الاثنين، 22 يناير 2018

الزلزال والذات الجريحة



 

تدخل المنطقه تاريخا جديدا  لايضع اعتبارا  لما هو كائن بقدر ما يريد أن يحدد ما يجب أن يكون , فقد إنتهى الوقت الاضافي التاريخي لأبناء هذه المنطقه  للتحول بها الى ذات فاعله و كيان وجودي ولم يتحقق ذلك لاسباب كثيره  منها  بؤس التاريخ الذي يجعل من الأمس أفضل اليوم ومن الاموات  أكثر تقديسا من الاحياء وارواحعهم الرطبه ولي هنا بعض الملاحظات:

 

أولا:  هو  تحول "الدولة" إلى موضوع وليس  "ذات" مستقلة تملك إرادتها فالتفكير  ينطلق في وجودها من النظره الخارجيه وليس من الارادة الداخليه لشعوبها ,  من مدى فائدتها للآخر لا من دورها وثبات وجودها القانوني والدستوري
ثانيا: في حالة الفوضى التي تعيشها المنطقه  نحن أمام  الواح جغرافيه بركانيه متحوله  لانعرف متى تستقر بها الارض  وكيف  يتم ذلك وبأي شكل و نتيجة سيظهر.؟

ثالثا:إنتقال الدوله من مرحلة الذات الى مرحلة الموضوع لايمكن ان يتم في حالة وجود مجتمع قوي  هو سبب وجود الدوله , لايتم ذلك الا في حالة أن يكون الأمر مقلوبا بحيث يصبح المجتمع  هو نتيجة لظهور الدوله وماقبل ذلك  ليس سوى اجتماع او تجمع , لذلك لديها القدره على صياغته بالشكل التي تراه .

رابعا: في الدولة"الذات" تختلف العلاقات عنها في الدولة "الموضوع"  حيث في الأولى تكون العلاقات الداخليه بين المجتمع والدوله هي الاساس , بينما في الدولة"الموضوع" تصبح علاقات الدوله مع الخارج على حساب الداخل , أو  أن تكون مشروع تضحيه  في أي وقت يحتم ذلك.

خامسا: تهميش الداخل يعني انتقال الدوله  الى مرحلة  الموضوع  أو كونها موضوع, والموضوع داخل مجال للنقاش والتجاذب  والاشتراطات والتنازلات , فتبقى الدوله بينما يتلاشى المجتمع أو يذوب , وقد تنتهي الدوله  على شكل من اشكال الاستقراطيه الاوروبيه  التي تعيش  أفرادها اليوم بمسمياتهم  التاريخيه  دون سلطه , فالعوائل الارستقراطيه الاوربيه التي كانت  تحكم وتملك  في السابق  لايزال عدد منها يعيش في فرنسا والنمسا والمانيا بألقابهم فقط  بعد أن اصبحوا موضوعا لتاريخ وليسوا ذاتا  تاريخيه.

سادسا: المؤشرات تدل على دخول المنطقه كلها  في مرحلة " الموضوع" ولم يعد التفكير فيها كذات  تملك قرارها ومصيرها , وانما عليها أن  تتعامل  بنفسها مع من يعمل  على تفكيكها  وتحويلها الى موضوع  لعالم وطبوغرافيا جديده.

سابعا:   لكي تتحول الدوله الى ذات حقيقيه  لابد لها من القدره على  التجرد من ميتافيزيقيا التاريخ  كما فعلت دول اوروبا  والخروج بذات متعاليه   ومتجاوزه له , لاان تعيش على ضفاف مستنقعه , لاتلبث حتى تعود  لتسقط فيه

ثامنا:  الكليات التي تسكن اذهاننا بحاجة الى مراجعه ,  عليها ان تخرج الى  خارج الذهن لتبقى خارجه  للاعتبار    وليس للمحايثه   والاعاده. العصر الأول و الصحابه الكرام , التابعين  وغير ذلك , هذه الصور الزاهيه التي يصورها لنا التاريخ , يجب أن تكون خارج الذهن للإعتبار بها لافي داخل الذهن  لمحاولة تكرارها والعودة بها  الى الآن المعاش . حتى نصبح ذاتا  لابد من اعادة الاعتبار الى الذات الآنيه  بوضعها ومحيطها المعاش.

تاسعا: الدوله هي  مجموع هذه الكليات الذهنيه التي يعيشها المجتمع فهي بالتالي أكثر تأهيلا للتحول الى ان تكون "موضوعا" للتدارس من طرف الذوات الاخرى  , لأن هذه الذوات "الدول" ترى أن  انها موضوع خارج العصر  , ومن اساليب اعادتها للعصر خلق الفوضى الكفيله بإعادة الرشد اليها بعد  أن تقدم تضحية كافيه لمثل هذه الاعاده  مالا ودماء , وهو مانشهده اليوم.

عاشرأ: ماأراه اليوم أننا أمام مشهد  واضح المعالم , فالدول الكبيره موضوعُ للتقسيم والدول الصغيره موضوع  للتسكين , والنخب الحاكمه موضوع  للحياة الارستقراطيه  التي تعيش  على ذكرى ارستقراطيتها  ولاتملك سوى اسماءها, والمواطنين الى أقليات  تروى تاريخ النكبات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق