الثلاثاء، 24 ديسمبر 2019

عظم الله أجركم في الطبقة الوسطى


 

 

تهمني الطبقة  الوسطى كوجود مادي , بقدر ما تهمني ثقافتها كعامل إتزان في المجتمع , نحن نتجه اليوم نحو  مجتمع بلا طبقة وسطى تماماً , كتبت مراراً وتكراراً منذ عدة سنوات عن تلاشي هذة الطبقة رويداً  رويداً وأكتب اليوم كي أنعيها , الثقافة السائدة اليوم هي ثقافة  الدولة  بإنفراد , لذلك نرى  ثمة عسكرة للذوق العام إبتداءً من القصيدة الى اللحن الى النشيد الى الاداء , نقدر ظروف البلاد ونقدر ما يُحاك ضدها من مؤامرات ولكن في نفس الوقت قطر إنتصرت لم يعد الحصار يمثلُ عائقاً أو سبباً في تجييش الذوق العام واقتصار الثقافة على مهرجانات وحشد إحتفالي , مانراه ليس دليل على صحة المجتمع , لاأثر للطبقة الوسطى وثقافتها فيه البته , ناهيك عن تلاشي وجودها المادي الملحوظ,, أثنا الحصار  حصلت عملية تآكل  واضحة  لهذة الطبقة سواء إلتحاقاً بالطبقة العليا  أو تركاً لسقوط متدرج نحو الاسفل.الذوق العام في المجتمع في خطر نظراً لتبعيته لنمط العلاقات السائدة حالياً , الطبقة الوسطى كلما إتسع حجمها كلما أصبحت العلاقات أفقية وهذا مؤشر صحة للمجتمع وكلما تناقص حجمها جرى سحب هذة العلاقات وشدها إلى أعلى  تبعاً للمصلحة على حساب العلاقة الانسانية, الطبقة الوسطى كلما إتسعت كلما حافظ المجتمع  على قيمه وأخلاقياته, وكلما تلاشت كلما خسر  ذلك المجتمع , الطبقة الوسطى كلما وجدت  وجد التسامح اليوم مجتمعنا يتجه نحو التشدد مع الاسف في علاقاته , الضغط السكاني جاء على حساب هذة الطبقة وعمل على  تفتيتها وإضعافها نظراً لأنها أصلاً حكومية المنشأ , فأحالتها الحكومة الى التقاعد ,مكان الطبقة الوسطى الوطنية  ليس المولات وإنما الجامعات والمدارس ومراكز الابحاث,الطبقة الوسطى هي الرافد الحقيقي للإنتخابات القادمة , المهندس  , استاذ الجامعة, المدرس  و الصحفي...... إذا كانوا من رواد المولات الدائمين من ابناء هيئة التقاعد فأي برنامج سيحملون غداً الى المقاعد, نحن أمام تحدي كبير كأس العالم صحيح لكن نستقبله بقاعدة عريضة من أبناء الطبقة الوسطى  المتمكنة  لأنه مناسبة وظرف وبناء البلد ديمومة  واستمرار,  الذي ينهار ويتلاشي اليوم ليس  هو البناء وإنما الطموح , أبناء الطبقة العليا ومن سلك مسلكهم من الايقونات  إكتمل طموحهم وما تبقى ليس سوى طمع وابناء الطبقة السفلى يحملون فقرهم خالياً من  كل مايمكن أن يقدمونه للوطن,المحافظة على الطبقة الوسطى  سيحفظ لهم الذوق العام  ,وسيحفظ للمجتمع ذائقته الفنية التي افتقدناها مع رحيل عبدالعزيز ناصر وحسن علي , وجود الطبقة الوسطى سيحفظ  للناس علاقتهم الطبيعية وسيعمل  على تخفيف درجة التشدد التي أراها في تزايد واضح  حيث يتعامل الفرد هنا مع مرجعيته الاولى لعدم وجود طبقة وسطى ثقافية تعفيه من ذلك , قيم المجتمع في خطر , ذائقة المجتمع في خطر , وسطية المجتمع في خطر , الجانب الانساني في المجتمع في خطر لتغول المادة بشكل مخيف , لانريد أن نجد أنفسنا وقد تحولنا الى مجرد اشياء ومبان وناطحات سحاب,وخسرنا الانسان انتبهوا ايها السادة  الطبقة الوسطى صمام أمان لوسطية المجتمع ,صمام أمان لقيادته , صمام أمان لثقافته ولهويته , اليوم يعيش أفراد هذة الطبقة بين الخوف من السقوط  المادي والسقوط الثقافي  وهو أخطر حيث سيفقد المجتمع ثقافته الوسطى التي إشتهر بها ومن هنا يتسلل الخوف على المصير.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق