الاثنين، 29 ديسمبر 2014

إعلامنا بين قيَم المدينه وقيَم التراث



ركز إعلامنا على نشاطات التراث للمجتمع القطري من خلال قناة الريان على وجه الخصوص , في حين غلب التركيز في تلفزيون قطر على إظهار التمدن الشكلي للدوله من خلال ابراز أماكن الترفيه فيها من فنادق ومطاعم ومجمعات, ولي هنا بعض الملاحظات أود لو اذكرها:
أولا: فيما يتعلق بالتراث من المهم جدا التركيز على قيمه اكثر من نشاطاته لأن النشاط لايعود كما كان في السابق لانتهاء ظروفه, فالقنص في قطر إنتهى , وتربية الصقور لدى شباب اليوم هوايه أكثر منها نشاط حرفي كما كان في السابق, وغير ذلك من النشاطات التراثيه الاخرى لكن قيًم هذه النشاطات هو مايجب استحضاره , واستحضار مثل هذه القيم لايتطلب فقط إقامة المسابقات , ولكن يتطلب ايضا المحافظه على نفس مستوى العلاقات الذي كان سائدا . وهذا هو التحدي اليوم "روح المجتمع القطري" التي كانت سائده .
ثانيا:قيم تراثنا , قيم مشتركه , تقوم على التعاون والايثار والتحاب, والمشاركه وما الى ذلك , ففي الغوص تجدها وفي القنص تجدها , وفي الفريج تجدها .
ثالثا: المدينه سابقا , الدوحه , كانت أقرب الى كونها قريه كبيره مقارنة بضواحيها وقرى قطر في السابق , لاتجد أي إختلاف بين قيم الفريج وقيم المدينه التي هى أصلا كانت مجموعة من الفرجان.
رابعا:المحافظه في المدينه تماما كالمحافظه في القريه او في فرجان الضواحي , لاتشعر بأي نوع من التبرج ايا كان شكله في السابق, الفنادق معدوده ومحافظه كذلك.
خامسا: سكان المدينه من الاجانب اعدادا محدوده ومعظمهم من الطبقات الوسطى المحافظه على القيًم, مدرسين, أطباء , مهندسين,,,الخ.
سادسا:يقدم إعلامنا اليوم على الجانب الآخر صورا عديده من خلال برامج عده للتمدن الشكلي في الدوله عن عرض ريبورتاجات وتقارير لأفخم المطاعم والفنادق واماكن السياحه والترفيه والمجمعات الاستهلاكيه الكبيره , وينسى أن لهذا الشكل من التمدن قيمًا قد تكون في تضاد مع قيم المجتمع نفسه التي غرست فيه.
سابعا: لاحظت ولمست لَمسا , لدى شباب اليوم, من اولئك المغرمين بنشاطات التراث التي ترعاها الدوله وهم قطاع كبير , ولك ان تلاحظ عدد المشاركين في مسابقات التراث واعمارهم,, عدم رغبه واضحه في الاندماج في حياة المدينه الشكليه القائمه اليوم , الى درجة أن بعضهم يرفض حتى مجرد الذهاب للمجمع "المول" واذا اضطر ذهب مسرعا , ناهيك عن زيارة الفنادق وغيرها , اتكلم هنا عن القطريين , ابناء التراث وثقافته.

ثامنا: بروز ثقافتيتن واضحتين , ثقافة يغلب عليها طابع الوافد واحتياجاته , وثقافة تحاول المحافظه على التراث عن طريق تجديد نشاطاته وبث الروح فيها, ترعاهما الدوله , ويشارك في ذلك الاعلام دون سياسة واضحه, سوى العرض .
تاسعا: نجحت الدوله في تعبئة الشباب القطري وابعاده عن مصادر الخطرما أمكن من خلال هذه البرامج التراثيه بلاشك وهذا شىء تحمد عليه, ولكن ستواجهها مشكله هي كيفية المؤامه بين ثقافة التراث وثقافة المدينه الاكتنازيه في وقت قصير , من جميع الجنسيات, وارقى الفنادق , وافخم"الحانات". وما ينتج قد عن ذلك من سلوكيات هي في تضاد تام مع قيم التراث التي يمارسها نشاطاتها الشباب
عاشرا: في السابق كان المسجد والفريج والمدينه في إطار واحد من الثقافه , حين تخرج من المسجد وخلال مرورك بالفريج حتى وسط المدينه , انت تعيش ضمن سلسله من القيَم واحده , اليوم الأمر مختلف تماما , لذلك هناك حلقه مفقوده , يجب الانتباه لها.
أحد عشر:على اجهزة الدوله وفي مقدمتها الاعلام, مواكبة الجانب المادي للتمدن الذي انتهجت الدوله , بجانب من التمدن في المضمون وفي ايجاد نوع من التفكير متمدن يقبل أو لديه القابليه للتعايش وبقبول الحد الادنى من السلوك والقيم الشخصيه.
أثنا عشر:التنميه عمليه شامله خاصة فيما يتعلق بجانب القيم والاخلاق , لقد اعرنا الجانب المادي جلُ اهتمامنا على حساب الجانب المعنوي , وفصلنا بين قيم التراث وقيم المدينه وهذا سيسبب اشكالا لاحقا وقد يطمس الهويه بشكل كبير.
ثلاثة عشر: اقمنا حاجزا نفسيا لدى الوافد ضد هويتنا دون أن ندرك , أماكن سمحنا للقطري بالدخول فيها بزيه الوطني , وأماكن منعنا القطري من الدخول فيها بنفس الزي , بحجة أنها لاتليق بالزي القطري , والاشكاليه أن المشترك في المنع هو" القطري" مما سبب ويسبب احرجا له ونظرة دونيه له من مقبل الوافد أو العامل .كان من الممكن معالجة مثل هذه الامور قانونيا و من يكرس الفوضى يمنع أيا كان زيه أو ملبسه , لذلك ننأى بثقافتنا من التهم . ونحيلها الى الفرد .
أربعة عشر:الطريف اننا ندير النظم الاداريه من خلال ثقافة التراث من عشيره وقبيله وعائله, في حين نقيمها على أحدث سبل التكنولوجيا والاتصالات .
خمسة عشر: قيم التمدن هي ما يجب التركيز عليه اكثر من مظاهره الماديه , أين الجمال المعماري والقيم الفنيه مثلا, اين سلوكيات المرور الاخلاقيه, اين نظام المرور الاخلاقي الذي لايفقدك أعصابك ويثير حفيظتك فتفقد السيطره على نفسك ولسانك , اين القيم الشخصيه التى لاتتعارض مع ثقافة المجتمع و اين النظافه العامه ,كل هذه الامور تحتاج الى اسس تقوم عليها .أقمنا مهرجانا للتراث , فعلينا بالتركيز على قيمه واخلاقياته , وأقمنا تمدنا ماديا , فعلينا بتمدن التفكير و إنجازه كمضمون لاكشكل.
ستة عشر: لابد من وضع خطه للدمج بين ماتقدمه الدوله من تشجيع لنشاطات التراث وقطاعها الواسع من الشباب , وبين ما نشهده من تقدم مادي سريع للمدينه والقيم التي يمكن أن تنتج عنه ولانتركها للصدف , وللعشوائيه , الامر اكبر من مناسبه , واخطر من ان يضحى به أو يغفل عنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق