الثلاثاء، 24 يناير 2012

فقر التاريخ العربى



الخروج الآمن أوالقتل حتى السحل  هما البعدان  الذى يتحرك تاريخنا العربى المضطرب بينهما, فى الوسط ثمة فراغ ملحوظ للمساءله القانونيه, أو لتحمل المسؤوليه بشجاعه  إذا ما استثنينا  نماذج فرديه قليله لاتعد, لاوجود لثقافة الاعتراف أو الاعتذار, لاحضور للمراجعه الذاتيه. القتل حتى السحل  يكاد يكون سمه واضحه فى تاريخنا العربى  قديمه وحديثه إلا أن  منظومة الخروج الآمن جديده عليه بعض الشىء, كيف يخرج آمنا من أهدر الدماء واسالها أنهارا تجرى, كيف يخرج آمنا من تسبب فى تعطيل حياة الملايين لا لشىء سوى لتشبثه بكرسى الحكم أو لتنصيب ولده خليفة له. إذا كان تاريخنا قد إبتدع السحل سابقا فأنه يبتدع  ماهو أشنع منه  حاضرا يترك القاتل بل يحميه ودموع أهل الضحايا بالملايين تعايشه  حيا يمر فى اسواقها ويظهر بين جنباتها  أين ما نظرت. مالذى جعل من تاريخنا نشازا فى حكمه وفى حا كميه ؟ مالذى جعله يبتدع للظالم مخبأء وللقاتل جدارا يستتر خلفه؟ للإجابة على ذلك لابد من الاعتراف بفقر تاريخنا العربى  من النموذج السياسى ومن التجربه ومن الفقه السياسي  الانسانى الحقيقى كتيار عام ,كانت خصوصيته فى نموذج المستبد العادل وفقه السياسه السلطانيه التى تبرر للسلطان ما ليس للرحمن, تأصل الاستبداد حتى أصبح سلوكا يوميا للشارع الحاكم يستوى فيه والمحكوم حتى أن  المحكوم يستوى قبل الحاكم فى الدفاع عنه, تماهت الضحيه مع الجلاد حتى أصبحت تبتسم  وسكينه على رقبتها, من ينادى اليوم بخروج الظلمه  آمنين دون عقاب أو جزاء هم ضحايا  ثقافة الاستبداد العربيه التى رأت فى الظلم شيمة من شيم النفوس الكريمه, استطاعت هذه السياسه أن ترسخ للظلم وللإستبداد ليكون نمط حياه  فالانسان فى نظرها أما ظالم أو مظلوم فبالتالى ألافضل أن يكون ظالما لأنها درجة أرفع طالما  لامعيار  آخر يمكن الاحتكام إليه بالرغم من ثقل المحتوى الدينى لثقافتنا الدينيه إلا أنه  مجير  لصالح القوه والظلم حتى فى مكان وزمان الرحمه والعدل  . اليوم تجرى مأسسة هذه الثقافه لتدخل فى قاموسنا السياسى السلطانى الحديث تحت مسمى الخروج الآمن وستندرج غدا ضمن أدبيات الجامعه العربيه مصدره من رؤى مجلس التعاون الخليجى التى كان له السبق فى ابتداعها رغم أن ظروفه لم تصل بعد لتطبيقها محليا قد تبدو تصورا ممكنا قبل الانغماس فى الدم حتى الركب ,ولكنه إفتراء على السماء والارض بعد ذلك. على كل حال فهى رؤيه خليجيه متقدمه لوضع عربى متأخر جدا فهى قد تصلح هنا اليوم, لكن لايمكن أن تصلح هناك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق