الثلاثاء، 6 يناير 2015

سقوط وزارة الثقافه أمام إختبار الثقافه



أولا: أنا لست مع دعوة فاطمة ناعوت لمعرض الكتاب في قطر في هذه الظروف بالذات , فلاتزال الثقافه متاثره بالسياسه الى درجة الشلل التام , كما أطلعت على بعض تغريداتها المسيئه لقطر التي تثير الشفقه عندي أكثر مما تثير الغيظ , فدور قطر أكبر من تغريداتها ومن تهجمها.
ثانيا :الثقافه والتعليم ليسا استجابه لرغبات المجتمع بقدر ماهما إعلاء لهذه الرغبات بعدا عن المرجعيات الاولى ذات الطابع العصبوي .
ثالثا:طالما وجهت لها وزارة الثقافه الدعوه , فالمفترض أن تبرر ذلك , لاأن تتراجع وتلغي الدعوه , وتحرجها تلك بأنها لم توافق بعد على الحضور, هنا يظهر هشاشة دورها , وعدم وجود رؤيه واضحه لها .
رابعا:أوجدت الازمه السياسيه في عالمنا العربي نتيجة ما يعتريه من أحداث جسام عقولاانعزاليه"جزيريه" من جزيره"و ساعدت وسائل الاتصال الاجتماعي على تكوينها , فالكل يمنع االبعض , والبعض يقصي الكل, تحت مسميات كثيره منها الطائفيه ومنها السياسيه ومنها العائليه, كان من المفترض أن تتجاوز الثقافه والتعليم , هذه العقول لاأن تسقط فريسة لها , .
خامسا:دور الثقافه والتعليم مهم جدا , لذلك لابد من ايجاد رؤيه لهما تتجاوز الرؤيه السياسيه لدى البلد أو النظام ولقد اشار سمو الامير الشيخ تميم في خطابه امام القمه الخليجيه لذلك حينما اكد أنه" لايجب أن تصل خلافاتنا الى شعوبنا", هنا تأكيد واضح على دور الثقافه ودور مؤسسات التعليم,
سادسا: الثقافه ومؤسسات التربيه والتعليم , توضع لها سياسات ذات اطار انساني قومي واسع , حتى يمكن من خلالهما تجاوز الخلافات السياسيه و لاأن يكونا ضمن الاجنده السياسيه, وهذا هو سبب مآسي الأمة, تأتي الثقافه الرسميه على حساب الثقافه القوميه الانسانيه الاشمل, وتأتي البرامج التعليميه القُطريه على حساب البرامج العربيه الاسلاميه المشتركه.
سابعا: بإلغائها للدعوه خانت وزارة الثقافه دورها كمنبر لتجاوز الخلافات , وإقامة الحوار بدلا من المنع, تماما كما فعلت جامعة قطر سابقا بإلغاء محاضرة بدريه البشر بعد دعوتها , استجابة لرغبات بعض الطلبه بدلا من إعلائها للحوار معها.
ثامنا: لايمكن ان تتطور الدول والثقافه جزء من السياسه , النظام الانكليزي مثلا لايرحب بكثير من المبعدين والذي يسببون له الحرج ولكن الثقافه الانكليزيه تحتضنهم ,ولقد أقامت الدوله هناك دعاوى لترحيلهم , لكن القضاء"الثقافه" رفض ذلك., وكذلك الامر في كثير من دول العالم المتقدم.
تاسعا: بادرت وزارة الثقافه من خلال موقعها او موقع دار الكتب بتطمين المغردين بان فاطمه ناعوت لن تحضر و هنا ينطلق خوفها من وجودها الرسمي لا من دورها الثقافي , لاحظ سرعة الرد ونفي التهمه.فالتبرير دور ثقافي في حين ان النفي ميكانزم سياسي
عاشرا: هناك الدكتور عبد الخالق عبدالله من الامارات انتقد قطر كثير الى درجة التهديد إبان ايام الخلاف الذاهب انشالله الى غير رجعه,ويأتي ويحاضر في جامعاتنا بل هو عضو تدريس في جامعة قطر., هذا هو دور الثقافه في المجتمع أن تُحيد الخلاف لا أن تقع فريسة فيه.
أحد عشر: انا اعتقد ان وزارة الثقافه فشلت في ترجمة خطاب سمو الامير المفدي في افتتاحه لمؤتمر القمه الخليجي الاخير" الذي أكد على دور الثقافه بأن تبعد خلافات القاده عن الشعوب , حيث لم تستطع إقناع المجتمع بأن الخلاف الثقافي شىء والخلاف السياسي شىء آخر , من خلال جزئية تراجعها عن دعوة فاطمه الناعوت لحضور نشاطات معرض الكتاب, بدلا من تبريرها المنطلق من الوعي بدورها , هل كانت دعوتها اصلا عن وعي بدورها , اذا كان كذلك فالتراجع سقوط, أما اذا كان بعشوائيه وجهل ولااعتقد ذلك فالمحاضره مرتبه ومجدوله ومعنونه توقيتا وزمنا فاستهتار وعدم اكتراث بطبيعة المجتمع الذي تعمل فيه.
إثنا عشر: تويتر" في عالمنا العربي له طبيعه خاصه نظرا لعدم توفر وسائل التعبير الرسميه الدستوريه بشكل منظم و فهو حاله من الاستجابه الأوليه و لاينبغي أن تقاس دائما كمؤشر للرأي العام او كتوجه ثقافي , فقد تجد الكثير من التغريدات المطالبه بشىء ما , ولكن لو نزلت الشارع لن تجد احدا أو افرادا يعدون على الاصابع , ممكن أن يكون موجها لكثير من اماكن الخلل في الخدمات , لكن فيما يتعلق بدور الثقافه ومؤسسات التعليم لاينبغي ان تكون هناك استجابه مباشره ميكانيكيه له"تويتر" بقدر ما يكون إعلاء نحو اهدافهما لخلق مجتمع المستقبل, بدلا لإحتوائه لهما ضمن نسق المجتمع القائم , ولازلنا نتذكر سقوط وزير الاعلام السعودي مؤخرا جراء استجابته المباشره لمغردين طالبوا باغلاق قناة وصال و ليس لان ذلك خطأ بقدر ماهو إستجابه لمثير انفعالي لاينبغي للمؤسسه او الوزارة صاحبة الرؤيه والاستراتيجيه الاخذ به مباشرة والا وضح ضعف بنيتها الهيكليه الاداريه

الأحد، 4 يناير 2015

"الخمر" بين الدوله والمجتمع في الخليج


تشكل قضية الخمر في دول الخليج موضوع خلاف مستمر بين المجتمع والدوله لسببين أولهما ديني وهو أن الدوله تقع ضمن دائرة الدين لدى التصور العام لهذه المجتمعات , وثانيهما سياسي وهو ان السلطه لاتعبر تعبيرا صادقا عن المجتمع ورغباته وتطلعاته , ففيما عدا الكويت التي منعت الخمر منذ الستينيات نتيجه قانون صادر من مجلس الامة الكويتي,فإن جميع دول الخليج الاخرى كان السماح بالخمر او بمنعه تبعا لتطلعات ورؤية السلطه.لذلك هو قضية دائمة الظهور على السطح عندما يعجز المجتمع عن ترجمة رغباته المدنيه الاخرى , التي هي اساسا اكثر اهمية من منع الخمر أو الشيشه أو سياقة المرأه للسياره, والتي من خلالها يمكن ان يعبر المجتمع عن ذاته بصوره اكثر تطابقا مع رغباته. فيمنع أو يسمح كما يريد.يدخل المجتمع الدوله ضمن البنيه الدينيه التي يؤمن بها , ليمكنه مواجهتها ايديولوجيا , بعدما استلبته دستوريا. يطالب اليوم نائب كويتي حكومته بالسماح بالخمر في مواجهه سياسيه مع خصومه من المتديين, فيما يطالب ناشطون قطريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي حكومتهم بمنع الخمر على الناقل الوطني لدوللدوله وفي البلد ايضا. في الكويت البرلمان منع الخمر , في قطر الحكومه سمحت بالخمر, لذلك في الكويت يمكن تناول القضيه سياسيا من داخل مجلس الأمة , ولكن في قطر يجرى تداولها دينيا بشكل مباشر من خلال نصوص واحاديث مع غياب الآليه التي يمكن أن تحقق ذلك فلاعتماد فقط على العاطفه الدينيه والتذكير بما يدعم هذا التوجه من الكتاب والسنه., هناك القضيه داخل الدوله, هنا القضيه تتناول من خارج الدوله, حيث لاترجمه سياسية اودستوريه ممكنه حتى الآن. في البحرين هناك محاولات عن طريق مجلس النواب في هذا الاتجاه , سمعت انها آتت أكلها عن طريق التقنين , سواء في البيع أو في الترخيص في الفنادق. إستطاعت السلطه العربيه ان تجعل من قضايا الخمر وسياقة المرأه قضايا دينيه بامتياز دون ايجاد الرافعه الضروريه لمقاربتها سياسيا ترسخ خوفا من اتساع الدائره لتتناول قضايا راهنه اهم من قضية الخمر او سياقة المرأه كقضية التحول الديمقراطي أوالفساد أو المال العام , فتركت مواطنها مشغولا بالخوف على الدين بشكل مستمر وحددت له ما يجب أن يخاف على مجتمعه منه كالقضايا التي ذكرت بينما أخرجت من وعيه الديني بشكل اوبآخر قضايا من صلب الدين ومن صلب العصر كقضية المال العام والفساد ونهب الثروات والتحول الديمقراطي , فهي قضايا النخبه أو اهل السلطه أو ولاة الأمور.قضية "الخمر " في مجتمعات الخليج تعكس تطور هذه المجتمعات سياسيا, ففي حالة المنع, يشتكي البعض , وفي حالة السماح يشتكي البعض الاكثر ربما , ولكن في كلا الحالتين لاتعبر الشكوى عن حقيقتها كامله, لان المسموح به فقط هو الشكوى من الاعراض وليس علاجها.