الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020

المشهد الثقافي واستحالة التأصيل

  المتابع للمشهد الثقافي في بلدنا , يجد صعوبة وربما إستحالة في القدرة على التأصيل لحركة ثقافية قائمة على التعددية, على الرغم من أن مثل هذا الافتراض كان ممكنا في عقود سابقة , مالسبب ؟ وكيف تشكلت مثل هذة الاستحالة المفترضه؟ كنت قد تعرضت في عدة مقالات سابقة "مواطن بين ثقافتين" "القطري الجديد" وغيرهما لبعض اسباب صعوبة التأصيل لحراك ثقافي يعكس تطور حقيقي يتماشى مع التطور المادي الذي تشهده البلاد. الآن أعود مرة اخرى لمزيد من التفصيل , علينا أن لانخلط بين مفهوم التعددية ومفهوم الطبقية, التعددية تخلق الهوية من خلال الاختلاف, بينما الطبقية هوية جاهزة تأتي أولاً لتحدد التعددية التابعة لها, هناك اليوم ثلاثة أشكال للمشهد الثقافي في قطر كل منهم يغني على ليلاه. الشكل الاول : يتجه نحو الخارج بنشاطه ومنشوراته وأبحاثه وتمثله بعض مراكز الابحاث والدراسات سواء التعليميه او التلفزيونيه الشكل الثاني :يتجه نحو المجتمع المحلي ونشاطاته وتقاليده وتمثله وزارة الثقافة ونشاطات كتارا والصحف المحلية الشكل الثالث: وهو الثقافة الرسمية او ثقافة السلطة وهي خارج اطار الثقافتين كجوهر متعال يؤثر ولايتأثر وهي صفة تلازم جميع اشكال الثقافة في جميع بلدننا العربية . ففي حين تنادي ثقافة المجتمع مثلاً بمجتمع مدني تأتي ثقافة السلطة لتوفر لها ذلك رسمياَ, وحين تحتاج الثقافة المتجة الى الخارج مزيداً من الدعم تأتي ثقافة السلطة الرسمية لتحقق لها ذلك , وبالتالي تصبح جميع التشكيلات الثقافية داخل المجتمع تشكيلات رسمية من جمعيات ومبان وغير ذلك وهكذا , فنحن بصدد ثقافة واحدة وان انقسمت بين تابع ومتبوع, لايوجد تفاعل حقيقي بين هذة الاشكال الثقافية في المجتمع , يمكن ملاحظة ذلك بسهولة, فأقصى ما قد ينادي به المجتمع ثقافياً لايتعدى ماهو مرسوم له ضمناً ,هذا الشكل من المشهد الثقافي هو أفقر المشاهد ثقافياً على مستوى المجتمعات واخطرها على المستقبل , فلاهو نتيجة جدل ايجابي بين القضية ونقيضها ينتج عنه مركب ثالث يدفع بالامور الى التطور, ولاهو جدل سالب يحفظ للفرد كيانه في مقاومة شمولية الاندماج وضياعه في خضم المجموع , لذلك تجد الثقافة الى حد كبير موسمية , والحماس لها  يصعد حيناً ويتلاشى في بقية الأحيان , والمثقفون بورصة وأسعار وبالونات في فضاء المهرجانات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق