الأحد، 2 يوليو 2017

قطروالربيع الخليجي




إذا كان الربيع العربي  قد سجل بقاء المملكات والمشيخات  الأميرية العربية والخليجية  بمنأى  عن تأثيراته السلبية وكنماذج أكثر قدرة على التصدي والصمود في وجه رياحة العاتية  وتم إرجاع ذلك الى أسباب عدة منها طبيعة العلاقات التاريخية   المتأصله بين النظام والشعب  وبأن هذة الانظمة خرجت  من العمق الداخلي لهذة المجتمعات, وبتوافق تاريخي بين مكونات هذة الشعوب والمجتمعات . إلا ان الأزمة الخليجة التي نعيشها اليوم متمثلة في الحصار المفروض على قطر من قبل هذة دول شقيقة أعضاء معها في مجلس التعاون الخليجي تمثل بإمتياز بداية "الربيع" الخليجي ولى هنا بعض التفصيل:

أولا: إذا كان الربيع العربي لحظة تاريخية جعلت من المواجهة بين ثنائية العسكر والشعوب أمرا محتما لابديل عنه, فإن الربيع الخليجي الذي نحن بصدده  لحظة تاريخية تتفجر معلنة أن ساعة المواجهة بين ثنائية  القبيلة  والدولة " كنظام حكم  ميتافيزيقي قد أزفت.

ثانيا: إذا كان الربيع العربي  يحكي قصة إستنفاذ حكم العسكر لشروط بقاءة الحضارية, فإن الربيع الخليجي , يحكي قصةإنتهاء صلاحيةحكم القبيلة أو العائلة   وإستمراره بالشكل السابق.

ثالثا:يبدو واضحا من قرار الحصار الثلاثي  على قطر أن نظام الحكم العائلي في هذه الدول الثلاث قد وصل الى مراحل متقدمة من الاستنفاذ, أمام إستحقاق الدولة الذي يبدو أنهم ليسوا على إستعداد لتقديمه في هذه المرحلة ,لذلك كان من الضروري  تصدير مشاكلة الداخلية الى الخارج بأسرع مايمكن  حتى لايحدث الانفجار  في الداخل.

رابعا: لايغيب عن نظر  المراقب ذلك منذ عدة سنوات من تفجر الربيع العربي  وسجون الدول المحاصرة  تزداد يوميا بأعداد من سجناء الرأي  والمعارضين السياسيين وتكميم الافواه وخنق الاصوات الوطنية.

خامسا:أرادوا إسكات الجزيرة مثلا ففجروا جُزرا شعبية داخل مجتمعاتهم وشعوبهم تتضامن مع الجزيرة ومع قطر وتتصل بأرقام خارجية معلنة مساندتها لقطر خوفا من نظام الملاحقة  والتجريم الذي تم فرضه على كل صاحب رأي حر في الدول الشقيقة الثلاث .

سادسا:نظام الحكم في هذة الدول أقرب وأسرع الى النفاد من النظام في قطر الذي  يبدو أكثر  قربا الى منطق التحول منه الى منطق البتر, قطر هنا أقرب الى النموذج التونسي في الربيع العربي منها الى النموذج المصري أو الليبي الذي هما أقرب الى الدول الثلاث.

سابعا: قطر تمتلك الجزيرة التي أصبحت أهم قناة في العالم اليوم  والعالم يسعى جميعا للدفاع عنها  وهي تمثل الى حد ما إتحاد الشغل في تونس ودوره  في المجال العام, والتوازن في إدارة ماتعرضت الية تونس بعد سقوط حكم بن علي, قطر تمتلك مجتمعا متجانسا الى حد كبير,  قطر تمتلك طبقة وسطى  عريضة نسبيا الى ماتمتلكة مجتمعات الدول الشقيقة الثلاث.هذا كله يجعلها أقرب الى منطق التحول شيئا فشيئا مع بوادر الربيع الخليجي الذي نشهده.

ثامنا:في اللحظة التاريخية التي نعيشها في خليجنا اليوم يبدو مازق الشعب واضحا حيث يريد الخلاص من أرث الماضي السياسي ويخاف من بطش المستقبل الآتي حيث لادستور يحمية  ولامشاركة شعبية تجعله يتحمل قرار مصيره,ويبدو ذلك أيضا اكثر وضوحا في الدول الثلاث عنه في قطر , مشهد تجاذب الحكم في السعوديه يبدو واضحا, والامارات يبدو المجلس الرئاسي والرئيس ونائبة غير قادرين على التأثير أمام رغبات  ولي عهد إمارة أبوظبي حتى الآن والبحرين  لايستطيع الحكم فيها الاأن يكون مطيعا لقوات درع الجزيرة.

تاسعا:الربيع الخليجي يدل دلالة واضحة على أهمية الاسراع في  التحول نحو   الدولة الدستورية أو الممالك الدستورية , فحكم العائلة  وملكيتها للدولة قد آل الى النفاد بلاشك ولم يعد يتحمله العصر  ولا المحيط الاقليمي ,يجب الوعي بذلك قبل فوات الاوان.

عاشرا:تبدو دولة الكويت واحتفاظها بحياة برلمانية طويلة تبدو اليوم الاكثر تكيفا  سواء مع الربيع العربي أو الربيع الخليجي  وساطتها للنزاع شهادة لها على ان نظام الحكم فيه الاكثر قدرة من غيره من انظمة الدول الخليجية الاخرى على التكيف  والمشاركة في ادارة الحكم مع الشعب  وأن التبرير الذي استحكم في عقول البعض رفضا للانتخابات البرلمانية واستشهادا بفشل التجربة"الكويتية ليس في محله أبدا.

أحد عشر: القطري الجديد القادم هو المواطن الخليجي  القادم , مواطن مابعد الحصار, المكتسبات التي سيحققها المواطن القطري بعد الحصار هي مكتسبات لكل مواطني الخليج الاحرار, لذلك على دولة قطر  دورا هاما بعد الأزمة أن تفي بإلتزاماتها نحوه , إذا كانت الظروف السابقة  قد إستدعت تأجيل تفعيل الدستور وتأجيل الوعد بإنتخابات لمجلس الشورى , فإن ظروف الحصار  وهمة الشعب وولاءه وحبه لقيادته الذي كان واضحا  حتى لمن لايبصر, القطري الجديد , قطري مابعد الحصار هو الرهان  لأبناء قطر ولأبناء دول المجلس  خاصة أولئك الذين هم خلف القضبان من اصحاب الرأي والمشورة حبا في أوطانهم ولاء لدينهم ومجتمعاتهم.

إثناعشر:أنا على يقين أن هذه الأزمة ستخلق "طلبا فعالا" لدى  مجتمعات الدول المنخرطة فيها بحيث يصبح وضع الشعوب بعدها غيره قبلها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق