الأحد، 4 يناير 2015

"الخمر" بين الدوله والمجتمع في الخليج


تشكل قضية الخمر في دول الخليج موضوع خلاف مستمر بين المجتمع والدوله لسببين أولهما ديني وهو أن الدوله تقع ضمن دائرة الدين لدى التصور العام لهذه المجتمعات , وثانيهما سياسي وهو ان السلطه لاتعبر تعبيرا صادقا عن المجتمع ورغباته وتطلعاته , ففيما عدا الكويت التي منعت الخمر منذ الستينيات نتيجه قانون صادر من مجلس الامة الكويتي,فإن جميع دول الخليج الاخرى كان السماح بالخمر او بمنعه تبعا لتطلعات ورؤية السلطه.لذلك هو قضية دائمة الظهور على السطح عندما يعجز المجتمع عن ترجمة رغباته المدنيه الاخرى , التي هي اساسا اكثر اهمية من منع الخمر أو الشيشه أو سياقة المرأه للسياره, والتي من خلالها يمكن ان يعبر المجتمع عن ذاته بصوره اكثر تطابقا مع رغباته. فيمنع أو يسمح كما يريد.يدخل المجتمع الدوله ضمن البنيه الدينيه التي يؤمن بها , ليمكنه مواجهتها ايديولوجيا , بعدما استلبته دستوريا. يطالب اليوم نائب كويتي حكومته بالسماح بالخمر في مواجهه سياسيه مع خصومه من المتديين, فيما يطالب ناشطون قطريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي حكومتهم بمنع الخمر على الناقل الوطني لدوللدوله وفي البلد ايضا. في الكويت البرلمان منع الخمر , في قطر الحكومه سمحت بالخمر, لذلك في الكويت يمكن تناول القضيه سياسيا من داخل مجلس الأمة , ولكن في قطر يجرى تداولها دينيا بشكل مباشر من خلال نصوص واحاديث مع غياب الآليه التي يمكن أن تحقق ذلك فلاعتماد فقط على العاطفه الدينيه والتذكير بما يدعم هذا التوجه من الكتاب والسنه., هناك القضيه داخل الدوله, هنا القضيه تتناول من خارج الدوله, حيث لاترجمه سياسية اودستوريه ممكنه حتى الآن. في البحرين هناك محاولات عن طريق مجلس النواب في هذا الاتجاه , سمعت انها آتت أكلها عن طريق التقنين , سواء في البيع أو في الترخيص في الفنادق. إستطاعت السلطه العربيه ان تجعل من قضايا الخمر وسياقة المرأه قضايا دينيه بامتياز دون ايجاد الرافعه الضروريه لمقاربتها سياسيا ترسخ خوفا من اتساع الدائره لتتناول قضايا راهنه اهم من قضية الخمر او سياقة المرأه كقضية التحول الديمقراطي أوالفساد أو المال العام , فتركت مواطنها مشغولا بالخوف على الدين بشكل مستمر وحددت له ما يجب أن يخاف على مجتمعه منه كالقضايا التي ذكرت بينما أخرجت من وعيه الديني بشكل اوبآخر قضايا من صلب الدين ومن صلب العصر كقضية المال العام والفساد ونهب الثروات والتحول الديمقراطي , فهي قضايا النخبه أو اهل السلطه أو ولاة الأمور.قضية "الخمر " في مجتمعات الخليج تعكس تطور هذه المجتمعات سياسيا, ففي حالة المنع, يشتكي البعض , وفي حالة السماح يشتكي البعض الاكثر ربما , ولكن في كلا الحالتين لاتعبر الشكوى عن حقيقتها كامله, لان المسموح به فقط هو الشكوى من الاعراض وليس علاجها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق