الاثنين، 19 يناير 2015

النظام المعرفي في المجتمع القطري "2"

تتمه
وبادىء ذي بدء علينا أن ندرك أن أهم مايميز النظام المعرفي العربي السائد هو أنه نظام ديني يتواطأ مع السياسه باستمرارنظراً لاشكالية الفشل في بناء الدولة الوطنية عبر التاريخ لذلك فهو ليس وعيا خالصا بالانسان الا بقدر ما يعكس ارتباط هذا الانسان بمعتقد ديني يميزه عن المعتقدات الاخرى حتى داخل الدين الواحد. ولذلك اسباب كثيره منها عدم قيام عمليه سياسيه حقيقيه داخل هذه المجتمعات دون ربطها او استنادها على الدين, وثورات الربيع العربي الاخيره تدل دلالة واضحه على ذلك حيث لم تلبث حتى تحولت الى شكل من اشكال الدين او الصراع الديني . فالنظام المعرفي العربي هو انعكاس لصورة الزعيم او الرئيس او الملك المؤمن في ذهنية المجتمع, بل ان أول ما يهرع اليه الزعيم هو تصويره وهويؤدي الصلاه , أو ادعاءه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أيده في المنام , أو أنه رأى جبريل وأقرأه السلام وغير ذلك من الادعاءات التي كانت الاحداث الاخيره في عالمنا العربي مسرحا لها, فعلى الرغم من أن الاسلام دين التوحيد , إلا أن النظام المعرفي منذ البدء نظاما شركيا في حقيقته السياسه وكل من يحاول الخروج من هذه الشركيه يقصى أو يقتل أو يجرى التخلص منه بدعوى دينيه في المقام الأول . لذلك يبدو الخروج من ثلاثيةالريع سواء بمفهومه الاقتصادي أو الاجتماعي   والدين والقبيله سواء العرقيه أو العسكريه , أمرا صعبا للغايه , وهي ثلاثيه انتهازيه دينيه في الحقيقه عبر التاريخ حيث تجعل من الحكم والثروه والعرق إصطفاءا إلهيا" والله لاأنزع سربالاً سربلينه الله " أو قميصاً ألبسني أياه الله" "1" كما جاء عن عثمان بن عفان رضي الله عنه. , لذلك فالمجتمعات العربيه في الأصل لاتبني نظاما اجتماعيا بقدر ماتمارس أدوار تنسجم مع النظام الاجتماعي القائم , من هنا ظهرت أزمة "النفاق العام" المستشري حقبة بعد أخرى وشكلا بعد آخر بما يتناسب مع ظروف كل عصر وكل زمان.ومن هنا ايضا برزت ظاهرة سيطرة "فقهاء الدين" على الدوله العربيه , بصفتهم حماة لإستمرار هذا الشكل من النظام المعرفي السائد بعيدا عن تفاعل قوى المجتمع أو عن الرؤيه الحقيقيه لتطور العصر , فإذا كان "فوكو" مثلا يتصور أن القرن العشرين هو قرن الانسان بمعني محوريته في الكون حيث لم يكن ذلك قائما قبل ذلك , وبأن القرن القادم سيعلن نهاية الانسان كمحور للكون بعد تقدم التكنولوجيا والتقنيه لتصبح هى محور الكون , فإن عالمنا العربي يحتاج ربما الى قرون لبداية عصر الانسان فيه , من هنا أرى ضرورة الانتباه عندما نتكلم عن أوضاع نظامنا المعرفي في منطقتنا العربيه وفي الخليج بالذات أن ننتبه الى ثلاثة ملاحظات:
الأولى: أن واحديتنا يشوبها ظلال من الشرك
الثانيه: ان الانسان موجود وجودا للإستخدام كوجود المطرقه في يد النجار
ثالثا:أن كل مجتمع يتحرك ضمن هاتين الملاحظتين السابقتين بعدا أو قربا بمقدار ما يفيض عليه من بقايا الريع الاقتصادي أو الاجتماعي.
-----------------------------------------------

1: احاديث أم المؤمنين عائشة\ السيد المرتضى العسكري 1\148

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق