السبت، 20 يوليو 2024

عمار تقي وأزمة نصف الثقافة

البرنامج الحواري الصندوق الاسود الذي يقدمه الاعلامي الكويتي عمار تقي منذ عدة مواسم اكتسب شهرة واسعة ولي عدة ملاحظات حوله أود لو أشير إليها أولاً:إتهام السيد تقي بإنه عميل لحزب الله يبدو أنه متهافت ومحاولة لتشويه سمعة البرنامج وسمعة مقدمه للحد من شعبيته المتنامية, حيث لادائل يمكن الركون اليها في هذا الاتهام وقد أشار السيد تقي مراراً أنه لاينتمي سوى لبلده الكويت. ثانياً:يمثل برنامجه في نظري أزمة منتصف الثقافة الشائعة في مجتمعاتنا العربية حيث الرسمي او الايديولجي يطغى على ماهو رأي ينطلق من ذات تتمتع بمساحة كبيرة من الحرية, حيث معظم الشخصيات التي استضافها من الايديولوجين الرسميين أو الحزبيين أو اشباه الحزبيين أو منفذي سياسات وليسوا صناع سياسة وهؤلاء جميعاً " انصاف مثقفين" فلايديولجي اياً كان صنفه نصف مثقف لأنه يمثل أو ينفذ سياسة أو منهج وليس إنطلاقاً من الذات الحرة بينما المثقف الحقيقي خارج أسوار أية ايديولوجيا ممكنه. ثالثاً:إتسمت حلقات البرنامج بالتطويل الممل من 30 الى 60 حلقة للضيف الواحد في المتوسط او ربما أقل قليلاً بحيث جعلت من الضيف ليس مصدراً للمعلومات والاسرار فقط بل وصندوقاً لبث بواعث نفسه واكراهاتها وعقدها الأمر الذي لايعني المشاهدين ولايضيف الى المستمع ولا الى المجتمع شيئاً يذكر , كرأي الدكتور النفيسي في السيدة أم كلثوم أو الدكتور الفقي وكلامه عن عبدالناصر الذي حاول أن يتنصل منه وكأن القضية أختزلت في كأس ويسكي يرى الفقي أن عبد الناصر قد شربه في بيت السادات . رابعاً:إذا كان البرنامج يبادر في إختيار ضيفه وقد فعل في اعتقادي ضمن معايير مدروسة فهو عمل إحترافي أما إذا كان يستجيب لطلب من يدفع ليقول شيئاً فهنا إشكال . ثم أن هناك ملاحظة أخرى وهي أن المقدم ليس له الالمام الدقيق فيمايتعلق باحوال الدول الاخرى بما فيها دول الخليج ولم يظهر أنه جاء لنقاش نقط محددة واضحة بما يكفي اليه وكان واضحاً ذلك مع عدة شخصيات خليجية فليست لديه المعلومات الكافية للمداخلة والغوص عميقاً حتى لاتتسرب الاجابة بعيداً عن الهدف من السؤال حينما يسترسل الضيف بحرية تامه خارج الموضوعية لتتحول الاجابة الى قصة أو مشهد بطولي. لذلك لم تجد مثل هذه الحوارات صدىً داخلياً حسب علمي في هذه الدول بل ان حتى بعضها كان الصدى سلبياً خامساً: لاشك أن البرنامج قد حظي بمشاهدات مليونيه وحظي مقدمه بشهرة واسعة لا لأنه صندوق أسود بالمفهوم الدقيق للكلمة لأن الصندوق الاسود دائماً عند الصانع أو المصنع حيث صُنع القرار وليس عند المستهلك أو منفذ السياسات لذلك معظم مايتم كشفه من اسرار ليست سوى نشر غسيل داخل نطاق البيت الواحد او المنطقة الواحدة لاننا لانزال موضوعاً ولسنا ذوات تمتلك القرار. سادساً: في المجتمعات الديمقراطية هناك عمر افتراضي للأسرار والمعلومات بعدها لابد ان يسمح للشعوب ان تقرأها وتتطلع عليها ومن ثم يجرى اعادة تقييمها واصدار الاحكام عليها والاستفادة منها مستقبلااً فالصندوق الاسود يتحول الى صندوق ابيض بعد غسيله ونشر أسراره, بالطبع هذا غير متوافر في وضعنا العربي الحالي وذلك لديمومة الانظمة والماضي الذي لايزال حاضراً وربما مستقبلاً كذلك وكل ما يمكن كشفه قد لايتعدى كونه مساساً بمن سبق وليس بحثاً عن الحقيقة في حد ذاتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق