الخميس، 7 سبتمبر 2017

سماحة البابا وقداسة المفتي




"اللهم لاتجعل مصيبتنا في ديننا ولاتجعل الدنيا أكبر هَمنا" هذا الدعاء العظيم , سمعته  بالتحديد وكما تسعفني الذاكرة لاول مرة في حياتي  عند زيارتي الأولى لمكة المكرمة معتمرا مع والدي رحمة الله   في سبعينيات القرن الماضي ولايزال يتكرر في سمعي  بالذات  كلما لاح لي الحرم الشريف والكعبة المشرفة. وأردده إسبوعيا مع خطيب الحرم في كل جمعة  إلا ان ما يحدث للإسلام بفعل  تقاعس المسلمين  وإنغماس علماء المسلمين  ومشايخهم  في السياسة ومصالحها وتبعيتهم  لأوامرها ومؤامراتها يؤكد بشكل لايدع مجالا للشك أن مصيبتنا في ديننا  أمر واقعٌ ونمارسه  بشكل دائم وبقصد مسبق .لقد بلغ بي التأثر مداه منذ بداية الحصار الظالم على قطر وحاصرني الحزن  من كل جانب وأنا أرى مجازر الحكومة البورمية في إخواننا المسلمين  الروهينجا وحار عقلي بين  موقفين  دينيين  إزاء هذه المجازر,أحدهما من قداسة بابا الفاتيكان والآخر من سماحة المفتي العام  للمملكة العربية السعودية الشقيقية,  وقلت لنفسي : هل يعقل  أن يصفهم  قداسة البابا " بإنهم  إخواننا وأخواتنا وبأنهم يُعذبون ويقتلون لا لشىء سوى أنهم على دينهم وثقافتهم  " كما هاجم قداستة سلطات ميانمار بسبب هذة المعاملة. في حين لم   يصدر عن سماحة المفتي العام  بيانا صريحا يدين هذة المجازر التي  لم يتعرض لها المسلمون  بمثل هذة البشاعة  من قبل ولم يشهد لها التاريخ مثيلا  في حقبه الاخيرة . في حين كان سماحتة مبادرا وحاسما في  تاييده لحصار دولة قطر وشعبها المسلم  الجار الشقيق في شهر رمضان العظيم مدعيا أن في ذلك خيرا لقطر ولإهلها.مثل هذه المفارقة  تجعل  الانسان يُفكر حتى  الأمور التي كنا نظنها بديهية ولاتحتاج الى نظر أو إعتبار. كيف تسمح سماحة الإسلام وغيرته في المفتي بأن لايدين رسميا  مجازر  إخوانه المسلمين في بورما ؟, وتسمح في نفس الوقت بأن يُحاصر شعب عربي مسلم شقيق من جهاته الثلاث في شهر فضيل وعظيم بل أن عظمته مستمدة من  صلة الارحام والقربى فيه, وفي المقابل  كيف دفعت قداسة البابا روحة الايمانية الانسانية بأن يقف مدافعا  عن المسلمين في ميانمار ويصدر بيانا رسميا بذلك  وهم   اصحاب دين آخر . لقد إنطَلقت  ياشيخنا الجليل من قداسة الأوامر السياسية الملقاة عليك   لذلك كنت أقرب إلى القداسة   منك إلى سماحة الاسلام,  في حين إنطلق البابا من سماحة الاديان وتعظيمها للإنسان فهو أقرب الى السماحة  منه الى القداسة  ,أين هي سماحة الاسلام ياشيخنا الفاضل وأنت تؤيد حصارا على بلد مسلم شقيق  في شهر فضيل  وانت لاتدرك  ولاتَعلم  سوى ما  يُقدم لك  فتسمع شيئا وتغيب عنك اشياء, وكيف عرفت أن في ذلك فائدة  لقطر ولشعبها  إلا من خلال ما يُصب في أذنيك من كذب وإفتراء.كان العشمُ فيك وفي دورك أكبر أوعلى الأقل كنت تنأى بأمانة الافتاء وبمنصبك وبالاسلام الذي  تتشرف بحمل إسمه في بلد الحرمين الشريفين من الولوج في مستنقع السياسة الآسن  , في حين أن قداسة البابا  الذي يستمد قداستة من ارتباطة بالكنيسة ولاعلاقة له بالسياسة إنطلق  من إيمانه ومن إنسانيتة الخالصة  فكان مؤثرا في بيانة ومتأثرا لإنسانية التي تأبى الظلم أيا كان مصدره, لقد كنت أنت الاجدر  بإدانة المذابح في في بورما منه  لأنهم إخواننا في الدين ,لقد كنت أنت الاجدر بقول الحق في  إدانة الحصار الجائر على قطر  لولا أنك  تُحبذ الاستماع لوحي الدنيا وأوامر  الاجندة السياسة وبريق بالمنصب على حساب  الانسان  والجار والاخ وسماحة الاسلام .

أتمنى أن تعود إلى السماحة  ممارسةً كما حَملتها  لقَبا طوال هذه السنين  , ياشيخنا الجليل,فإن شباب الاسلام اليوم قد أصابه الوهن  وخامرته الشكوك  مما يلاحظه من تناقض واضح في مواقفكم أنتم علماء السعودية بالذات , حتى أن رابطة العالم الاسلامي التي تضم أكثر من مائة وأربعون دولة إسلامية قد أصبحت مجيرة تماما للقرار السياسي السعودي سواء بالترغيب أو بالترهيب , حتى أن نسبة الالحاد في السعودية  هي الآن الاعلى بين دول العالم العربي "معهد غالوب الدولي في زيورخ"جراء هذه التناقضات.

إن موقفكم ياشيخنا الجليل  من حصار قطر بالذات ومن  مذابح الروهينجيا في بورما ينطلق من قداسة القرار السياسي , بينما قرار البابا ينطلق من سماحة  الاديان , لذلك أنت اجدر منه بحمل لقب قداسة المفتي العام   , وهو الاقرب لحمل لقب سماحة البابا  لإنطلاقة من قناعته الدينية فقط ,حيث لامدخل للسياسة عليه  , أسأل الله العلي العظيم أن يطيل في عمر قداستكم وأن يحفظكم ويسبغ وافر نعمَه عليكم.

اللهم إجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه


الأربعاء، 6 سبتمبر 2017

الفن "وعدٌ بالحقيقة"



في إعتقادي أن الفنان أهم من السياسي   , وأن المثقف أهم من الوزير في الأزمات, لأن الفن  والثقافة عموما حالة صدق  أو من المفترض أن تكون كذلك , في حين أن السياسة  حالة ظَرف. الفن والثقافة هما الوسط  الانساني الضروري  الذي يجب أن يُترك دونما تدخل من الجانب السياسي  ليبقى الباب مفتوحا للعودة  الى الحالة الطبيعية بعد إختفاء الظَرف. كم من الشعوب خرجت من أزماتها  عن طريق  وجود الثقافة كحالة مستقلة داخل المجتمع مع إنها إنعكاسا لواقعه الاجتماعي , كم من الشعوب وجدت حلولا لأزماتها مع الاخر عن طريق الواقع الثقافي والفني الحر والمستقل الذي كانت تعيشه تلك الشعوب ,  عندما يجد السياسي مأزقا يلجأ الى المثقف ليأخذ منه وليستمع الى رأيه , لذلك بقاء الثقافة والفن بمعزل عن  الازمات السياسية ضمانٌ للمجتمع, لم تهمني تصريحات الجبير  ولا العتيبة بقدر ما آلمني  تجييش الفنانين للغناء ضد قطر ليس لأن في ذلك إلحقا لقا لضرر مادي بها , بقدر ماهو مصادرة لمشاعر المجتمع  وتسليع للإبداع فيه, كنت دائما على إيمان بان الفن هو طريقنا  نحن الشعوب في مواجهة  الاستبداد والطغيان , كنت دائما على إيمان بأن الفن هو مايجمع شعوبنا من المحيط الى الخليج وليس السياسة, وقف سارتر ضد استعمار فرنسا للجزائر  , ووقفت جين فوندا ضد حرب فيتنام , الفن مؤثر جدا عندما  يكون مستقلا  وحرا , إذا قبضت الدولة على الفن فأعلم بأن المصير أسود  لأنك اقفلت الطريق أمام الخيال  وعاشت الواقع الضيق بكل تفاصيله ,  لذلك نرى الانظمة التي صادرت حق الفنان وعملت على تجييرة زالت في طريقها الى الزوال , إلتحق  الفيلسوف هايدغر بالنظام النازي أيام هتلر  مسايرة لوضعه كأستاذ ومدير للجامعة  فخسر سمعته على الرغم من تفردة المذهل  بخطة الوجودي والذي نهل منه الكثير بعده ,  ووقف دريد لحام    في صف طاغية دمشق الامر الذي أفقده  مكانته لدى الشعب العربي, وكان صدام حسين بعد غزوه للكويت يبحث عن فنانيها ومثقفيها  إدراكا منه لأهمية الفن كحامل وكلاحم  يجمع  أجزاء المجتمع, لذلك تسير مجتمعات الاستبداد الى حيث حتفها  عندما  تصادر حق المجتمع في التعبير عن ذاته  فنيا وثقافيا , الانجاز الكبير للمجتمعات الغربية  أنها أوجدت مساحة بين النظام السياسي  وحركة المجتمع الثقافية والفنية, إيمانا منها بأن ذلك في صالح المجتمع  وفي صالح النظام أيضا  لتعديل مساراته  وإيجاد الحلول ,لماذا الفن  ودور الفنان مهما جدا في الازمات  لأنه "يقول ما كان يُخفية المجتمع " في الايام الرتيبة. اليوم أنا أكثر تشاؤما من ذي قبل بالنسبة لأزمة الحصار الجائر , لأن السلطات في دول الجوار  قد عملت على إلحاق الوسط الفني والثقافي  بقرارات السياسي بشكل فج لذلك أوصدت جميع النوافذ لدخول هواء نقي  يمكن أن يُمثل  أملا وتراجعا للسياسي عن غيه وصلافته. لم يعد  بإمكان هذه الشعوب أن ترى الفرق بين القبح والجمال فلقد جرت عملية مصادرة  واضحة  للذوق العام لديها  عن طريق تسليع الفن  والفنانين لم يعد محمد عبده  وعبدالمجيد عبدالله يعنيان أكثر من سلعة تشتريها من أقرب سوبر ماركت.لم يعد يعني شعر "دايم السيف" سيفا ولاديمومة بعد  أن أصبح بضاعة رخيصة  تحركها أهواء السياسة وطمع الاستحواذ والشعور بالعظمة. الاشكالية الكبرى في إستحواذ السياسي على الثقافي داخل المجتمع يتمثل في أنه يقطع طريق التفاعل  الحقيقي  بين  التناقضات  والاختلافات داخل المجتمع من أن تكون مصدرا  الى فكر جديدا  ينهض من بين أنقاض هذة التناقضات والاختلافات , وفي هذا إضرار للمجتمع  وقتل لتطوره  وتأبيدٌ للوضع الراهن.

لقد قتلتم بفعلكم هذا  الفن  ك "وعد بالحقيقة " والبحث عنها  وفرضتم  حقيقة واحدة أنكم أجبن من أن تستمعون  الى حقيقة ما تمليه عليكم ضمائركم إذا كانت هناك لاتزال لديكم ضمائر على قيد الحياة, إن الفن ياسادة يعكس ذات الانسان وتاريخه  بشكل أصدق من جميع الروايات والقصص والوثائق التي تبنون عليها  مجدكم وتاريخكم.

