حين كنا ندرس مادة التاريخ نحن جيل الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي , خلال مراحلنا الدراسية الى ما قبل الجامعة, لم ندرك أننا كنا ندرس التاريخ الماض كمستقبل بدلاً من أن ندرس المستقبل كتاريخ , لم يكن هناك ادراك حتى من قبل الاساتذه والمنهج كذلك أنهم يدرسوننا التاريخ كمستقبل مطلوب تكراره أو إستنساخه , فكبرنا وفي اذهاننا أن المستقبل توجد له صورة ذاتيه نمتلكها مقدماً , كان تاريخاً زاهياً جميلاً, كله بطولات وانجازات , سأتجاوز هنا قضية الطوبائية التي درسنا بها تاريخنا الى قضية أهم وأخطر وهي تثبيت ذلك التاريخ كصورة للمستقبل كان علينا كجيل جديد ان نستنسخها , كان خطأ المنهج كبيراً وكانت الرؤية التعليمية والتربوية في هذا المجال قاصرة مع الاسف , وحين ظهرت المدارس الخاصة بتنوعها دُرس التاريخ بشكل آخر فمنها من كان يُدرس تاريخ العالم والحروب العالمية واخرى يُدرس التاريخ فيها انطلاقاً من منهجها ونظامها التعليمي انجليزياً كان أم فرنسياً وهكذا,حتى الآن أعتقد أن التاريخ لا يزال يُدرس بشكل خاطىْ, التاريخ اليوم في اعتقادي ليس له علاقة بالماضي , التاريخ اليوم هو المستقبل , يجب على النشء الحالي أن يدرس المستقبل كتاريخ , النظرة الخلفية كما كنا في الطابور نمارسها كالعسكريين " للخلف دٍُر" يجب ان تنتهي , صراعاتنا اليوم نتيجة لما درسنا من تاريخ ما ضوي يجب ان يدفن , لانزال نعيش الماضي كتاريخ حاضر وكمستقبل قادم , نفس الخلافات والصراعات منذ العصر الاول نعيشها اليوم بمسمياتها الدينية والاجتماعية , نحتاج الى نظام تربوي جديد يدرس المستقبل كتاريخ, ينظر الى الغد كنقطة تعدد وانفتاح , لنجعل من دراسة التخصصات بجميع انواعها الاجتماعية والعلمية تاريخاً يُدرس , ليس التاريخ هو الحوادث فقط فهذة نظرة قاصرة ومحدودة, التاريخ هو الانسان في إتجاهه المستمر نحو الغد والمستقبل ينشد الرخاء ويتعامل مع مايستجد وليس مع ما عايشه الاجداد بالامس , مادة التاريخ في مدارسنا يجب ان تتطور باتجاه المستقبل , نحو الانسان وليس نحو الحوادث , رغم اننا اكتشفنا فيما بعد ان ماكان يدرس لنا كتاريخ لم يكن كما كان او كما حصل وانما كما كنا نريده ان يكون , فاصبحنا نمتلك عقليات مبسترة وحينما قرأناه بعيون الغير وجدنا اننا كنا نُدرس تاريخ السلطة وليس تاريخ الشعوب, على التربويون وخبراء المناهج اليوم مسؤولية كبرى أن يضعوا لمادة التاريخ منهجاً مستقبلياً يدرس المستقبل إذا ما أردنا لاجيالنا القادمة أن تتطور وان تبتعد عن التعصب والتمحور حول الذات تاركة مستقبلها في يد غيرها يتحكم فيه كيفما يشاء.
الأحد، 5 يناير 2025
الأربعاء، 1 يناير 2025
إشكالية التخلص من الطاغية
يفرغ الطاغيه الرؤوس من العقول ويمتهن الاجساد ويعيث فسادا فى الثروات ويملأ الدنيا جورا وظلما, لايسأل عن خاتمته كيف تكون ومتى تحين, ينسى أو يتناسى , يعمل حسابا للبعيد ويأتى أمره من القريب, يكبل الشعب بالحديد, ويتحكم فى خطواتهم وانفاسهم , ينام مطمئنا وهم فى السجون , يستمتع بأنات الثكالى وصياح اليتامى . هو يربى شهوة الانتقام داخل النفوس , هو يريد أن يكون الشعب على شاكلته ونحوه, فلا يظلمه التاريخ . لي هنا بعض الملاحظات حول اشكالية التخلص من الطاغيه:
أولا: الشخصيات الاستبدادية ذات الطغيان فى التاريخ التى وصلت الى خطوط اللارجعه, لايبقى لها سوى طريقة كيف تموت,بالتالى تدفع بإتجاه رمزية الموت دائما , أو الهروب المذل
ثانيا: التخلص منها بعد القبض عليها طبعا يحتمل أمران نظرا لتاريخها الاشكالى , سرعة انجاز ذلك وبغموض احيانا وبدون تفاصيل كثيره لطى الصفحه بأسرع ما يكون, أو تقديمها للمحاكمه إذا كانت قدرة المجتمع وفاعليته واضحه وحوله إتفاق عام.
ثالثاً: فى التخلص من الطاغيه لابد وأن يكون الهدف واضحا للجميع فلا يصبح طريقة التخلص منه مكسبا لجهه على أخرى أو ميزه لطائفه على أخرى , فالتاريخ المعنى لابد وأن يكون التاريخ الكبير تاريخ الوطن لاتاريخ القبيله أو الطائفه أو المنطقه.
رابعاً:طبيعة الشعب الذى يحكمه الطاغيه مهمه جدا فالطاغيه القبلى اشكاليه أكبر من الطاغيه الايديولوجى فسقوط الايديولوجيه سقوط له او العكس ولكن القبيله فى ارضها لاتسقط وقد يعاد ذكره والتذكير به دائما, تماما مثل الطاغيه الدينى الذى له اتباع يحملون فكره من بعده
خامساً: اذا أمكن التخلص من الطاغيه إنسانيا عن طريق المحاكمه, لأن الطغيان ظاهره ضد الانسانيه وليست فقط ضد دين معين او شعب دون آخر فهو الأفضل والاصفى للنفوس, إستعمال الشعب لنفس آلية الطاغيه فى التخلص منه , يعطى مؤشرا بالنهج والاتجاه
سادساً: طريقة التخلص من الطاغيه تكشف عن تحضر المجتمع وبأنه أى الطاغيه لايتعدى كونه إستثناء عن القاعده لايمكن أن يتكرر , وعكس ذلك ينبىء عن ثمة قابليه لدى المجتمع واستعداد مبدئى للطغيان اذا ما سنحت الفرصه أو حان وقتها.
سابعاً: يجب ان نعى ان الطغيان ليس فقط سلطوى , هو كذلك ثقافى ودينى , تفكيك الاستبداد يبدأ قبل وصوله للسلطه وهذه مهمة المنابر والمدارس , فالمستبد ضحيه وجان فى نفس الوقت.أنه صوره للتضارب الثقافى الذى يعيشه المجتمع بين لحظة ولادة الزعيم وبين لحظة تمزيقه
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)