السبت، 11 يوليو 2015

ذاكرة زمن الطيبين"شارع الكهرباء"



في ليالي رمضان بالأخص, لابد لنا من ليلة أو أخرى نقضيها في شارع الكهرباء , شارع المدينه والاضواء والمطاعم والمتاجر, نستغل التاكسي ذهابا من الريان الى الدوحه حتى نصل الى شارع الكهرباء وهو العنوان الكبير بين شوارع الدوحة في ذلك الوقت ,, كنا صغارا لانمتلك سيارات ولارخص قيادة بعد , فيما كان الجيل السابق لنا ممن يمتلك سيارات ذلك الزمان يقطعون الشارع جيئة وذهابا زهوا واستعراضا , بسياراتهم أملا في نظرة أو إبتسامة تأتي من بعيد أو من قريب , كان شارع الكهرباء يمثل شعار الرأسماليه القطريه الناشئة في ذلك الوقت , البيت الحديث وهو أحد أكبر متاجر الشارع في حينه قبلة للأثرياء ورجال الاعمال حيث الملابس والبدل الحديثه والاحذية الغالية الثمن وساعات رولكس الفاخره, بينما يتوزع الشباب في مطاعم ومقاهي ومتاجرالشارع , لازلت أذكر مطعم "زغموت" والاخ علي زغموت وأخوانه الاعزاء على قلوبنا , لازلت أذكر أحذية باتا اللبنانيه على ماأعتقد , وبقالة يافا نغتنم فرصة وجودنا لندلف الى استديو يوليو لنأخذ صورة بعد أن نرتدي بعضا من لباس الاستديو المهيأ للتصوير كالجاكيت أو الكرفته في حالة الصوره باللباس الافرنجي , ليلة شارع الكهرباء ليلة عامره نطوف كل مكان فيه ونلتقي الأصحاب والمعارف , اشهى ماكنا نأكل ذلك الدجاج المشوي وكانت موضة الشواء الآلي من خلال دوران الدجاجة في عامود حول نفسها موضة جديدة في ذلك الوقت في أحد المطاعم الشهيرة في الشارع للمرحوم الساعي ., ثم أخذ مطعم باباي لصاحبة الأرمني سيمون يخطف الاضواء عن بقية المطاعم لما يقدمه من وجبات سريعه, ما أتذكره هو حالة الاستعراض التي يمارسها شباب ذلك الوقت والظهور ليلا في شارع الكهرباء بالذات , وهو مركز المدينه دليلا واضحا على وجود المسافة بين الضاحيه أو الضواحي والمدينه , نحن سكان الضواحي عموما نأتي الى المدينه لنتمتع بأضوائها وحركتها وحياتها الصاخبه ليلا , الامر الذي نفتقده ولانجده في الضواحي , فتكون هذه الليلة ليلة كبيرة لاتنسى , بينما الآن لم تعد هناك ضاحية تنعم بالهدوء الذي يجعلك تبحث عن الصخب ولو ليلة في الشهر., شارع الكهرباء كان يمثل ثقافة المدينه القطريه التي لم تتعولم بعد , شباب تلك الايام يتحدثون عن شارع الكهرباء وشارع مشيرب كما يتحدث شباب اليوم عن اللؤلؤه وكتارا , مع فارق كبير في شارع الكهرباء كان الانتقال مكاني مع احتفاظه بالتجانس , بينما هو في اللؤلؤه وكتارا إنتقال زماني وثقافي غير متجانس وربما متضارب , شباب شارع الكهرباء فيه براءة ذلك الزمن وطمأنينة وبراءته وثقة أجياله , ذاكرة أهل قطر مليئة بأيام وليال شارع الكهرباء ومشيرب وشارع عبدالله بن ثاني , حيث قلب الدوحة النابض , أذكر اننا حين نعود من شارع الكهرباء , لابد لنا من عودة قريبة أخرى له ولما يجاوره من شوارع إما لشراء كرة أو لباس رياضي من مخزن الشرق أو لأخذ صورة لغرض رسمي أولشراء بدلة أو حذاء من البيت الحديث أو من أحذية باتا , وفي مرات عديده لمطعم باباي لحداثته في تلك الفترة مقارنة بمطاعم الهنود في الضواحي. كان زمنا للطيبين الذين أخذوا على حين غره إلا من بقايا ذاكرة تلوح في سماء لياليهم , بودي لو حفظوا لشارع الكهرباء مكانتة إحتراما لهذه الذاكره

الجمعة، 10 يوليو 2015

العمل الخيري في الدوله الصوره والواقع


في البدايه يجب أن أذكر هنا أنني أتكلم عن التنظيم وليس عن النيات والمقاصد , اتابع نشاط الجمعيات الخيريه القطريه من خلال الصحف , أتابع نشاطاتها ومساهماتها , وتصريحات المسؤولين فيها , فهي تحظى بتغطيه إعلاميه مشهوده سواء عن طريق الصحف أم عن طريق القنوات الفضائيه القطريه , في المقابل هناك أصوات مسموعه ونداءات مرفوعه هنا وهناك من قطاع كبير من المواطنين يعاني من عدم القدره على الاحتفاظ بمستوى من العيش يحفظ له كرامته , ناهيك عن الغارمين والذين يعانون من المديونيه الاستهلاكيه , وقد نشرت أحدى الصحف مؤخرا تقريرا , أن القطاع الاكبر لحجم المديونيات تمثله الديون الاستهلاكيه الضروريه , وهناك شعار سمعته أيضا من مسؤولى هذه المؤسسات الخيريه يقول الأولويه للمواطنين داخل البلد , حجم الاموال التي تمتلكها هذه المؤسسات ضخم جدا ,اصحابها أهل خير وحريصين على ان تصل لذوي الحاجة من المواطنين أولا , لااملك غحصائيات ولكنني أتلم سنبض الشارع ما أمكن , بمعنى أن هناك بون كبير بين ماينشر وبين ما يحكيه الواقع , أخشى ان تكون بيروقراطية العمل قد أتت على الهدف منه , لست على دراية تامه بسياسة هذه المؤسسات ونسبة الداخل الى الخارج فيما يتعلق بهذا الدور الانساني , استفزتني حملة مساعدة الغارمين التي قام بها نفر من ابناء قطر عبر تويتر , ولا أعرف دور هذه المؤسسات في مثل هذه الأمور , وكلنا يعرف أن الدين الاستهلاكي , دين ضروره في الغالب , في ظل تزايد متوحش في الاسعار لايستطيع الانسان العادي أن يتحمله , وأعني بالانسان العادي , انسان الطبقه الوسطى الذي كان يزهو بإستقرار الوضع وبثبات الاسعار الذي كانت تنعم به الدوله في عقود قليلة سابقه , لابد ان يكون لهذه الجمعيات دور في سد الفجوه , خاصة أن عدد المواطنين ليس بتلك الكثره , لماذا المواطنين القطريين أولا؟ لأن المواطن القطري جُبل على أشياء لايمكنه أن يتركها أو يهملها , جُبل على وجود مجلس لاستقبال الضيوف , جُبل على الكرم خاصة في شهر رمضان ,جُبل أن يحتوى أبنائه داخل منزله حتى يتمكنوا من بناء منازلهم وهذه أمور اليوم من الصعوبة بمكان أن تتحق في عدد من السنين المحدوده نظرا لمانراه من اشتعال لم يسبق له مثيل لاسعار الاراضي ولوازم البناء. المتعففون نسبة كبيره تلجأ الى القروض الاستهلاكيه لكي تحافظ على وجودها الثقافي والادبي , دعم هذه الفئه للخروج من رتقة الدين الاستهلاكي الضروري مهمة الدوله ومهمة المؤسسات الخيريه بالدرجة الاولى كذلك , بل يصب ذلك في الحفاظ على الهوية , هوية المجتمع , البلد تحتاج الى مشاريع إجتماعيه كذلك مع تزايد عدد السكان , تحتاج الى زيادة عدد مراكز غسيل كلى , تحتاج الى مستشفيات , مدارس , بيوت للضعفاء والعجزه , في خبر سابق نُشر في جريدة الشرق يشير أن دولة قطر بها أعلى نسبة من عدد "المليارديرات" في المنطقه. بخط عريض وفي الصحفة الاولى. خبر عظيم لو أننا حصلنا جراء ذلك على جامعة كجامعة جون هابكنز الذي أنشأءها والمستشفى الذي يحمل نفس الاسم فاعل خير أمريكي أسمه جونز هوبكنز" , سنفرح أكثر لو أننا حظينا بمستشفى كمستشفى "برنسيس غريس" الذي انشأته الممثله السابقه وزوجة أمير موناكو الراحله "غريس كيلي"في لندن . العمل الخيري صفة إنسانيه يحملها الانسان مهما كان دينه أو معتقده , لكنه هنا يحتمل خصوصية أدق وهو صفة الاسلامي مما يجعلة أو من المفترض أن يجعله أكثر فاعليه , ويخرجه من مرحلة الوجود بالقوه"بالاسم" الى مرحلة الوجود "بالفعل" نحن نتمنى من المؤسسات الخيريه في دولتنا الحبيبه , ونتمنى كذلك من أصحاب المليارات أو المليارات التي أشارت جريدة الشرق الى نسبتهم بكل فخر وثقة وإعتزاز , نتمنى أن يحققوا القفزه ويقتحموا العقبه وما أدراك مالعقبه؟ بمزيد من الفاعليه وبقليل من الافتعال الاعلامي والصحفي. عن طريق الاستجداء عبر االاعلانات وغير ذلك لمزيد من التبرع رغم الادعاء بوقف المليارات في تحقيق الاهداف الانسانيه الساميه التي أنشأت من أجلها.

سعود الفيصل وكاريزما الحضور


منصب وزير الخارجيه إما حضور أو غياب لاتوسط بينهما يحتمله هذا المنصب الخطير, لوتتبعنا تاريخ الدول لوجدنا أن فترات الصعود والتميز التي مرت وتمر بها ,ترتبط ارتباطا وثيقا بوجود وزير خارجيه متميز , منصب وزير الخارجيه عموما يمثل تروميترا واضحا لحضور وقوة تاثير الدوله , هو قوة الدوله الناعمه التي تحدث التغيير المستحب والذي تتطلع إليه ضمن المجتمع الاقليمي والدولي , منصب وزير الخارجيه في بلداننا العربيه اخطر منه في البلدان الغربيه الديمقراطيه , هناك هو يعمل ضمن خطه لحزب وإنتخابات رئاسيه وتشريعيه قادمه, بينما في حالتنا هو يعمل ضمن نظام حكم ثابت لايتغير في المنظور القريب , هناك لايتطلب الأمر كاريزما وحضور بالقدر الذي يتطلبه الوضع لدينا , هناك هو جزء من منظومه , هنا هو منظومه قائمه بذاتها بين النظام والمجتمع ذاته وبين الدوله وغيرها من الدول . لذلك دوره في مجتمعاتنا محوري وأساسي ويتطلب "حضورا" قويا ومقنعا. الراحل الكريم سمو الامير سعود الفيصل تغمده الله برحمته , كان خير مثال لكاريزما الحضور , قبل مرضه الأخير كان يشكل تكامل الصوت والصوره والشكل والمعنى من خلال لغة واضحه سواء العربية او الانجليزيه أو الفرنسيه, تذكرني وسامته في السبيعينات وأوائل الثمانينيات بثورة في عالم الدبلوماسيه أشبه بكاريزما ثوار أمريكا الجنوبيه في جذب الانظار والحضور والتأثير وبالاخص جيفارا , ولاينازعه في ذلك سوى عبدالعزيز بوتفليقه الرئيس الجزائري الحالي والوزير السابق في شبابه, كات تأثير الاحداث الاخيره منذ غزو العراق وسقوطه ومايجري على الساحة العربيه من أهوال جسام أبلغ الأثر على الراحل الكريم , كان ذلك واضحا , وأذكر أنه إنتقد غير مرة الموقف العربي والخليجي من اسقاط صدام , وقال لولا أن ذلك تم لما وصلت الأمور الى ماوصلت إليه من تقدم واضح لإيران على حساب الأمة العربيه , في نقد ذاتي جرىء وإحساس عال بالمسؤوليه, على الرغم من أن سعود الفيصل عاصر أربعة ملوك كوزير للخارجيه إلا أنه كان الواضح أنه بلا شك كان يمتلك عقلية نسبيه ترى الأمور من خلال مقتضيات الواقع ولديها المرونه اللازمه في تحقيق ذلك , وهو مايميز وزراء المده الطويله في الانظمه المركزيه , تماما كأندريه غروميكو في الاتحاد السوفيتي السابق والأمير الشيخ صباح عندما كان وزير للخارجيه , ومع ذلك فأنني أعتقد أن الامير سعود الفيصل كان مؤهلا أو أكثر العرب تأهيلا لأن يصبح وزير خارجيه في أي نظام ديمقراطي غربي حزبي لثقافته العاليه وتفانيه وخلو تاريخه رغم طول مدة عمله من مايشوبه عمليا أو اخلاقيا على حد علمي ومشاهداتي ومتابعتي , فلااذكر أن طرح إسمه حول مايشوبه من شوائب قد تلحق بأسماء الكثير من الدبلوماسيين حول العالم . بوفاة سعود الفيصل تنتهي حقبة وزراء الخارجيه التاريخيين في عالمنا العربي و,بعد صعود بوتفليقيه الى سدة الرئاسه , والشيخ صباح الاحمد الى سدة الحكم في الكويت , وغياب الخارجيه المصريه العريقه عن المسرح , أنا أعتقد اننا اليوم بصدد مرحلة "الوزير البرنامج" وليس الوزير الكاريزما", وهذا في حد ذاته تحدي كبير للدوله في عالمنا العربي , أن تضع برنامج وتعمل على تنفيذه , سنفتقد شجاعة سعود الفيصل وإخلاصه وتفانيه حتى الرمق الاخير من المرض , سنفتقد حضوره وبلاغته , إلا اننا سنتذكره دائما وهو يدافع عن قضايا بلده وأمته بكل شجاعة وبساله , سنتذكر أنه نقل الدبلوماسيه العربيه من ثقافة التبرير الى ثقافة النقد الذاتي للتصحيح , بودي لو كتب مذكراته ليتعلم منه الجيل القادم الكثير . رحمه الله وأجزل له العطاء.

الخميس، 9 يوليو 2015

سلام "العيد" ورمزيته عند أهل قطر


من مظاهر تكاتف المجتمع القطري وشدة ترابطه وإلتحامه بقيادته عبر الزمن , أنه ربط إكتمال المناسبات الدينيه والوطنيه بمناسبة إجتماعيه هامه جدا وهي السلام على الشيوخ"الحكام" وهذه المناسبه لها ميزتان : الأولى السلام على الأمير والثانيه السلام على عدد كبير من اهل قطر ومن معارف الانسان الذي قد تمنع الظروف الالتقاء بهم إما لبعد المسافات أو لصعوبة الانتقال او لظروف الوقت والانشغال والنسيان. كنا نحرص على السلام على الأمير في هذه المناسبات , وكان الوالد رحمه يقول هذه فرصة سانحه للسلام على الشيوخ والالتقاء بوجهاء ورجالات قطر . رمزية سلام العيد لها دلالات , كونه يوم فرحه , عاصرت في ذلك آخر أيام الشيخ احمد بن على ال ثاني حاكم البلاد الاسبق رحمة الله, وأذكر أنني ذهبت مع الوالد للسلام عليه مرة أو مرتين في قصره في الريان الجديد, واستمر الوضع طوال فترة حكم الأمير الأب في قصره العامر ولازلت أذكر بساطة وسهولة الوصول إليه حفظه الله , كنا نقف خارج القصر وندلف تباعا الى المجلس مباشرة حتى ننتظم في صف للسلام عليه في فترة لاتتعدى دقائق, لازلت أذكر سماحة وجه الأمير الوالد الشيخ حمد حفظه الله وهويستقبل المهنئين بالعيد بشكل يشعرك أنك وحدك الواقف أمامه للسلام عليه , واليوم إبتسامة سمو أميرنا الشاب تميم بن حمد حفظه الله وترحيبه وبشاشة محياه وراء الاستبسال للوصول والسلام عليه , رغم تعقد الأمور عنها في السابق , بالطبع مع تزايد عدد سكان الدوله وتغير الظروف المحيطه سياسيا واجتماعيا والاحداث التي شهدتها وتشهدها المنطقه, تطلب الوضع مزيدا من اليقظه والحرص والتيقظ الأمني , فلم تعد الأمور كما كانت في السابق من السهولة واليسر , ولم يعد أهل قطر أولئك الصفوه المعروفه بيتا بيتا وفريجا فريجا, ولم تعد الظروف المحيطه والاقليميه بذلك الاستقرار والهدوء والثقه, الامر الآخر الذي أود الاشارة إليه هو الاشاده بجهود القائمين على ذلك سواء من رجال الأمن أم من التشريفات الأميريه , لكن هناك ملاحظة أود لو أذكرها وهي صغر أعمار البعض منهم اعاق معرفتهم بأهل قطر وبرجالاتها واعيانها مما يسبب حرجا للطرفين , ورغم ان هناك مكان مخصص للعائله الحاكمه والوزراء وكبار المسؤولين , ينبغي كذلك الالتفات الى البقية الباقيه من أهل قطر واعيانها مما لايحملون منصبا رسميا سوى تاريخهم وتاريخ علاقتهم وآبائهم بالقياده وحكام الدوله عبر تاريخها, ثمة تنظيم لتسهيل الأمر لهم بالسلام على سمو الأمير الوالد وسمو الأمير القائد. خاصة ان منهم بعض كبار السن نحن مع حفظ الامن ومع التنظيم ونقدر للجميع جهودهم إلا أن الموضوع كذلك يتطلب فطنة المسؤول ووعيه وحسن تدبره. ومعرفته بالناس , أهل قطر حريصين على إظهار تماسكهم وتقاربهم بإلتقاءهم في رحاب قصر الأمير للسلام عليه أولا ثم بالسلام على بعضهم البعض وكانهم يقولون للتاريخ من هنا نبدأ من الوقف صفا واحدا دلالة على الولاء ولانتماء , حفظ الله قطر وقيادتها وشعبها من كل مكروه , وحفظ لها أمنها واستقرارها من كل عابث سولت له نفسه أمرا أو خطف الشيطان بصيرته وأعماه , وكل عام وأنتم بخير.