحرصون الآن بعد رحيل المنصب لمشاركة الناس والدخول بينهم وتلاحقهم في نفس الوقت إزدراء الناس ونظرات التهميش , قلة هم أولئك الذين كسروا هذه القاعدة فظفروا بحب الناس بعد المنصب بشكل جارف وكأنهم لايزالون متربعين على كرسيه, المنصب شرك أما تصطاده أو يصطادك,ابسط مثل يردده العامة هو وصفه بأنه كرسي " حلاق" الذي إذا إعتلاه ذو الشعر "دلالة على "الغنى الوجودي" سيظفر منه بعد تركه بشعر أكثر كثافة ولمعاناً وإذا إعتلاه الاصلع " دلالة على "الفقر الوجودي" سيتركه وقد سقطت باروكته وديس عليها بالأرجل من يعتبر؟ وما أكثر العبر. عرف المجتمع العديد من النماذج السلبية والايجابية, إلا أن هناك مناصب لاتحتمل التفكير إلا أن تكون مثالاً ايجابياً لانها تخص كل المجتمع فصاحبها هنا لاخيار له إلا أن يكون بحجم المنصب وثقل المسؤولية والا فإنه ينتحر اجتماعياً, المجتمع يقتل من خلال نظرته, ويقصي من خلال همسته, لايمكن أرضاء كل الناس نعم هذه حقيقة , لكن الابتسامه وسهولة التواصل والاريحية في اللقاء والترحيب عند القدوم وغيرها من الاخلاقيات الاجتماعية ضرورية لأن الانسان نفس قبل أن يكون جسداً, المؤامة بين حسن اللقاء وسهولة الاتصال والقدرة على الانجاز ومساعدة الناس قدر المستطاع هي روشته النجاح الاجتماعي والأمن النفسي لصاحب المنصب ولافراد المجتمع كذلك, في ذهني أمثلة من السابق ومن الحاضر على من أحسن في أداءه للمنصب بحيث يقبل عليه الناس بعد تركه المنصب وكأنه لايزال يشغله اعترافاً منهم بالجميل سواء كان ذلك وجه باسم أو يد ممدودة وليس لي حاجة لذكرها فالمجتمع يحملها في ضميره الجمعي . كن كبيراً قبل الكرسي تبقى كبيراً بعده