الخميس، 30 يونيو 2016

"العوسج"



 سيرة وذكريات الدكتور علي بن خليفة الكواري  أدق ماتمكنت  استخلاصه منها    ليس سلاسة السرد  و لا إزدحام الذكريات وتنوعها, ولا التنقل بين بلد الى آخر أو من منطقة الى أخرى داخل الوطن الحبيب , اكثر مالفت نظري هو ملمح الكينونة التي تنغمس في المجتمع    دون اأن تذوب فيه   ,  حيث بإمكان الفرد أن يعيش في أتم الانسجام مع  مجتمعه , لكن   بمعاييره    وقناعاته الشخصيه, "العوسج" لها   أيضا  بُعدا أخلاقيا إبتداء من الأسم  هذا النبات الذي لايموت في أصعب البيئات  جفافا  فهو لاينفصل عن بيئته , لكنه يخضر ويزهر حينما تحتفي بيئته به, كذلك هناك إشارات لبناء الفعل الاخلاقي  على البعد الانساني , أكثر منه  على البعد الاجتماعي الموروث  , استمرار العلاقه ذات البعد الانساني على جميع اشكال العلاقات الاخرى ذات الريع ربما, المحافظه على العلاقه مع البسطاء  الموظف   , الفراش و البائع....الخ بعد آخر وهو إستخلاص المعرفه من الواقع , وليس فقط وصفه  , كثير من فصول الكتاب  تجعلك تشعر بأن هناك جهد لإستخلاص  المعرفه  ليس من  المجتمع كمعطى سابق للتجربه  وإنما من سيرورة البحث  لايجاد مكان  لإثبات الذات وتوافقها مع مسلمات المجتمع الخاضع  لحكم  المجموع أو الجمعية البشريه التي تطغى على  الفرد وتعطل  ملكاته الفرديه أمام أهوائها الجارفه, أيضا هناك مقاربة واضحه لشكل المجتمع  بشكل  لم يسبق الاشارة إليه , فويرط والغاريه  بساطة وتلقائية العلاقات , الريان  عدم وضوح الترابط الأفقي  بين المجتمع على حساب ترابط عمودي مشدود وقوي مع الحكم نظرا لكونه مركز الحكم في ذلك الوقت  وشعور بنوع من الغربه , أم غويلينه , تجمع لكثير من الأسر والعائلات القطريه في وسط  الدوحه وتنوع  أشكال العلاقه .أيضا هناك بعد فلسفي يمكن ملاحظته  وهو إنتقال الاراده من الوجود بالقوه الى الوجود بالفعل, من إراة السلب الى إرادة الايجاب, عدم الموافقه على التوظيف في الحكومه أوجدت الإرادة بالقوه  ,تحولت  مع  افتتاح برادات الأمل ,الى إرادة بالفعل , هناك كثير من النقاط التي يمكن تلمسها من سيرة وذكريات العوسج  فوق التفاصيل الصغيره والاحداث التي يمكن مقاربتها بأكثر من وجهة نظر ,  ماشدني في "عوسج" علي الكواري , هي محاولته لكسر الحجر الذي يقف في الطريق   ليس لأنه آذاه  بشكل شخصي , ولكن لكي لايؤذي غيره من السائرين خلفه في طريق صنع الذات وإمتلاك الإرادة.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق