الجمعة، 21 نوفمبر 2014

الاستبعاد الاجتماعي بين اللي «فوق» واللي «تحت»







قضية الاستبعاد الاجتماعي شغلت بال كثير من علماء الاجتماع كونها سببا مباشرا في تقسيم المجتمعات وظهور بؤر التوتر والانقسام فيها فالاستبعاد الاجتماعي يعمل في تضاد تام مع عملية الاندماج التي تقوم عليها المجتمعات حتى ان مفهوم الدولة ذاته يعد ناقصا مع وجود بوادر الاستبعاد الاجتماعي فيها.

هناك نوعان من الاستبعاد الاجتماعي يمكن ملاحظتهما في مجتمعات الرأسمالية الناقصة، حيث يؤدي رأس المال دورا سلبيا نتيجة عدم ارتباطه بنشوء الديمقراطية وطبقاتها الملازمة لها تاريخيا. فوجود الاثنيات والطوائف وجود طبيعي في جميع المجتمعات ولا يمكن ان يشكل خطرا عليها الا اذا اقترن بفكرة النقاء والاصطفاء او امتلاك الحقيقة لفئة أو طائفة دون غيرها لذلك يمكن التعامل مع نتائجه مع التسليم بوجوده اصلا.

ما يهمنا هنا نمط آخر مؤسس لعملية الاستبعاد الاجتماعي له علاقة بعملية التطور التي مرت بها مجتمعاتنا العربية واجتياح الرأسمالية وحدها لهذه المجتمعات دون مصاحبة حقيقية لتشكيلاتها الارضية الضابطة لقيامها كنشوء برجوازية وطنية مطالبة بحقوقها. وطبقه وسطى مستقله

النوعان من الاستبعاد الاجتماعي الذي اشرت اليه احدهما متعلق بالنخبة او بالطبقة العليا في المجتمع والآخر بطبقة المهمشين فيه، الاولى لانها مكتفية والثانية لأنها مقصية، الاولى لها مبرراتها بنفي نفسها اختياريا والثانية لا تستطيع ان تبرر شعورها بالاستبعاد ,الاولى عادة ماتكون ضيقة، ومحصوره, والثانية غالبا مفتوحة وتزداد مساحتها مع الوقت، الاولى لها اخلاقياتها ،والثانية كذلك، الاولى تمجد الوضع الراهن، والاخرى تطلب التغيير.

شكلت الدراسات الاجتماعية مدخلا هاما لدراسة وجود الاستبعاد الاجتماعي في المجتمعات الريعية وأثبتت الدراسات ان عملية توزيع الريع عامل هام في وجود وقيام مثل هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة وان من اهم ســــــلبياتها انزياح المجــــــــتمع ضد نفسه ومكوناته بل انه حتى في المجتمعات المتقدمة شكلت جيوب المهمــــــــشين مشكلة للانظمة والحـــــكومات والخطورة في مجتمعاتنا لها شقان ليس فقط متعلقين بأطراف المجتمع نفسه الطــــبقة العليا والطبقة الدنيــــــا بل في غياب الطبقة الوسطى كذلك واضمحلالها، الذي نفهمه ان الاستبعاد الاجتماعي بشكله التاريخي المعروف متعلق بطبقة المهمشين وجيوبها اما الشكل الذي يلاحظ في مجتمعاتنا الخليجية بالذات ان جزءا آخر يسعى لاستبعاد نفسه اجتماعيا نظرا لاكتفائه وعدم حاجته ربما وهنا مكمن الخطورة متى شعرت فئة او طبقة باكتفائها واستغنائها عن باقي فئات المجتمع فالأمر خطير على المجتمع ككل مترابط يشد بعضه بعضا ويتلاحـــــم افراده في جميع الظروف والمناسبات .

يشكل القبول بالتحول الديمقراطي ا جسرا يمكن العبور فوقه لتجاوز هذه المثالب التي نتجت عن قصور بعض المجتمعات تاريخيا ليس بالضرورة ان يكون المجتمع منتجا للديمقراطية ولكنه من الضرورة الاقتناع بها واستيعابها من نسيجه وبعض آلياتها مع التطور لمنع الاحتكاك الذي قد يحدث لو استفحل الامر والذي نشهده في مجتمعات عديدة والذي لا نتمناه ان يحدث في اي بلد عربي فنحن لانزال نأمل في أن تستمر حنية الناس اللي "فوق" ع الناس اللي "تحت" كما يردد "احمد عدويه "وطالما الأمر كذلك فوجودنا ليس وجود حقيقي وانما وجود زائف كما يعتبره "هايدغر" لانه ليس كينونه مستقله وانما كينونه ملحقه اي زائفه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق