الأحد، 27 فبراير 2011

أخيرا عَلمانيه عربيه



 صناعة الواقع كفيله بتغيير كثير من الافكار والتوجهات  والخروج بالتالى من دائره القول والاعتقاد الى دائرة الفعل ونتائجه الملموسه بحيث لايبدو المصطلح أو المفهوم المصنع واقعيا  فى منطقه وسطى بين الاخذ به  أورفضه. اندفاع الثورات العربيه  بهذا الشكل " العلمانى" بعيدا عن الايديولوجيات والاديان  باشكالها , متجاوزة كل الفروقات المذهبيه, صانعة لتاريخ  إنسانى مدنى . قد يخرج الأمه من سباتها المعرفى الذى تعايشه منذ أمد ليس بيسير,واضعة الدين أو الايديولوجيا كشرط لبداية التحول هنا بعض الملاحظات لابد من ذكرها
أولا: يبدو واضحا كل الوضوح , رفض هذه الشعوب للهيمنه عليها من جديد أيا كان نوع هذه الهيمنه  وليس فقط من قبل الانظمه السياسيه بل حتى  من قبل السلطه الثقافيه والدينيه  وغيرها من أشكال السلطه الثقافيه القائمه فى عالمنا العربى عرقية كانت أو جهويه أو طائفيه.

ثانيا: نلاحظ تهافت   البعض لإصباغ  الثوره بصبغه دينيه بالذات وأيديولوجيه من بعض النخب , خوفا من فقدان  شريان مهم  من شرايين السيطره على وعى المجتمع من جديد للإبقاء  على حالة الهيمنه الروحيه والثقافيه التى هى أبشع من الهيمنه العسكريه التى يمارسها النظام والادهى أن الحالتين فى إتفاق تام  لطبيعة الهيمنه ذاتها
ثالثا: اندفاع الشعوب بهذه الطريقه  يدل على تسامحها  بحيث لم تعد ترى الفوارق التى يعتاش من أجلها النظام  السياس أو الثقافى السلطوى القائم , وهودليل كذلك  على بروز مفهوم "علمانى" سنتفق على إستخدام هذا المصطلح حتى نجد له  بديلا ربما "مدنى" أو ديمقراطى لاحقا.
رابعا: ظهر زيف كثير من القضايا التى أُوهم الشعب بأنه لن يتطور ولن يتقدم ما لم يجد لها حلولا  أولا  كثير من القضايا الدينيه كوضع المرأه ومشكلة الولايه وإرثها الاسلامى والعربى التى جعلا منها أهم من الشعوب وإرادتها.
خامسا: سيحاول النظام  الثقافى القديم  استعادة مواقعه بمزيد من التدخل فى الاحداث وسرقة منجزاتها  وتوظيف ذلك لصالحه . ولكن الحقيقه الناصعه أن هذه الثورات ثورات علمانيه بالمصطلح المتعارف عليه ولايعنينا تعريفاته الاخرى المؤدلجه من طرف أو آخر.

سادسا: العسكر  من المفروض  أنهم علمانيون لكنهم ديكتاتوريون  فبالتالى مهمتهم تسليم البلاد لنظام مدنى  علمانى  بمعنى محايد أمام الشعب  ومكوناته. وخطورةإتفاق العسكر مع الايديولوجيات الاخرى  وارد والتاريخ العربى يشهد بذلك إذا لم يكن هم كذلك مؤدلجون وهو ما أفسد حتى العسكريه العربيه..

سابعا: ثورات الاستقلال من الاستغلال هى أساسا ثورات مدنيه  علمانية الطابع  بمعنى أن هذه الشعوب عانت من الاستغلال بأنواعه وأطرافه فكما يستغل صاحب السلطه سلطته فى تمكين وضعه وسرقة لحقوق الشعب , يمارس صاحب السلطه الثقافيه أو الدينيه سلطته فى ربط  التغير من خلاله وبواسطته  وإلا خرج الامر  وضاعت الامه وفسد العباد  وهذا قتل للحريه وللدين كذلك الذى ينظم العلاقه المباشره بين الانسان وما يعتقد وبينه وبين الله عز وجل .

ثامنا: مع هذه الثورات تدخل الامه عصرا جديدا  فى تاريخها السياسى وهو الاعجز من فصول تاريخها والاكثر إعاقه  فلم يتعدى تاريخيا سوى التوريث والانقلابات العسكريه  وإغتصاب السلطه بشكل أوبآخر والسبب فى ذلك التبرير الثقافى واستمرار سلطته باسم الدين أو القبيله أو الطائفه , وقد يكون  تبريرا قبليا أو يكون بعديا كذلك ,  من جانب هذه السلطه الثقافيه لتمكين السلطه السياسيه وإقتسام  الثروات بينهما بعد ذلك.  

تاسعا: اليوم تنام السياسه العربيه فى مخدع المال سفاحا بعد زواجها اللاشرعى به الامر الذى أخر تقدم الامه وعمل على نزف وإستنزاف خيراتها   على أمد الدهر, فكما يطالب الشارع  بالثورة على الاستبداد واشكاله وثقافته ,   محطما بالتالى  ابشع اشكاله فى مصر وتونس وليبيا بين ثروات وسلطه سياسيه  ووسط ثقافى تبريرى وصولى نزق يستعير التاريخ ويزور الحقائق ليبقى وتبقى سلطته,   فبقدر ما اراه فى علمانية حركة الشارع نحو التحرر بقدر ما أرى ضروره فك الرباط المقدس بين المال والسلطه و"الدين" بمن يمثله وليس باطلاقه وليس الكل ولكن البعض الذى يخدم الشيطان.
  على كل حال , مانراه سيسيولوجيا أن ما يحدث هو   أن الامه دخلت مرحلة  جديده علمانية الطابع بالمفهوم التاريخى الثابت وحطمت الاسوار والروابط   الدوغمائيه التى أثقلتها  فلا   حاجة لديها اليوم لإستيراد تجارب الآخرين ومفاهيمهم إنها تصنع علمانيتها بيدها وبظروفها وبرائحة أرضها ودماء شهدائها. وبإتفاق مع موروثها وثقافتها وبالتالى تكسر انشالله  الحاجز النفسى التى يتستر وراءه كل من يرى نفسه وصيا على الامه ودينها ومستقبلها ويرهنها الى الزمن السرمدى  حتى تستفيق من سباتها  و قد وصل الامر منتها ه وبلغت  القلوب الحناجر  . لقد إنتهى الدرس  وكبر التلميذ وأصبح يصنع تاريخه بنفسه.

هناك 3 تعليقات:

  1. المحرك الاساسي لجميع هذه الثورات هم الشباب مما يعني انها ثورة افكار ورؤية جديده تختلف عن ما سبقها من ثورات وحركات قامت في الوطن العربي .

    الثوار قالوا كلمتهم ومطالبهم وهي مطالب تصب في مجملها بمفهوم الدوله المدنيه من مساواة وديمقراطيه وغيرها من استحقاقات مفهوم دولة المؤسسات . وهذا يعني ان مفهوم أسلمة الدولة والحاكمية سقطت وتجاوزها الزمن الى غير رجعه خصوصا بعد فشل تجارب الاسلام السياسي الذي لم تكن صورة اجندته واضحه خصوصا في مسألة الاخوان المسلمين في المصر !!

    المواطنه ودولة المؤسسات تعني علمنة الدولة وتفعيل مفهوم المواطنه ومن يحكم يمر من خلال صناديق الاقتراع بغض النظر عن دينيه او عقيدته .

    في الزمن الراهن اصبح الشعب هو من يحمل اصطلاح ولي الامر بكل جداره وليس رجل يعطي الهبات والعطايا الجزيله ويقول لمن يمدحه شعرا اعطوه مئة دينار من الذهب . تلك المقولة التي تجذرت في اذهننا منذ نعومة اظفارنا عن ولي امر المسلمين .

    الزمن لا يرجع للوراء التغير قادم لا محاله فقد بدأت بصفعة على خد البوعزيزي وصلت صداها على اصداغ كل اله مصنوع من تمر لا يقوى على حرارة لهيب الجموع الثائره .

    ردحذف
  2. أوافقك في كل ما ذهبت إليه ما عدا رابعا، القضايا الذي ذكرت ليست مزيفة أمام التطور. و أنت القائل: رحل المستبد و لكن هل يرحل الاستبداد. غيرنا لكننا لم نتطور، قضايا فهم الدين و المرأة ما زالت من أهم التحديات بالأمس كنت في عزاء و كانت إحدى شيخات الدروس الدينية تقول للنساء إن أهل الصين الكفار يشركون بالله...و أن المسلم فقط يملك الحقيقة..و حذرتهم من سماع أم كلثوم و أكدت أن المرأة ضعيفة و عاطفية و قابلة للعطب، كما أكدت طاعة الزوج من طاعة الله و ضرب المرأة تكريم لها من الله عز وجل،

    الثورة كانت ممكنة دون حل كل تلك الاشكاليات لكن التطور لن يتحقق دون حلها. لا أكتب ذلك لأجل المرأة، و لكن هل فعلاً يتطور مجتمع يعامل المرأة بتلك القذارة؟

    ردحذف
  3. هى زائفه حين توضع عائقا امام تطور الشعوب وشماعه للاستكانه للوضع الراهن وعدم التغيير هذا هو القصد اما هى فبلضروره لها اهمية كبرى بلاشك

    ردحذف