الأربعاء، 24 يناير 2018

تأويلات الفساد




إذا وصل المجتمع الى مرحلة تأويل الفساد فأقم عليه مأتما وعويلا, والمعنى البسيط الذي اريد ادراجه لعملية التأويل هو إخفاء الغرض
الحقيقي من ممارسات فاسده تحت مسميات ا خرى وطنيه , أو استخدام الاسم التاريخي النزيه ليغطي أغراض شخصيه
غير نزيهه. ولي هنا بعض الملاحظات:
أولا: النشاط الاقتصادي بإسم الدين:من خلال نظره سريعه حول إقتصادات دول الخليج , نجد أكثر المناطق التي تشهد ممارسات فاسده
هي تلك التي تحمل او تصطبغ
بصغة الدين أو ماتسمى بالاسلاميه, سواء كانت بنوك أو بيوت زكاه او جمعيات خيريه, فالمجتمعات متدينه بالفطره وتلجأ دائما الى
حلول اقتصاديه لاتحمل شبهات , ولكن يأتي الفساد مستغلا الفطره الانسانيه السليمه من خلال اليافطه الاعظم وهي لافتة الدين لكي
يمارس نشاطه وشيطنته , فكم سمعنا عن افلاس شركات اسلاميه وعن بنوك اسلاميه تنهب من الداخل وعن بيوت زكا ه محصولها
يذهب الى اهداف سياسية اخرى ليس لها علاقة بمصارف الزكاه الحقيقيه.
ثانيا:الميزانيات العامه :هذا الاسم الكبير الذي ينتظره المواطن بكل شغف اعتقادا منه بأن زيادته ونماءه كل عام سيعود عليه بشكل

أو بآخر تحت هذا المسمى يندرج اخطر انواع الفساد من خلال طرح المشاريع وتزكية العطاءات, وعملية التفضيل بعيدا عن
المعايير العلميه والاقتصاديه المحايده . كيف تؤول المشاريع لتصبح موافقة لفئة دون اخرى وقد رأينا أثر ذلك في كثير من
المشروعات ,.
ثالثا: الاخطر هو ممارسة النشاط دون علم بأن ذلك يدخل ضمن مفهوم" الفساد المؤئل" , بمعنى صرف وعي المجتمع ,عن حقيقة
وضعه والمخاطر المحدقه به أو
عن هشاشتة الاقتصاديه وإقباله على كارثة اقتصاديه مثلا ,قد يعىً المجتمع ذلك أو قد لايعيه , قد يعلم المسؤولون ذلك أو لايعلمه ,
لاأعني هنا بالفساد السرقه او النهب , ولكن اعني سرقة الوعي وزغيانه بمباركات رسميه غير واعيه, ماذايمكن أن نسمي مسابقة
"اسرع حالب" في مهرجان حلال قطر مثلا؟ أو المهرجان ذاته, هذا نشاط لايقصد منه ذاتيا الفساد , والقائمون عليه كان قصدهم برئيا
تحت مسمى التراث , لكنه ثقافيا يعنى صرف الوعي بل والاخطر من ذلك هو أنه يحول القطريين الى أقلية رسمية معتمده عندما
تقام "مسابقه بإسمهم داخل مجتمعهم"هناك فرق بين مفهوم الاقليه العدديه وبين مفهوم الاقليه الثقافيه , مثل هذه البرامج تركز مفهوم
الاقليه الثقافيه وهو مفهوم اخطر بكثير من مجرد مفهوم الاقليه العدديه, وما اخشى منه مستقبلا الاتجاه نحو مفهوم الاقليه الطائفيه,
فعلينا بالحذر والحيطه.
رابعا: الفساد المستورد من خلال روشتات عالميه او غربيه بالذات خطير جدا , واذا لم يمتلك المجتمع ارادة في مقاومتها فمصيره
مجهول , وهي نوع من الفساد المؤئل تحت اسم التنميه ومن اشهرها روشتة البنك الدولي لاصلاح الاقتصاد , وروشتات المعاهد
البحثيه الغربيه كمؤسسة راند وغيرها لأن هذة المعاهد تغفل الجانب الاجتماعي وطبيعة مجتمعاتنا وحقيقة الترابط بين مكونات
المجتمع ,ما اراه يحدث اليوم من اعادة لترتيب المجتمع وطبقاته اجتماعيا واقتصاديا , أمر خطير , يعيد الصراع على تاريخ
المجتمع بشكل يصبح الجميع خاسر مع مرور الوقت , ويبعد اهل المجتمع عن حقيقة ما يجرى في مجتمعهم.
خامسا: يحتمل الفساد الموئل هنا استخدام الاسم الشخصى المشهور في وعي المجتمع بالنزاهه والتدين , تماما كما يستخدم اسم الدين
ليمرر روشتاته واطماعه, فهذا شيخ دين, وهذا ابن ذلك الرجل الورع , مع أنه ليس كل شيخ هو أهلا بإسم الدين , وليس كل إبن هو
أهلا لإسم أبيه ثقافة وورعا وتقى.
سادسا: عندما وضعت تحويشة العمر في شركة "المدينه" ذهب خوفي وزادت ثقتي , عندما رأيت لافته المدينه الاسلاميه في المكتب
المجاور , فذهبت في اجازتي , وعندما عدت لم أصدق ولازالت لاأصدق أن الاسلام يَسرق , ولا أن شيخ الدين يكذب , ولا ان
المصرف المركزي لم يغلق الشركه وهو يعلم ,,, لا,,لا كل هذه تأويلات , الحقيقه مختلفه تماما , الحقيقه اننا لم نصل الى
مرحلة"الاحسان" بعد , نعم نحن نعبد الله دون ان نعتقد أننا نراه , وربما هناك شكا بأنه يرانا ايضا , صراع الأمة في السابق كان حول تأويل النص واختلافهم حول إمكانية واهداف ذلك , لكن ان يصبح المجتمع كله قابلا للتأويل , فهذه مرحلة تستعيد إمكانية أو احتمالية وجود العقل الموئل أو الانسان كإنسان من الاساس.

الاثنين، 22 يناير 2018

الزلزال والذات الجريحة



 

تدخل المنطقه تاريخا جديدا  لايضع اعتبارا  لما هو كائن بقدر ما يريد أن يحدد ما يجب أن يكون , فقد إنتهى الوقت الاضافي التاريخي لأبناء هذه المنطقه  للتحول بها الى ذات فاعله و كيان وجودي ولم يتحقق ذلك لاسباب كثيره  منها  بؤس التاريخ الذي يجعل من الأمس أفضل اليوم ومن الاموات  أكثر تقديسا من الاحياء وارواحعهم الرطبه ولي هنا بعض الملاحظات:

 

أولا:  هو  تحول "الدولة" إلى موضوع وليس  "ذات" مستقلة تملك إرادتها فالتفكير  ينطلق في وجودها من النظره الخارجيه وليس من الارادة الداخليه لشعوبها ,  من مدى فائدتها للآخر لا من دورها وثبات وجودها القانوني والدستوري
ثانيا: في حالة الفوضى التي تعيشها المنطقه  نحن أمام  الواح جغرافيه بركانيه متحوله  لانعرف متى تستقر بها الارض  وكيف  يتم ذلك وبأي شكل و نتيجة سيظهر.؟

ثالثا:إنتقال الدوله من مرحلة الذات الى مرحلة الموضوع لايمكن ان يتم في حالة وجود مجتمع قوي  هو سبب وجود الدوله , لايتم ذلك الا في حالة أن يكون الأمر مقلوبا بحيث يصبح المجتمع  هو نتيجة لظهور الدوله وماقبل ذلك  ليس سوى اجتماع او تجمع , لذلك لديها القدره على صياغته بالشكل التي تراه .

رابعا: في الدولة"الذات" تختلف العلاقات عنها في الدولة "الموضوع"  حيث في الأولى تكون العلاقات الداخليه بين المجتمع والدوله هي الاساس , بينما في الدولة"الموضوع" تصبح علاقات الدوله مع الخارج على حساب الداخل , أو  أن تكون مشروع تضحيه  في أي وقت يحتم ذلك.

خامسا: تهميش الداخل يعني انتقال الدوله  الى مرحلة  الموضوع  أو كونها موضوع, والموضوع داخل مجال للنقاش والتجاذب  والاشتراطات والتنازلات , فتبقى الدوله بينما يتلاشى المجتمع أو يذوب , وقد تنتهي الدوله  على شكل من اشكال الاستقراطيه الاوروبيه  التي تعيش  أفرادها اليوم بمسمياتهم  التاريخيه  دون سلطه , فالعوائل الارستقراطيه الاوربيه التي كانت  تحكم وتملك  في السابق  لايزال عدد منها يعيش في فرنسا والنمسا والمانيا بألقابهم فقط  بعد أن اصبحوا موضوعا لتاريخ وليسوا ذاتا  تاريخيه.

سادسا: المؤشرات تدل على دخول المنطقه كلها  في مرحلة " الموضوع" ولم يعد التفكير فيها كذات  تملك قرارها ومصيرها , وانما عليها أن  تتعامل  بنفسها مع من يعمل  على تفكيكها  وتحويلها الى موضوع  لعالم وطبوغرافيا جديده.

سابعا:   لكي تتحول الدوله الى ذات حقيقيه  لابد لها من القدره على  التجرد من ميتافيزيقيا التاريخ  كما فعلت دول اوروبا  والخروج بذات متعاليه   ومتجاوزه له , لاان تعيش على ضفاف مستنقعه , لاتلبث حتى تعود  لتسقط فيه

ثامنا:  الكليات التي تسكن اذهاننا بحاجة الى مراجعه ,  عليها ان تخرج الى  خارج الذهن لتبقى خارجه  للاعتبار    وليس للمحايثه   والاعاده. العصر الأول و الصحابه الكرام , التابعين  وغير ذلك , هذه الصور الزاهيه التي يصورها لنا التاريخ , يجب أن تكون خارج الذهن للإعتبار بها لافي داخل الذهن  لمحاولة تكرارها والعودة بها  الى الآن المعاش . حتى نصبح ذاتا  لابد من اعادة الاعتبار الى الذات الآنيه  بوضعها ومحيطها المعاش.

تاسعا: الدوله هي  مجموع هذه الكليات الذهنيه التي يعيشها المجتمع فهي بالتالي أكثر تأهيلا للتحول الى ان تكون "موضوعا" للتدارس من طرف الذوات الاخرى  , لأن هذه الذوات "الدول" ترى أن  انها موضوع خارج العصر  , ومن اساليب اعادتها للعصر خلق الفوضى الكفيله بإعادة الرشد اليها بعد  أن تقدم تضحية كافيه لمثل هذه الاعاده  مالا ودماء , وهو مانشهده اليوم.

عاشرأ: ماأراه اليوم أننا أمام مشهد  واضح المعالم , فالدول الكبيره موضوعُ للتقسيم والدول الصغيره موضوع  للتسكين , والنخب الحاكمه موضوع  للحياة الارستقراطيه  التي تعيش  على ذكرى ارستقراطيتها  ولاتملك سوى اسماءها, والمواطنين الى أقليات  تروى تاريخ النكبات.

الأحد، 21 يناير 2018

منتدى "المسؤولية الاخلاقيةفي العالم الرقمي"

تلقيت دعوة كريمة من قبل وزارة المواصلات ومكتب الاتصال الحكومي لحضور منتدى "المسؤولية الأخلاقية في العالم الرقمي" ونظراً لأهمية الموضوع كنت حريصاً جداً على حضوره رغم أنه في وقت متأخر نسبياً الساعة السادسة مساءً , ولي هنا بعض الملاحظات أود أن أوجزها:

أولاً:الجلسة الأولى لمنتدى "المسؤولية الأخلاقية في العالم الرقمي" حول المسؤولية الأخلاقية في السياسة التي ادراها الإعلامي المتميز محمد النويمي الهاجري.
ثانياً:لاحظوا " ضخامة العنوان وأهميته "المسؤولية الأخلاقية",وبحضور أكثر من وزير وفوجئت أن الجلسة الأولى ليست مجالا للنقاش وليست هناك أسئلة ,طبعاً هذا لايرجع لمدير الجلسة وانما لتنظيم الوزارة فبدأت وكأنها ليست سوى برنامج "الحقيقة" مع جابر الحرمي اللهم الا إضافة الاعلامي عبد العزيز إسحاق الفلسفية وكذلك الى حد ما ماتفضلت به الدكتورة هند المفتاح.
ثالثاً:كان هناك خلط بين الاخلاق والمسؤولية الأخلاقية كان واضحاً في اللقاء , فالمسؤولية الأخلاقية موقف إنساني  أخلاقي مجرد من الاتسان والمجتمع كموضوع  بينما الاخلاق هي أثر هذا الموقف في الحياة وفي التصرفات.
رابعاً:لم يجري تعريف  ماهي المسؤولية الأخلاقية ؟ ومالفرق بينها وبين المسؤولية القانونية مثلا؟ وإنما تكلموا عن الاخلاق, وبالذات عن الفحش في القول .
خامساً:تم إختصار المسؤولية الأخلاقية في الفحش من القول والعمل بينما هي تحتمل أيضاً الصدق والاقتناع والتجرد من الموقف الأيديولوجي ومراجعة النفس والاعتراف بالخطأ وغير ذلك أي أنها تنبع من داخل الذات المجردة الا من إنسانيتها.
سادساً:الموضوع كان يحتاج مدخلا فلسفياً عميقاً , كما كان يفترض أن يكون الضيوف من خارج الاطار الإعلامي من المتخصصين, أو على الأقل أحد الضيوف لا لشىء ولكن لنخرج من النطاق الأيديولوجي الى النطاق الابستمولوجي"المعرفي" لأن هذا الموضوع بالذات يحتاجه.
سابعاً:حرام أن يعالج مثل هذا الموضوع بهذه السطحية الجارفة , إساءة للوقت وللموضوع ذاته, الازمة يجب أن تعلمنا كيف نفكك لا كيف نُسطح ونهرول وكأننا في سباق مع أنفسنا.
ثامناُ:كان بالإمكان توقيع ميثاق الالتزام بالمسؤولية الاجتماعيه دون إقامة مثل هذه الجلسة دوالتي إختزلت الفكرة والموضوع على أهميته بشكل سىء وناقص .
تاسعاً:وبما أن وزير التربية كان حاضراً فأنني إطالب المنتدى أن يتبنى أو يوصي بأن تدرس المسؤولية الاجتماعية الأخلاقية مقرراً منفصلاً في مناهجنا الدراسية لاهميتها وضرورة الوعي بها.
عاشراً:أتمنى أن نكون أكثر دقة مستقبلاًفي إختيار المواضيع وفي اختيار العناوين كلمة "منتدى" تعني شيئاً كبيراً لايمكن أن يُختزل بالصورة التي عايشتها في منتدى اليوم ولا موضوع المسؤولية الأخلاقية يستحق منا كل هذا الاختصار المخل شكراً على الدعوة الكريمة وعاشت قطر وعاش أميرها