الجمعة، 21 يوليو 2023

الوجه الآخر للمثقف

اسطرنا مفهوم المثقف "جعلنا منه إسطورةأو أيقونه" فأوجدنا منه تضاداً مع مفهوم الجهل وهذا غير صحيح ، فالمثقف بالضرورة في سيرورته جاهل ، تماماً كالعلم بالضرورةفي سيرورته كاذب، المثقف في كليته يكشف عن جهله، حيث لا يمكنه الالمام بكل شيء ، فثقافته في نسبيته، كذلك العلم في كليته كاذب ، كثيرة هي النظريات التي سادت صحتها فترة من الزمن ثم ثبت بطلانها، وكثيرة هي الادوية التي يومياً يثبت تطور العلم انها داء اكثر منها دواء وموت اكثر منها احياء وبعث ، بل ان صفة العلم الاولى هي انه قابل للتكذيب،لكن في عقليتنا التاريخية جعلت من المثقف اشبه بالرسول او بالوحي الذي يتنزل بالحقيقة، وهنا يكمن جمودنا التاريخي فلا تستطيع ان تنتقد من وصفتهم الامة بالمثقفين من الرواة والمحدثين والمؤرخين ، واوصد باب البحث امام كل تجديد محتمل ، وجعلنا من صفة المثقف سارية مع الزمن وعابرة للتاريخ وظروفه،اشكاليتنا في تكثيف المفاهيم والعمل على ازمنتها بحيث تصبح كتل تاريخية زمنية وبالتالي يصعب تفكيكها او الاقتراب منها ، وفي معظم الحالات يتم تقديسها بعد ذلك، نحن امةٌ ككل الامم تنتج مفاهيمها ومصطلحاتها إلا أنها بعد ذلك تقع صريعةٌ لها , اغتراباً وتهميشاً لدور الانسان ودور العقل في النظر والبحث. ان النسبيه والجهل والتواضع كل هذا هو ذروة سنام المثقف في امة ترتقي وتتطور وتتقدم ، والغطرسة والكبرياء والغروروإدعاء العلم كل هذه الصفات هي ذروة سنام المثقف في أمةٍ آثرت الجمود والتوقع وتمجيد الماضِ وتقديس الاشخاص.