الجمعة، 17 فبراير 2012

الدوله المؤقته



كشفت  تسريبات الويكليكس كلاما للسفيره الامريكيه السابقه فى الكويت  مفاده أن حكام الكويت يتصرفون وكأن دولتهم مؤقته- السفير   -قضايا 17-2-2012. الشعور بأن دول الخليج دول مؤقته يساور الكثيرين داخليا وخارجيا ولاننسى زعيم الحزب الوطنى الشوفينى الفرنسى"لوبان" حين ذكر بعد إحتلال العراق للكويت أن دول الخليج هذه خرجت من حقيبة الخارجيه البريطانيه أصلا ولاتملك سندا فى التاريخ. ولى هنا بعض الملاحظات سأسردها:
أولا:  الشعور بأن الدوله مؤقته يعنى   قوة  وتجاذب الاقليم من حولها فى مقابل هشاشة الداخل واستجاباته المستمره لهذا التجاذب بمعنى نقطة الارتكاز الرئيسيه التى تضمن البقاء خارج الدوله.

ثانيا: غلبة المرجعيات الاوليه على  الجانب المؤسسى للدوله لأن المرجعيات الاوليه كالطائفه والقبيله هى مركز التجاذبات والولاءات  وليس الجانب امؤسسى المدنى الدستورى.

ثالثا: اذا كانت الكويت بعد نصف قرن من الحياه البرلمانيه  لايزال يشعر القائمون عليها  بأنها دوله مؤقته فهذا يعنى أن كل هذه التجربه مُجيره  للخارج على حساب ا لداخل, الخارج  ,الدوله والخارج ,الانتماء العقدى أو القبلى.

رابعا: اذا كان هذا شعور العائله الحاكمه والتى تسمى بركيزة التوازن للمجتمع الكويتى بالذات واثبت تجربة الغزو ذلك فهذا يعنى انها تحولت من ركيزه للبقاء والتوازن الى ركيزه للحصول على أكبر كميه من الامتيازات باشكالها وبسرعه  لأن شعور المؤقت هنا يطغى على شعور البقاء والمصير المشترك.

خامسا: الذى يشعر بأنه مؤقت  له خيارات ضيقه  أما بالحمايه الخارجيه ودفع الثمن المستحق وأما  بالتوحد  وايثار البقاء مع التضحيه  بتعدد المركزيات , وهو مايطالب به العديد من مفكرى المنطقه والدخول فى اتحاد حقيقى  بين دول المنطقه  يبدد الشعور  بعدم الامان المتراكم حدثا بعد آخر فى المنطقه.

سادسا: نتائج الربيع العربى  تدخل المنطقه كلها  ضمن  التجاذب بين"القمر السنى" المنبثق من هذا الربيع و"الهلال" الشيعى الذى سبقه فى البقاء والتواجد.

سابعا: أيقن الغرب بثقل  المنطقه دينيا وبأن تصدير الديمقراطيه بشكلها الذى أوجده غير ممكن  ولايثمر  خاصة بعد نتائج الربيع العربى  التى أظهرت سيسيولجيا القاع العربى الدينيه رغم أن الثورات بدأت شبابيه متعلمنه الى حد كبير فأوجد  سياسة استيعاب  وقبول الفكر الدينى السنى "أخوان  وسلف" ودعمهم فى مقابله نوع من المهادنه من جانبهم  والتعامل بشكل يغلب عليه الطابع السياسى والمصلحه المشتركه لمواجهة التمدد للهلال الشيعى  ومحاصره لجذوره فى ايران  وتمثل الحاله السوريه الراهنه نقطه مفصليه فى الصراع بين الجانبين.
ثامنا : منطقة الخليج  فيها مناطق واضحه للتجاذب والصراع بين الاحيائيه السنيه القادمه بقوه وبين  الاحيائيه الشيعيه خاصه فى البحرين والكويت اليوم والمنطقه الشرقيه بالسعوديه.
تاسعا: لن تخرج دول الخليج من الشعور بكونها مؤقته إلا  إذا خرجت  المنطقه العربيه كلها  من المنطق الطائفى بشكل أوبآخر أو بالارتقاء عليه مدنيا أوحتى قوميا على الاقل.

عاشرا:  للخروج من ذهنية المؤقت السائده  يجب  على الداخل كذلك أن يتعامل  مع مكوناته  بشكل دستورى واضح ومحدد فلا سلطان لأقليه على اغلبيه  فلا تزال عملية الفصل بين السلطات غير واضحه حتى فى الكويت نفسها بعد نصف قرن من الحياه البرلمانيه وهى المثال العربى البرلمانى  المشهود له  وهو ماجعل من كويتى رئيسا للبرلمان العربى المقترح حتى الآن.

الخميس، 16 فبراير 2012

فائض القسم...هل من دلاله؟




كانت احدى بؤر التوتر والصراع  حتى قبل ظهور نتائج الانتخابات الكويتيه تتمثل فى كيفية تأدية القسم  للنواب الفائزين .  ولنا أن نتساءل هل بعد نصف قرن من التجربه البرلمانيه يبدو القسم اشكاليه؟ أين  هو المحتوى إذن إذا كان الخلاف على الشكل بداية

ولى هنا بعض الملاحظات أود لو أوجزها:

أولا: فى ظل الثقافه العربيه السائده أصبح القسم كلاشيه , الجميع يُقسم والجميع يحنث بالقسم إلا ماندر ,  ويبدو هشا أمام المصلحه السياسيه هذا ماتثبته التجربه العربيه بشكل عام.

ثانيا: الزياده فى القسم تعنى أن البناء السياسى ودور المؤسسات ضعيف فبالتالى لايغنى القسم المكتوب عن الاستعانه بقسم المرجعيه  أو    الطائفه المميز.
ثالثا: فائض القسم كذلك يؤكد الانقسام وليس التوحد بل التمايز    وإظهاره فتبدأ العمليه أساسا  بنيه غير توافقيه.

رابعا: الزياده فى القسم  تعنى  تأصيل للمرجعيه الاولى على المرجعيه المدنيه التى من المفروض أن يمثلها    القسم المكتوب تحديدا   .
خامسا: الاشكاليه ليست فى القسم لأنه  هش أمام تاريخ  صراع السلطه الذى يمثله  تاريخنا العربى فهو أى القسم عرض من أعراضه  وأحد المتغيرات المصاحبه  لحركة  الصراع السلطه وتغيراتها.

سادسا: الحل  يبدأ بعلاج المرض وليس العرض  بالخروج من  دائرة الصراع  الدامى على السلطه الى دائرة ادارتها مدنيا أو الصراع البارد من خلال السياسه وأدواتها.

سابعا: يمثل القسم والزيادة عليه والحنث به  شكل من أشكال تداخل الدينى بالسياسى واستخدام الدين سياسيا هو شكل لأزمه كقراءة القران كأفتتاحيه للمهرجانات والمؤتمرات على اشكالها.

ثامنا: بعد تجربة نصف قرن من الممارسه  لايزال القسم يشكل  عنوانا لمحتوى قادم من الصراع على السلطه وفى هذا  تدوير وهروب من مواجهة  تجديث لبنى التقليديه للمجتمع والاكتفاء  بالزركشه المدنيه وكان أمير الكويت واضحا عندما تحدث عن ضرورة الانتقال الى مرحلة العطاء والافراز الديمقراطى وليس فقط البقاء فى مرحلة التجربه .

تاسعا: ظهر أن التركيز على الزياده يقابل الهويه  وهذا مؤشر خطير بأن مرحلة الانقسام الطائفى الذى تشهده المنطقه بشكل متزايد نذير شؤم للمستقبل وللمنطقه.
عاشرا: قد تتحول الزياده فى القسم إلى الاستهزاء به كما شهدنا عندما تناول أحدهم بعضا من آيات سورة البقره وأخطأ فى التشكيل وساد بعض الهرج جراء ذلك.
 أحد عشر: يبدو أن الكويت تأثرت بالربيع العربى ومخرجاته بشكل أوبآخر ولكن لايستساغ أن يكون ذلك  على حساب تجربتها البرلمانيه التى ينظر لها بالرياده ولايعقل أن تعود الى المربع الاول.

الأحد، 12 فبراير 2012

شيخ الدين "الفضائى" والكاتبه المبدعه


شُن هجوم عنيف جدا على الكاتبه السعوديه سلوى العضيدان عندما إتهمت الشيخ عائض القرنى  بسرقة كتابها الذى عنونه "لاتحزن" والذى  حقق شهره كبيره على الرغم بأن المحكمه  حكمت لصالحها وبتغريم الشيخ مبلغ 300 ألف ريال وبسحب الكتاب من التداول. تقول الكاتبه سلوى أنها وعائلتها تعرضت لأذى أدبى وإجتماعى كبير جراء مطالبتها بحقها, وتمت ملاحقة ابنائها بأبشع الالقاب فى  مدارسهم نتيجة التعدى على الشيخ الكبير وكيف يحق لها وهى النكره أن تنتقد الشيخ  واتباعه بالالاف وسمعته تملأ الدنيا إنها تعدت على الدين وعلى العلم  ونهشت من لحوم العلماء وهى محرمه كما يشاع. جاء رد الشيخ بأنه ليس أفضل من إ بن تيميه الذى كان يأخذ دون ذكر مراجع وأشار اليها  أن تأخذ من  مؤلفاته الكثر ماتشاء. هذه الواقعه  تكشف عن هشاشة المجتمع المدنى وعن تغلغل المقدس الدينى حتى إستوى بشرا يمشى بين الناس. ولى هنا بعض الملاحظات.
أولا:شيوخ الدين قبل القنوات الفضائيه شىء وبعدها شىء آخر, ظهر مفهوم الشيخ"النجم"  بعد أن كان شيخ الدين لايتكلم إلا  عند الحاجه ويذهب إليه الناس فى مكانه ليسألوا عن قضيه أو حادثه ,  فرض عليه مفهوم النجوميه والظهور أن يتحدث أكثر  مما يطلب منه فتحول بعضهم إلى قاص وشاعر وطبيب نفسى ومعالج   للعجز الجنسى والمعاشره الزوجيه كذلك.

ثانيا:     من يحتكر الحيز الدينى فى عالمنا العربى يظل بمنآى عن النقد إلا فى حدود ضيقه لتصور الذهنيه العربيه إن فى ذلك نقدا وتعدياعلى الدين  ذاته,   إنسحاب الرؤيه النقديه العامه ترك المجال لأصحاب هذا المجال فأصبح الصراع بينهم البين والتنافس  كذلك  والتسابق فى الفتيا , فتحول بالتالى الحقل الدينى إلى كونه مجتمع قائم بذاته فى حين أنه جزء من المجتمع.

ثالثا:  الدين عقل ولكننا نتعامل معه بعاطفه غلابه وذلك راجع لماضى تليد وحاضر مفلس, هذه العاطفه هى مايدغدغ أحلامنا يوميا ويبعث الامل فى اجسادنا فلذلك من يمتلك ناصية الحديث فيه يتحول الى شيخ له مريدوه, يصعب بعد ذلك منهم قبول أن يشاع عنه أنه اخطأ أو زل وهو ماحصل مع الكاتبه حتى بعد صدور حكم المحكمه.

رابعا: الذهنيه الممتلئه  بالشيخ الدينى " الدين + شخصية الشيخ" لاتعبأ  بالتخصص فى المجالات ويسيطر عليها شعور شمولية الشيخ وإكتمال خطابه  فتصبح عقليه مايكروفونيه  تستجيب للصوت وكلما علا الصراخ فيه.

خامسا: أوضاع الأمه البائسه مدنيا  فى مجال الحريات وحقوق الانسان دفعت بهذه الظاهره ظاهرة الشيخ الفضائى   القادر على  سحب أكبر كميه سلبيه فى صدور المشاهدين وتحويلها إلى  مطمئنات دينيه أخرويه وأحلام تفسر وإسقاطات على الواقع الاجتماعى بحيث ينقله من صورته الحقيقيه الى  صوره مجازيه   كإن تصبح الراقصه شهيده عندما تقتل فى ميدان التحرير فى مظاهره ضد الحكومه  ومثل ذلك من أمور  لاتهم الواقع  بل وليس بتلك الاهميه لكى  تثار أصلا.

سادسا:  ثمة علاقه مباشره بين فساد السياسه وشيوع ظاهرة  الشيخ الفضائى لو كانت هناك فعلا سياسه قائمه على تقسيمات المجتمع المدنى وتمثيل حقيقى للمجتمع لأمنلك المجتمع والياته كثير من زمام الامور المصيريه ولبقى الشيخ على منبره وفى حدود ثقافته وتخصصه  فلا يحتاج المجتمع بعد ذلك لكل هذا التدخل  والتداخل  والسلطه الممتده خارج سياقها ونطاقها حتى وإن جاءت بأسم الدين..

سابعا: من رد الشيخ القرنى على الكاتبه سلوى يظهر  لامحدوديه السلطه التى يشعر بها بفضل  مايمثله فى المجتمع وفى قلوب أصحابه, الاستشهاد بإبن تيميه فى واقعه  ليست  مضيئه مع الاسف  ومن ثم الاشاره الى الكتابه بعمل  ماقد قام به أن تأخذ من كتبه ماتشاء دون الاشاره لذلك. وهو رد مؤسف بكل المقاييس , نحمد الله أن القضاء كان نزيها فأنصفها وتبقى خيالات الناس وذهنياتهم بحاجه الى كثير من الصدمات لإخراج    صورة الدين المثال من عباءة البشر مهما سمت أنفسهم ففيها من الفجور كما فيها من التقوى  ولذلك  نحن جميعا بشر من هذه الثنائيه النفسيه.