الاثنين، 4 سبتمبر 2017

السعودية عودة الوعي أم إستمرار في الغيَ؟




حصار قطر في إعتقادي نذير شؤم على دول الحصار وخاصة المملكة العربية السعودية , نظرا لطبيعة  نظامها  القائم على  إحداث الضرر   دائما  في الجوار خوفا  وتحصينا وصرفا للنظر عن الداخل الهش خوفا من  رياح التغيير ولي هنا بعض الملاحظات:

أولا: حدود السعودية دائما حدودٌ متحركة  مع الجوار  ودافع التوسع دائما هو هاجس الدولة الدائم والمستمر , لها خلافات حدودية مع جميع جيرانها بلا إستثناء  تسخن  كلما إستدعى الوضع الداخلي ذلك وتبرد كلما إقتضت  مصحلته أيضا.

ثانيا:  النظام السعودي نظام براجماتي الى درجة كبيرة  وإن إدعى  الكثير من المثالية الدينية الاسلامية ,حيث لايمثل الاسلام  في أجندته سوى  وسيلة براجماتية  فلدية قدرة كبيرة في تقمص  إرادة الخير في مقابل إرادة الشر , إلا أن هذة الأزمة كشفت  كثيرا من  الفجوات في مفهوم الخير الضيق الذي يعتمدة النظام السعودي ومفهوم الشر الواسع الذي يصمه لمن يخالفه .

ثالثا: أنشأ النظام السعودي رابطة العالم الاسلامي  منذ الستينيات  لمواجهة  التيار القومي  وهاهو يستغلها اليوم بشكل فج لاهدافه السياسية من خلال الدعوة لمقاطعة قطر وكيف يمكن لمنظمة إسلامية أن تتبنى  موقفا سياسيا  ضيقا بلا إعتبار  لوضعها الاخلاقي والديني؟

رابعا: وقفت السعودية في الماضي مع الامام الحوثي ضد الثورة في اليمن  واليوم تحارب الحوثي حتى آخر يمني  على قيد الحياة رغم الفشل الذريع  حيث اثبتت عاصفة الحزم أنها ليست سوى نزوة  غير محسوبة المخاطر , فالشعب اليوم في اليمن يمر بمجاعة ولم يشهدها في تاريخة  وتفشى للأمراض يفتك بأبناءه لم يشهد له التاريخ الحديث مثيلا

خامسا: لايسعى النظام السعودي الى إقفال الملفات مع دول الجوار, ولايسعى الى حلها  في نفس الوقت والدليل  الازمة الراهنة  مع قطر حيث كل مايحتفظ به  من إدعاءات  مضى عليها أكثر من عقد من الزمن  وتخللتها فترات  طويلة من شهر عسل توج بزيارة تاريخية للملك سلمان منذ شهور قليلة, لكن الوضع الداخلي تطلب أن  تكون أزمة  بهذة الشدة والعنف.

سادسا:حتى ميثاق الدرعية الشهير بين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب  الداعي لتنقية الدين من الشوائب عام 1745 والذي يُعتبر إساس  ومرجعية النظام السعودي السياسية , جعله نظام "المحمدين" دكا وكأن لم يكن ونحن نشاهد  غلاة الشيعة على جبل عرفة منذ أيام وهويمارسون بدعهم وضلالاتهم.

سابعا: في حين كانت الكويت تدفع رواتب  هيئة التدريس في جامعة صنعاء والتي أنشأتها أيضا الكويت , كانت السعودية ترشي القبائل وتستعدي الواحدة على الاخرى لتأمين حدودها  وشراء الذمم ,"الشرعي إعلامي يمني" هنا الفرق بين  النظام الوطني العروبي والنظام البراجماتي الذي يربط القيم بالمنفعة الخاصة الضيقة.

ثامنا:أنشأت السعودية قناة العربية لمواجهة قناة الجزيرة  , إلا أنها أصبحت مصدرا  لكراهية الشعب السعودي قبل غيره لبجاحتها ولقلة مهنيتها فلم تصل للمواطن العربي  على الرغم من التحفظات الكثيرة على  جوانب من قناة الجزيرة إلا أنها  تحظي  بشعبية جارفة وسط المجتمعات العربية  خاصة بعد الازمة وهذا يعكس بالتالي  شعبية النظام القطري  مقارنة  بالنظام في المملكة   .

تاسعا:  قضية تسييس الحج طرحت هذا العام بعد الحصار بشكل لم يحصل من قبل  وتنادت المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الانسان  بضرورة إبعاد الدين عن السياسة. وهذا مدخل  خطير  وستظل عيون العالم مسلطة عليه دائما   خاصة أن إيران كانت ولاتزال تطالب  ان تتنازل السعودية عن ادارة الحج الى لجنة اسلامية حيث كيف يجتمع الملايين ليدعوا  لملك السعودية  في موقف رباني لاعلاقة له  بالسياسة لامن قريب ولا من بعيد 

عاشرا: التغير الواسع والجذري والمفاجىء في نفس الوقت في الاجهزة الامنية في المملكة يشير الى دخولها في منعطف  وجود معارضة  معتبره يُحسب لها  وأن هناك تصدع  واضح داخل العائلة الحاكمة والقوى الفاعلة في المجتمع.

أحد عشر:اللجوء الى تحريك القبلية والقبائل  دعوة تحمل ضررا للسعودية قبل غيرها, فهي صاحبة  أضعف  المؤشرات الحيوية البشرية مقارنة بقطر او بالكويت أو بالامارات , بطالة وأجور متدنية  وآلاف من السعوديين  لايمتلكون مسكنا خاصا بهم  وهذا  لاتجده في قطر ابدا , مما يجعلها  تيار جاذب  ولو تركوا للسعوديين خيار لإلتحق بدولة قطر الكثير منهم  ولايزال بعضهم لايريد مغادرة عمله وسكنه في قطر رغم التهديد, فالرهان على القبائل خاسر وهو دليل إفلاس واضح.

إثنا عشر: حالة التعطش لدى بعض القوى العالمي مثل روسيا والاقليمية مثل إيران تنتظر الفرصة السانحة  للتدخل في المنطقة وسوء حسابات السعودية تكاد تحقق لهم ذلك يوما بعد آخر  كل ذلك نتيجة تصاعد الوضع الداخلي  بشكل سلبي , وكذلك التراجع الامريكي الواضح في عهد أوباما واليوم التذبذب الواضح في عصر ترامب  يدعوا السعودية للعودة الى الداخل وليس  للإستمرار  في تصدير الازمات الى الخارج حيث إنقلبت الموازيين  عن السابق.

ثلاثة عشر:النظام السعودي يعيش مجموعة من التناقضات فهو أكبر مصدر للنفط الخام في العالم  وموقع لأقدس الاماكن الاسلامية  ويمتلك أحدث الاسلحة المتطورة  إلا أنه مغمور فيما يتعلق  بالحريات والمساواة وحقوق الانسان هذة التناقضات  من المستحيل  أن تستمر دون  أن تحدث إنفجارا سواء في الداخل أو في الخارج وكلا الخيارين أحلاهما مُرُ

أربعة عشر: لم تستخدم السعودية ثروتها النفطية في خدمة القضايا العربية إلا في حرب إكتوبر73 أيام الملك فيصل  الذي وضع المبدأ فوق السياسة  وجمع بين العروبة والاسلام  رحمه الله,  وغير ذلك  كانت تستخدمها الادارة الامريكية لاضعاف  الدول   العربية التي كانت تسعى لامتلاك  قرارها  مثل العراق ومصر  في السابق وذلك من خلال إغراق السوق النفطية بالنفط لكي تنخفض الاسعار  وتتأثر دول نفطية عربية أخرى  تمتلك مشروعا كالعراق   كما أشرت . 

خمسة عشر: ارجو أن يستيقظ النظام في السعودية لأنه من مصلحتنا جميعا أن تبقى المملكة حصنا حصينا ,عليها أن تعود الى الداخل  لاأن تهرب الى الخارج عليها أن تعالج مشاكل المجتمع السعودي  وهي أغنى دولة في العالم ,فالمؤشرات الاقتصادية العالمية عن الاقتصاد السعودية تكشف  عن مخاوف طويلة الامد في ظل ارتفاع نفقات الاسرة المالكة  وتراجع مؤشرات التنمية البشرية  وتآكل الشعبية التي يحتاجها كل نظام لكي يستمر

الأحد، 3 سبتمبر 2017

الأزمة كإشكالية في نمط التدين




المراقب المتابع للأزمة الخليجية منذ بدء الحصار يرى   إنسدادا سياسيا يزداد كل يوم,  وتفككا إجتماعيا تزداد  ظواهره  ونتائجه مع مرور الوقت, فالاشكالية كما أعتقدا هي في أن الأزمة في طبيعتها  الحقيقية  إشكالية في التدين , حيث تحولت الانظمة الحاكمة  الى  شكل من أشكال العقيدة الدينية  التي  لاتقبل المناقشة  في صدور أصحابها ولامعتنقيها , من ينادي بالحل السياسي , لايرى أن مجتمعاتنا خلو من السياسية تماما ليس كإجراءات وإنما كعملية سياسية  بمكوناتها الاساسية سواء من دساتير وبرلمانات ومجتمع مدني  الى آخره , كذلك  تكشف وسائل الاتصال الاجتماعي  عن كنه هذة الازمة الديني أكثر من أي جانب آخر , وأصبحت الازمة مجالا للصراع بين العقائد  حيث حين تختفي السياسة يصبح الدفاع  عن التوجه وهو من المفترض أن يكون سياسي الطابع   الى دفاع عن العقيدة ويصبح الرمز السياسي رمزا دينيا, لذلك لانستغرب من  إنغماس شيوخ الدين فيها بشكل واضح وسافر  وكذلك إنغماس الشعراء بقوة في خضمها  بشكل كبير أيضا  دفاعا هنا وهجوما هناك , مع الدعاء طبعا بزوال من يعادي الاسلام وحماته والبيت وسدنته ,وشكلت قصيدة الحارثي  في مكة يوم العيد الكبير أمام ملك دليلا واضحا  على تحول الازمة الى مايشبه العقيدة الدينية  من حيث الزمان والمكان و فالاستبداد  المزمن  يؤدي الى نمطا من التدين السياسي والاسترزاق الاجتماعي , عندما تبنى الامبراطور قسطنطين المسيحية أصبحت ديانة الامبراطورية الرومانية, تماما كما  يحدث  عندنا هذا اليوم , عندما يتبنى  "أولي الأمر" نمطا من التدين يصبح الدفاع عنه عقيدة , وعندما  يحتاج الى تغييره  يصبح واقعا جديدا , أنظر مثلا الى تحول الوهابية من  مجد يجب المحافظة علية الى تهمة يجب التخلص منها بأسرع مايمكن , كذلك التصوف  من النقيض الى النقيض , أيضا الاخوان من من الدعوة الى الارهاب والعكس صحيح , فالازمة  هي إشكالية في نمط التدين , وعلاجها لايتم سياسيا إلا كمسكنات لاتلبث أن يزول مفعولها, هناك فجوة كبيرة بين الشعوب والقيادات  فالمجال العام فاض من السياسية ,  تتحول على أثرة القيادات الى شكل من أشكال العقيدة والشعوب الى شكل من أشكال  التابعين  والمريدين., نظرة خاطفة على وسائل الاتصال الاجتناعي  تعطيك انطباعا كافيا عن ذلك  فكمية التقديس للرموز  تبدو  كبيره ولم يسبق لها أن كانت بهذا الحجم , كذلك  كمية الاستهزاء الشديد بالرموز أيضا بلغت شأوا كبيرا  وهذه من طبيعة الايمان بالعقائد الدينية وليس بالمناهج السياسية,حيث المنهج  هو  الاهم  وليس الفرد. أعتقد أن الازمة قد أوصلتنا الى  أن نستهلك جميع إمكانيات ديننا حتى  الرمق الاخير بحيث أننا على أبواب مشاعية دينية وفوضى سياسية  لاأعرف كيف سنخرج منها , بسبب أننا أقمنا الدولة على الدين  والوطن على الفرد , فأصبح الدين هو الفرد والفرد هو الدين , حتى في عز الازمة  تنسى الشعوب وجودها تماما  وتختزل الوطن في الفرد  والدين في نمط التدين.