الثلاثاء، 20 أبريل 2021

الفقر الوجودي

الفقر المادي هو اسهل انواع الفقر تجاوزاً, لأنه حالة دنيوية وليس حالة وجودية, الفقاعة المالية فقيرة وجودياً على الرغم من غناها دنيوياً , معظم امراضنا الاجتماعية تأتي من معاناتنا من الفقر الوجودي, هو فقر في الاحساس بوطأة الوجود الانساني والتماهي مع انواع من الوجود الاخرى وليست سوى التحاقاً بالاخرين أو تنازلاً بكينونتك وانسحاقاً أمام ريع الوجود الاجتماعي الزائف سواء كان مالاً او منصباً أو مكانة هشة , كثيرون تجدهم هنا وهناك واعراض هذا الفقر الوجودي واضحة لمن يدرك حقيقة الوجود الانساني الاصيل ,الفقر الوجودي هو وجود للاستخدام تماماً كوجود الاشياء الاخرى , المطرقة , المنشار , الفوطة...الخ كثيرون اولئك الذين يسعون للبروز في المجتمع ولكن يفضح ويكشف اسلوب هذا السعي فقرهم الوجودي, فهم لايشعرون بكينونتهم بقدر ما يسعون لاشعار الاخرين وبالحاح مستمر بأن أحدهم أصبح شخصاً هاماً , يهديك ليريك ما يمتلك, يدعوك لكى ترى اين يقيم وكيف يقيم وفي اي فخامة ينزل,؟ ليس انطلاقاً من اريحية نفس أواسبقية خصلة,ولكن الذي يحركه الشعور بالفقر الوجودي المتكدس في اللاشعور, وعدم مرور انتقاله المادي سواء كان ثروة او منصب او جاه بالمراحل الطبيعية والتعرجات التاريخية اللازمه لتصنع منه انساناً ممتلئاً وجودياً, هي ليست عصامية ولاحتى عظامية, هي طفرة وجودية سرطانية تسحق الانسان وتُظهر التكتل الاجتماعي الزائف بشكل غير مسيطر عليه,مجتمعاتنا الخليجية ممتلئة بأصناف وانواع الفقر الوجودي نتيجة الطفرات المالية التي احدثها ويحدثها توزيع الريع في انتاج ايقونات اجتماعية لخدمة الانظمة حيث من الصعب وربما من المستحيل السيطرة على من يمتلكون الغنى الوجودي قبل الثروة وقبل المنصب, خطورة الفقر الوجودي انه لاقعر عنه سيظل صاحبه يعاني منه مهما امتلك من مادة وثروة وسيتحول في الاخير الى مادة لتندر المجتمع واشفاقه , يبقى ان يتنبه المجتمع لمن كان غنياً وجودياً وان كان فقيراً مادياً وبين من هو غنياً مادياً وفقيراً وجودياً فالفرق بينهما كبير فالأول إضافة رغم عسره والثاني فقاعة رغم يسره وغناه.

هناك تعليق واحد: