الاثنين، 29 فبراير 2016

"الأيقونه الإجتماعيه"



بدلا من أن ينتج المجتمع نشطاء إجتماعيين في جميع المجالات, عاملين على تطوير المجتمع وزيادة حراكه الاجتماعي, ينتج المجتمع أيقونات إجتماعيه, والأيقونه أساسا رمز لاهوتي يختزل المعنى التاريخي الديني للأجيال ويؤبده في ذاكرتهم , مجتمعاتنا العربيه والاسلاميه ممتلئه بظاهرة الأيقونات الدينيه ,وبإختراعنا للأيقونه الإجتماعيه نعمل على إعاقة المجتمع السياسي والمدني من الظهور كذلك, فالجديد في الأمر أننا أصبحنا ننتج أيقونات إجتماعيه بسبب النمو الرأسمالي اللا متوازن , والأيقونه الإجتماعيه مرحلة تأتي بعد مرحلة المنصب أو بالأحرى التشبع من المنصب الهام حتى الثماله , لينطلق بعدها صاحب المنصب الى مرحلة "الأيقنه" أو التحول الى أيقونه إجتماعيه يُتبارك بها في المناسبات والأفراح , خطورة الأيقونه الإجتماعيه تتمثل في أنها لم تكن ثمرة عملية إنتاجيه بقدر ماهي ثمرة لإنزياح الريع وتكدسه , الأيقونه الاجتماعيه نراها في المجتمعات الإنتاجيه أكثر إنتاجا ونشاطا من بقية أفراد المجتمع , في حين نراها في مجتمعات الريع , تبتسم للكاميرات وتستجيب للتصوير في المناسبات أكثر من مشاركاتها الإجتماعيه الخيريه , تختار الأنظمة أيقوناتها لتلميع صورتها أمام بقية المجتمع , فبعد أعلى المناصب في مجتمعاتنا تأتي, مرحلة الأيقونه الاجتماعيه المنتجه نظاميا. بودي لو ننتبه الى نقطة جوهريه وهي أن الوجاهه الاجتماعيه في السابق لم تكن مرتبطه بالثروة الماديه للشخص قدر إرتباطها بالمكانة الإجتماعيه له , مانراه اليوم العكس تماما , فاصبحت الثروه هي العامل الوحيد المحدد للوجاهه الاجتماعيه إلا في أضيق الحدود , وبإختلاقنا لظاهرة الأيقونة الإجتماعيه لمرحلة مابعد المنصب نكون قد طمسنا تماما مفهوم المكانة الاجتماعيه السائد في السابق , خطورة ذلك في تزييف المجتمع وبالتالي تزييف تاريخه فيما بعد , لذلك نلاحظ دائما ترتيبا جديدا فيما يسمى بلائحة "الأعيان" حسب ظهور إيقونه وإختفى أخرى , وننسى أن فكرة أعيان المجتمع تقوم على التسلسل التاريخي , وليس على الاختيار القائم على فكرة "الأيقونه الإجتماعيه" التي نصنعها بأيدنا ثم نطلقها في المجتمع ليتمحور حول هالتها واشعاعها البراق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق