الخميس، 10 يناير 2019

مجتمع هوية لامجتمع حرية


 

نحن مجتمع هوية ولسنا مجتمع حرية. هذه النقطة ليست واضحة في الاذهان, وبل وعملنا على تكريسها يوماً بعد آخر على المستوى الشخصي وعلى المستوى الرسمي , مانمارسه هو "الهوية" وليس الحرية,  يعتقد الكثير اننا أحرار ولكن في الحقيقة نحن نعيس في سجن الهوية.كل نشاطاتنا  واعمالنا تقوم على الهوية وليس الحرية ,  حتى ديمقراطيتنا هوية وليست حرية.المجتمع الهوياتي  يدمج الهوية داخل الفرد  فيصبح الفرد هوية صلبة, وبالتالي منتج هوياتي  ويصبح تبعاً لذلك  أداة لاستخدام الهوية ذاتها, هي التي تستخدمه وليست مجرد تجلياً لوجوده .أنظر في كل مكان من حولك ستجد الهوية حاضرة ليست كثقافة وإنما كقيامة , هذا التصاعد الهوياتي لايترك مجالاً للحرية بل ويتقمص رداء الحرية  وهو في الضد منها تماماً, تاريخنا تاريخ هوية لاتاريخ حرية هل هناك من ينكر ذلك؟تعليمنا تعليم هوية  يعطيك التاريخ منذ ولادتك حتى وفاتك مع ملحق بما قد يحصل لك بعد الممات .تنطلق من بيتك تحمل في وعيك قبيلتك وطائفتك وليس وطنك , الاخرون أغيار , تصل عملك أو مدرستك أو أي مكان آخر  يجري الفرز في المعاملة كل هذا داخل وعيك وتمارسه من منطلق حريتك وهو في الاساس منطلقاً من هويتك , كان مجتمعنا أكثر حرية في السابق عنه اليوم مع الاسف في المدرسة , في الفريج , في السوق, كنا نمارس حريتنا أكثر  وبدرجة أقل كثيراً هويتنا, ننطلق اساساً من أننا مجتمع مسلم وهذا أول مظهر هوياتي , ثم من أننا مجتمع قبلي وهذا ثاني مظهر هوياتي,  ثم من اننا نمتلك حقيقة الماضي وننطلق بها من الحاضر الى المستقبل وهذا ثالث مظهر هوياتي , أين إنسان الإرادة الحرة , دمجنا الحرية في الهوية منذ الصغر فأصبحت الوراثة حرية وهي في الأساس هوية, , أين المختلف سواءً دينياً أو إجتماعياً أو لوناً أو..., أين المرأة,أين حرية نقد الماضي وشخوصه ,  أين المراجعة لما تلقيناه قبل الوعي ؟أين أين.... كل هذه "الأين نات" التي تقع في نطاق الحرية مفقودة , ونعتقد أن الحرية فقط فيما نمارسه من هوية.ولتخفيف غلواء ذلك قد يسمح بممارسة جزء من الحرية كحرية التصرف داخل نطاق الهوية الجاهزة سواء الدينية أو الاجتماعية , لذلك لانعجب حينما نرى وسائل الاتصال الاجتماعي تموج بالغث من المديح والاطراء  وفي الجانب الآخر مزيج من القذف  وسوء اللفظ والابتذال كلا الطرفان  نتاج لممارسة الهوية  على حساب الحرية المغيبة, التي غيبتها الهوية بل طمست أبعادها بحيث أصبحت هي الحريةإن عدم الفاعلية في تسيير أمورنا ولا في استشراف مستقبلنا  ليس سوى  استطراد لمجال الهوية  المتشكله سابقاً, حتى التعليم الخارجي  وكثافة البعثات التي ارسلت في العقود السابقة  عادت تمارس الهوية وتلتحق بها على حساب الحرية , أنا أصدق حينما يقول قائل ماذا نريد بعد كل شىء متوفر ولله الحمد ؟ هنا يمكن تلمس البعد الهوياتي والنرجسي , لانريد شيئاً نحن نملك كل شىء , لانريد بعد هذا سوى حسن الخاتمة والذهاب الى الجنة.كما أضاف آخر .إذا كانت الهوية قد أثرت مجتمعنا في السابق , فإنها اليوم تحتضر مالم تتحول الى حرية تحفظ المكتسبات وتصون المجتمع وتبني ألانسان  , الحرية لاتعني الفوضى بل أنه ليس هناك حرية خارج الدولة بشرط أن تكون الدولة مجالاً للحرية لاللهوية  فالحرية تعني الانسان كأصالة لاكإلتحاق بماض لم يختاره  ولابمصير لم يحدده ولابمستقبل لايرى فيه تحققاً لما يصبو إليه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق