الأحد، 25 يناير 2015

النظام المعرفي في المجتمع القطري "4"



في السبعينيات حتى اواخر الثمانينيات أدار خطاب الحكومه   النظام الإجتماعي في المجتمع القطري بشكل أكثر كفاءة, وبرز الموظف المدني والموظف العسكري كرمزين لتلك المرحله وكمرتكز لطبقه وسطى حكوميه واضحه آخذة في التشكل, وبدا النظام الإجتماعي في المجتمع بالسماح في اعتماد العلم كقيمه وظيفيه في الحياه , وبالتالي في الانعتاق من الاشكال الريعيه الوظيفيه السابقه كالفداوي والخوي والخادم. لذلك أسميت النظام السائد في تلك المرحله بنظام" التموضع" بمعنى تمكين المواطن من الوقوف مستقلا الى حدً ما بين الريع والسلطه. واعني بالسلطه ليس المفهوم السياسي وانما المفهوم الاجتماعي أي اصحاب السلطه وهم العائلات الحاكمه في الدول العربيه في الخليج .و اعتقد ان وجود هذه المسافه بين الريع والسلطه في ذلك الوقت هي سمحت بالاتجاه نحو دور اكبر للحكومه وللمجتمع , وليس بسبب طلب داخلى على ذلك , ولكنها رؤيه كانت تتسق مع الوضع العربي السائد في حينه المتمثل في المواجهه مع اسرائيل ثم وقوع الحرب الايرانيه العراقيه وتأثيرها المباشر على المنطقه. وكما ذكرت سابقا فالريع هو الريع عبر تاريخ المجتمع القطري لكن رؤية السلطه له هو الذي يسبب الاختلاف من مرحلة الى اخرى ويفرز بالتالى نظاما إجتماعياً بناء على ذلك الاختلاف والتبدل.
أولا:مثلت الوظيفه الحكوميه نطاقا فاعلا في تلك الفتره نتيجه للخطاب الإجتماعي الذي تبنته السلطه مع احتفاظ المجتمع بصورته التراثيه السابقه المتمثله بوجود "الشيوخ" ووجود الوزراء من كبار السن والوجهاء ومجلس الشورى الذي كان في حينه مناسبا لتلك المرحله وفعالا جدا وفي اتساق تام مع النظام المعرفي السائد حينئذ. مع ان وجود مسافه بين جميع هؤلاء الفاعلين جعل من المجتمع الى حد ما في مرحلة توازن.
ثانيا:البحث عن القطري بقوه كان شعار تلك المرحله وتقطير الوظائف كان هدفها, إلى درجة ان أصبحت هناك روشته إسمها"أنا قطري" الأمر الذي احدث ردة فعل قاسيه جدا عندما تخلت الدوله نوعا ما عنها تحت دعوى التحديث أو التنويع أو المنافسه.
ثالثا: غلبت لغة "التصحيح" على معظم تلك الفتره , بمعنى أن هناك وضعا خطأ علينا تصحيحه , لكنها لم تستمر حتى نهاية تلك الحقبه.

رابعا: ظل المسجد والمدرسه يؤديان دورهما في اتساق تام , ولعل الملاحظ يلحظ بسهوله متانة ثقافة ولغة ذلك الجيل وتمكنه كذلك من اللغه الانجليزيه . وبمنهج ديني واحد ضمن المنهج العام التعليمي.وإن طرأ تغير على شكل خطاب المنبر بعد إستجلاب الكثير من شيوخ الدين والخطباء من الدول العربية  حيث الخطاب الاسلامي المؤدلج.
خامسا: شكلت الحكومه والديوان الأميري ثقل التفاعل مع المجتمع وحل مشاكله بصوره اكثر مما كانت عليه سابقا من ناحية التنظيم والاداره .ولازلت اتذكر توصية الديوان الاميري بشأن سماع الوزراء والمسؤولين لبرنامج "وطني الحبيبط وضرورة التجاوب معه وحل مشاكل المواطنين.
سادسا: تلك المرحله الوطنيه يمكن تقسيمها الى فترتين , الاولى فترة ماقبل تحول المسؤولين الى تجار , والفتره الثانيه بعد ما اصبح المسؤولين تجارا. وهي بدايه مرحله خطيره أثرت بشكل سلبى على المجتمع وعلى بنيته المعرفيه فيما بعد,, حيث اصبح الريع ينتج تجارا دونما هيكليه تجاريه وعلى الوجه الآخر يبقى المواطن لاهثا خلف جزرته.
سابعا: ومع ذلك كان نمط العلاقات المجتمعيه تتوسطه الأفقيه الى حد ما حيث لم يزل المجتمع يحتفظ بكثير من رموزه وشخصياته سواء من الشيوخ أو من اعيان المجتمع وشخصياته , ولم تكن السلطه تعمل على شده الى اعلى او ربطه بها مباشرة الى في بعض الأمور وليس كلها.
ثامنا:بقى القطري بعيدا عن المنافسه الا في حدود ضيقه جدا إلا ان الدوله لم تستطع أن تقيم توازنا بين اغراءات المنصب والوظيفه وبين مجموع قطاعاتها و فتكدس الطلب على قطاع دون آخر وعلى وظائف دون اخرى , الأمر الذي احدث تشوها في الهياكل الاداريه , ولم تستطع كذلك من ربط الجهاز التعليمي بمتطلبات التنميه فوجدنا لاحقا خريجون يبحثون وظائف ووظائف تبحث عن خريجين.
تاسعا: كانت هناك روح للمجتمع لاتزال واضحه ففي كثير من الحالات كانت فعاليات المجتمع الشعبيه تتدخل لدى الحاكم مناشدة اياه فيما يعتقدون انه ضرر بالمجتمع وببنيته الاجتماعيه,  .
عاشرا: كان مثقف تلك المرحله هو الموظف الحكومي والعسكري اللذان كان يمثلان جانبي الاستقلال والانفكاك من الاطار المعرفي للمرحله السابقه.
أحد عشر: تبقى حقيقة واضحه يجب إعتبارها عند الحديث عن النظام المعرفي وهي التفريق بين نظام معرفي تنتجه البنيه فهي التي تتكلم وليس الافراد وبين النظام الاجتماعي السطحي الظاهر في المجتمع والذي يتخذ أشكالا عدة  قرباً وبعداً  إظهاراً أو إخفاءً  لعاملي هذا النظام المعرفي  وبنيتة التحتية المتمثلة في الدين وفي القبيلة وعامل الريع الاقتصادي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق