السبت، 28 يناير 2012

3- المجلس المنتخب وقدرة المجتمع على التحمل



من يلاحظ  حمى الانتخابات الكويتيه هذه الايام يدرك حقيقه واضحه جدا  لالبس فيها ولاغبار عليها, رغم ماقيل ومايقال عن اخفاقات التجربه الكويتيه وتعويقها لعملية التنميه فى البلاد . وهذه  الحقيقه تتمثل فى قدرة المجتمع الكويتى على تحمل  فى داخله من تناقضات وبروز القضاء كوسيله وحيده للفضل فى هذه التناقضات والاختلافات وهما ميزتان هامتان جدا فى ترسيخ  جوهر ومعنى واساس العمليه الديمقراطيه,  الجميع فى طريقه الى النيابه العامه ذهابا ورجوعا شيوخ ومسؤولين ووزراء وصحفيين ومواطنين. لكن لالجوء للعنف كسمه غالبه ورد فعل أولى على  أى مسأله أو قضيه. هذا مارسخته التجربه الكويتيه بشكل واضح على مدى خمسين عاما. حفرت فى بنية المجتمع القبلى الصحراوى   عميقا لتغير الى حد ما  آلية الثأر والانتقام  كونها تتجه الى البدن والجسم الى  كونها مذكره مرفوعه الى طاولة القضاء , انتقل الانتقام من الجسم الى  الفكر والتأديب المعنوى وربما الجسم  الذى تمتلك حقه هنا الدوله فقط. هذا إنجاز بحد ذاته. ولك أن تقول بعد ذلك ماشئت فى ما يخص تقييم التجربه الكويتيه وتعديد مثالبها وإخفاقاتها. إن تفكيك آاية الانتقام  أو الاستجابه الى النقد فى مجتمعات قبليه  أو طائفيه ليست بالأمر السهل. إن قدرة المجتمع على تحمل  ما فى داخله من تناقضات هى الطريقه الاولى  لولوج باب الديمقراطيه والتحول نحوها.أن يعيش المجتمع بتناقضاته داخله دون حراك  لايعنى أنه  فى صحه جيده, مرحلة السكون هذه  لايمكن لها أن تمتد كثيرا أو أن تستمر طويلا, الحركه أساسا تقوم على التناقض  والتنقل بين المتناقضات. مجتمع المجامله  على حساب الحقيقه مجتمع لايمكن للديمقراطيه أن تلجه حتى يلج الجمل من سم الخياط, مجتمع الخوف من النقد مجتمع غير بشرى يعيش فى يوتوبيا زائفه لاتلبث أن تنقشع, مجتمع يحل تناقضاته عن طريق إزاحتها  من وعيه الى نطاق اللاوعى  للخلاص من الذنب الذى يستشعره يعيش أحلاما مزعجه وكوابيس سوداء لأن اللاوعى لايختفى ولايزول حتى يخرج ويوضع على الطاوله لايجاد الحلول اللازمه له..
مهمة مجلسنا القادم أولا فى بث مكامن قدرة المجتمع على تحمل تناقضاته وإخراج ما فى جوفه من  مشاكل وعُقد الى السطح لمواجهتها   . علينا بالبحث إذن عن مرشحين سوبر  لهم القدره على إحتمال ذواتهم ومتناقضاتهم والاعتراف بها  حتى يمكن  لهم أن يبثوا فى المجتمع دماء القدره على إحتمال ذاته ومتناقضاته.

الثلاثاء، 24 يناير 2012

فقر التاريخ العربى



الخروج الآمن أوالقتل حتى السحل  هما البعدان  الذى يتحرك تاريخنا العربى المضطرب بينهما, فى الوسط ثمة فراغ ملحوظ للمساءله القانونيه, أو لتحمل المسؤوليه بشجاعه  إذا ما استثنينا  نماذج فرديه قليله لاتعد, لاوجود لثقافة الاعتراف أو الاعتذار, لاحضور للمراجعه الذاتيه. القتل حتى السحل  يكاد يكون سمه واضحه فى تاريخنا العربى  قديمه وحديثه إلا أن  منظومة الخروج الآمن جديده عليه بعض الشىء, كيف يخرج آمنا من أهدر الدماء واسالها أنهارا تجرى, كيف يخرج آمنا من تسبب فى تعطيل حياة الملايين لا لشىء سوى لتشبثه بكرسى الحكم أو لتنصيب ولده خليفة له. إذا كان تاريخنا قد إبتدع السحل سابقا فأنه يبتدع  ماهو أشنع منه  حاضرا يترك القاتل بل يحميه ودموع أهل الضحايا بالملايين تعايشه  حيا يمر فى اسواقها ويظهر بين جنباتها  أين ما نظرت. مالذى جعل من تاريخنا نشازا فى حكمه وفى حا كميه ؟ مالذى جعله يبتدع للظالم مخبأء وللقاتل جدارا يستتر خلفه؟ للإجابة على ذلك لابد من الاعتراف بفقر تاريخنا العربى  من النموذج السياسى ومن التجربه ومن الفقه السياسي  الانسانى الحقيقى كتيار عام ,كانت خصوصيته فى نموذج المستبد العادل وفقه السياسه السلطانيه التى تبرر للسلطان ما ليس للرحمن, تأصل الاستبداد حتى أصبح سلوكا يوميا للشارع الحاكم يستوى فيه والمحكوم حتى أن  المحكوم يستوى قبل الحاكم فى الدفاع عنه, تماهت الضحيه مع الجلاد حتى أصبحت تبتسم  وسكينه على رقبتها, من ينادى اليوم بخروج الظلمه  آمنين دون عقاب أو جزاء هم ضحايا  ثقافة الاستبداد العربيه التى رأت فى الظلم شيمة من شيم النفوس الكريمه, استطاعت هذه السياسه أن ترسخ للظلم وللإستبداد ليكون نمط حياه  فالانسان فى نظرها أما ظالم أو مظلوم فبالتالى ألافضل أن يكون ظالما لأنها درجة أرفع طالما  لامعيار  آخر يمكن الاحتكام إليه بالرغم من ثقل المحتوى الدينى لثقافتنا الدينيه إلا أنه  مجير  لصالح القوه والظلم حتى فى مكان وزمان الرحمه والعدل  . اليوم تجرى مأسسة هذه الثقافه لتدخل فى قاموسنا السياسى السلطانى الحديث تحت مسمى الخروج الآمن وستندرج غدا ضمن أدبيات الجامعه العربيه مصدره من رؤى مجلس التعاون الخليجى التى كان له السبق فى ابتداعها رغم أن ظروفه لم تصل بعد لتطبيقها محليا قد تبدو تصورا ممكنا قبل الانغماس فى الدم حتى الركب ,ولكنه إفتراء على السماء والارض بعد ذلك. على كل حال فهى رؤيه خليجيه متقدمه لوضع عربى متأخر جدا فهى قد تصلح هنا اليوم, لكن لايمكن أن تصلح هناك.

المجلس القادم من صمت" أبو الهول" إلى فضاء التعبير عن الرأى




 فى محاوله لوضع  علامات  وإشارات لتحسين نتاج الانتخابات التشريعيه الاولى ما أمكن وذلك لأول مجلس شورى منتخب فى تاريخ الدوله, لابد من  إيضاح بعض النقاط الهامه المساعده فى تحقيق الأمل المنشود منها  قدر المستطاع  فلعل بصيص من الأمل يهتك سترا من أسترار التشاؤم والوجوم.

أ ولا:   يجب إظهار الدوله كمشروع مجتمعى يهم ويخص الجميع , وهى الطريقه الوحيده لإنتزاع  أطراف العمليه الإنتخابيه من مرجعياتهم الأولى سواء الطائفيه أو القبليه.

ثانيا :  العنايه بالطبقه الوسطى وتوسيعها  والمحافظه عليها من الاندثار, حيث لوحظ فى السنوات الاخيره تآكلها بشكل ملحوظ, وهى طبقة القيم  والاعتدال فى أى مجتمع وترتكز عليها أى عمليه ديمقراطيه لإمتلاكها  قدر من الرأى العام المستقل.
ثالثا:  أن يرتبط إنجاز الدوله بما يخدم العمليه الديمقراطيه بمعنى فى مجالات المجتمع التشابكيه وليست الفئويه وفى مقدمتها كما ذكرت دعم الطبقه الوسطى وتقويه مؤسسات الدوله المدنيه وخاصة القضاء المستقل والخدمات الاجتماعيه بما يحفظ كرامته واستقلالية رأيه.

رابعا: مجالس مابعد الربيع العربى المنتخبه فى تونس ومصر واليمن وقريبا ليبيا وسوريا  ستعيد تشكيل جهاز الدوله فى البلدان المذكوره  بدساتير جديده وسلطات رئاسيه تنفيذيه جديده , الدوله الخليجيه قائمه ولكن  إنجازها سيكون فى فك الارتباط وتداخل  السلطات فيما بينها, بما يكفل أفق أوسع ومساحه من الحركه أكبر للمجالس المنتخبه وفى مقدمتها مجلسنا القادم.

خامسا: المرشح الصامت لايساعد على تطور العمليه الديمقراطيه, لابد من  التشجيع على إبداء الرأى , مسؤولية وسائل الاعلام والصحافه فى الفتره القادمه هامه, ذهنية المنتخب هامه جدا لكى تُعرف  بعيدا عن المرجعيه الاولى, هناك ذهنيه قادره على  الاجتياز والتحول وهى المطلوبه وهناك ذهنيه متجمده حول الذات والافق الضيق, يفرزها الاعلام وتسليط الضوء قد لاتفوز أو لاتحقق نصرا فى حينه ولكن إبرازها ورعايتها وعدم المساس بها هو  طريق التحول والانتقال.

سادسا: قدرة تحمل الدوله لما فى داخل أحشائها من تناقضات طبيعيه واختلافات لوجهات النظر عامل مهم  لنجاح اى عمليه ديمقراطيه قادمه,  وجود الاختلافات دليل صحه, الشعارات المتشا بهه والتماثليه دليل مرض أو فراغ سياسى واجتماعى فبالتالى  لاضروره لأى عمليه ديمقراطيه فالناخب واحد والمرشح واحد. المجتمع المتشابهه غير موجود , ما يوجد هو  التظاهر بالتشابهه لظروف اجتماعيه تستدعيه بهتانا وظلما,  بينما يتخذ التعبير عن الرأى طريقا سلبيا الى  الاسفل بدلا من الاعلى  ولايخدم ذلك  لا المجتمع ولاتقدمه.  
 سابعا: كثير من الكلام خير منه صمت أبو الهول المزمن مالم يكن إبداء للرأى فى هذا الخصوص بالذات ولايتم ذلك الا بالشعور بالحريه والتشجيع   وبروح المجتمع  إبداء الرأى والدفاع عنه ثقافه لابد من غرسها,  وهوما نأمله  مستقبلا.

الاثنين، 23 يناير 2012

المرشح القطرى القادم بين ثقافة الصبر ومنطق التشريع والرقابه




لاأشك أن الاقبال سيكون كبيرا على انتخابات مجلس الشورى القادمه بعد سنه أو يزيد قليلا. لاأشك أن الحماس سيلهب الكثير طموحا ورغبة فى خدمة البلد , لاأشك ان هناك شخصيات كبيره ومعروفه ستترشح للدخول فى هذا المجلس المنتخب و كل هذه الامور أمور طبيعيه  بل وضروريه لأهمية دور المجلس المنتخب ولأهمية المشاركه فى التشريع الصانع للقرار مهما كانت نسبة هذه المشاركه ولعلها البدايه التى لامناص منها. وحتى ينجلى الامر عن قانون الانتخاب المرتقب وشروط المرشح والناخب وتقسيم الدوائر الانتخابيه  فى حينه, هناك بعض الملاحظات أود لو اسوقها فى هذا الخصوص.

أولا :  طالما ليس هناك تيارات واضحه فكريه او سياسيه فى البلد فلايحكم الانتخاب سوى الجانب الشخصى والقبلى وبالتالى سيكون  الجاه الاجتماعى والمالى له الحظوه الكبرى على غيره من الاعتبارات.
ثانيا: فى الانتخابات البلديه دخل المجلس مرشحون  لاتتعدى الاصوات التى حصلوا عليها على بضعة مئات بل بضع من مائه أو مائتان.  النائب الرقابى والتشريعى يحتاج الى كتله , يتحرك من خلالها ويتحسس من داخلها رغبة الشعب والمواطن, لذلك قضية التوزيع للدوائر هامه جدا.

ثالثا: يجب البعد عن  كلاشيه البرنامج الانتخابى فليست هناك برنامج انتخابيه لأى مرشح  فى قطر , فالبرنامج الانتخابى يقوم اساسا للأحزاب التى عندما تصل الى الحكم تعمل على تنفيذه.

رابعا:  شدة تعلق الناس بقضية الانتخابات التشريعيه جعلهم ينسون أن الامر  يتعلق كذلك بالسلطتين الاخرتين وهما التنفيذيه والقضائيه, فأما أن يكون الأمر اصطفافا أو أن يحصل التعديل فى جميع السلطات بما يقضى فصلهم  وتعاونهم.

خامسا: المجتمع القطرى مجتمع مؤدب ويستعيض بإظهار الصبر عن المطالبه نظرا لأواصر الترابط القوى  مع بعضه البعض حكومة وشعبا, فهو فى طلبه خجول فى حين  أن المجالس التشريعه هى مطالبه بصوت عال وجهورى لأن المنتخب هو صوت أولا وأخيرا, والرقابه قد تحتمل القسوه على التصرفات لا الأشخاص, مثل هذه الفجوه  يجب  تعديها وردمها بمعالجه قانونيه دستوريه واضحه تنقل المجتمع من ثقافه الى أخرى

سادسا: سيمر على الدستور حين الانتخابات ما يقارب العشر سنوات من التصويت عليه , فتره إنقلبت فيها الدنيا رأسا على عقب إقليميا ودوليا وقفزت الشعوب بل والحريات كمطلب رئيس قفزات كبيره الى الأمام من هنا تأتى مسألة  إدخال مفاهيم جديده الى العمليه الديمقراطيه ذاتها  كونها مساحه للحريه أمرا مطروحا.