الأربعاء، 2 أغسطس 2017

الخلط بين الموقف والمنطق في الأزمة



 أصبح من الواضح والجلي أن هناك خلطا واضحا في المجتمع بين الموقف من الازمة وبين منطق تشخيصها  ومحاولة بيان اسبابها وبالتالي علاجها. يمكن ملاحظة ذلك بجلاء من خلال متابعة تعليقات المحللين والضيوف من المواطنين الذين تستظيفهم القنوات للتحليل او التعليق على الحدث.

الموقف من الأزمة لاغبار عليه وواضح فنحن دولة  تم الاعتداء عليها وحصارها فموقف الشعب هو موقف الأمير وموقف الحكومة ضد هذا العداء المباشر فنحن كقطريين جميعا نقف خلف سمو الاميروحكومته  ضد هذا الفعل العدائي الاثم. لكن منطق الازمة  لم يظهر بوضوح  كما ظهر الموقف من الازمة في تحليلات الاخوة وتعليقاتهم  سواء في تلفزيون قطر اوحتى القنوات الاخرى. المنطق من الأزمة  يتطلب عرض الموقف منها  اضافة الى التحول للمنطق في تفسيرها , انطلاقا من رؤية  المجتمع وتأثيرها علية ومدى مساهمته في  إحداثها, الطرف الاخر, كذلك وقع تأثير هذا الخلط بشكل فج كذلك, الامر الذي صعد من حدة الأزمة  وشدتها , كان الرهان ليس على المسؤولين الرسميين حيث تتطلب الوظيفة منهم أن يتماثل موقفهم مع منطقهم من الأزمة , الرهان كان  على وعي  الطبقة المؤثرة الثقافية في المجتمع لتبين الفرق بين موقفها  وتشخيصها  ومنطقها من الأزمة , الأمر الذي لم يحصل تماما  وهو كما قلت أدى الى  تصاعدها وتكتلها في العقل الجمعي لكل فريق.

سأعطي أمثله ولو محدودة مما لاحظتة في وسائل إعلامنا القطرية من خلط واضح بين الموقف من الأزمة كما فلت وبين المنطق الذي كان من الممكن  أن يفتح مجالا أوسع للرؤية , وكما ذكرت فأن الجانب الاخر من الازمة لديه نفس الاعراض إن لم تكن اشرس وأقوى.

أولا:لاحظت أن معظم المحللين والمعلقين من الاخوة القطريين الذين حقيقة أبدعوا  في وقوفهم  صفا واحدا مع قيادتهم ككل افراد الشعب القطري , لاحظت أنهم يعلنون عن موعد خروجهم على القناة الفلانية والقناة الفلانيه  بشكل ملفت للنظر  وبكثافة واضحة وبتسابق كبير شىء جميل , لكن  هذا الاندفاع الكبيريدل بوضوح على أنهم يمتلكون الاجوبة حتى قبل أن تطُرح الاسئلة انطلاقا من الموقف من الازمة,وليس لمحاولة تفسير الاحداث لذلك أصبح التكرار هو السائد  وماقيل بالامس يقال اليوم  وسيكرر في الغد.

ثانيا:حلقات" شللي يصير" كنت قد قلت انها تمثل حالة المواطن الخليجي حيث لايعلم مالذي يحصل حولة ولعل ذلك سببا جوهريا واضحا  لعملية الخلط بين الموقف والمنطق في هذة الازمة  لأنه لايعلم مالذي حصل فهو متضامن  مع  قيادته ومجتمعه تضامنا عضويا  كالجسد الواحد لكنه لايستطيع تفسير الازمة ولا  تفكيك خيوطها ولا من أين بدأت ولا إلى أين ستنتهي.

ثالثا: حلقات "شللي يصير " للسليطي في بدايتها كانت قوية  لأنها خاطبت  عاطفة المواطن  ولكن لايمكن ان تستمر بنفس القوة اذا لم تخاطب عقله ومنطقة , وقع الظلم على المجتمع القطري  وجرى تصويره  ببلاغة جيدة , إذا لم تتطور هذه الحلقات نحو المنطق  بالتركيز على دور المجتمع  وضرورة التأكيد على دوره  خاصة وإن عنوانها يدل دلالة واضحة على غيابه ,وكشف بعض الاشكاليات الاجتماعية  في داخله وماكان ينقصه  ومالذي يجب  استشرافه من عمل بعد انتهاء الأزمة, فستظل في دورالعاطفة في الدفاع عن الموقف ولاتتجاوز ذلك الى دور المنطق في بحث ما كشفته الازمة من فراغات واضحة في دور الثقافة والاعلام والفن.

رابعا: الأزمة كشفت عن عقلية التماثل بشكل كبير والغنيمة الى حد ما. وفي المجتمع التقليدي يصبح التماثل ملجأ يُشعر بالامان وبالاطمئنان حتى دون اقتناع, في الحقيقة أن الجميع  يريد أن يشارك في الدفاع عن ألامير وعن الوطن هذا حق مشروع ولكن بشرط أن يُقدم جديدا   أو يقول شيئا آخر , شاهدت أعمالا لاتضيف جديدا وانما تكرار  وأي كلام يمكن أن يقوله أي فرد ,مثل" منعونا من الحج, قطعوا الارحام , لم يحترموا الشهر الفضيل ... وما الى ذلك مما قاله السليطي , فلم إذن تكراره .الصمت أحيانا منطق عظيم عندما لايوجد ما يستحقُ أن يُقال.

قضية الجدارية أيضا بدأت عظيمة ولكن  جرى استسهالها بشكل لايليق  فالشيخ تميم مكانه في القلوب عند أهل قطر بل وأصبحت مصدر تنافس  وكادت أن تكون قبلية أو كانت وهي في الاساس جدارية وطنية بإمتياز.

خامسا: تشخصنت الازمة في أشخاص  وغابت الاسباب أمام التفاصيل وزاغ الرأي العام نحو التفاصيل مما جر ثقافة السباب والشتم بدلا عن الواقعية والاتزان , أصبح "دليم" القحطاني  من السعودية , وعبدالله العذبة من قطر, والمزروعي من الامارات وخلافهم محور القضية وتابع الرأي العام تغريداتهم  وتعليقاتهم بشكل  يجعلهم يبدون وكأنهم    مصدر للأزمة لانتاج لها أو بعض من أدواتها, ايضا مثل هذا الوضع يدل على غياب ظاهر للرأي العام المستنير في هذه الدول  ويحعل من الازمة أزمة مركبة تبدو خارجية ولكنها في الحقيقة أزمة داخلية تتمثل في غياب المجتمع المدني  وصوته المتزن  الذي يراعي حقيقة وجوده  ويحرص على مكتسباته.حيث في غيابه تصبح الشخصنة موضوعا


هذه بعض النقاط التي تدل على الخلط الذي يمارسه المجتمع سواء على مستوى النخبه او مستوى العامة بين  الموقف من الازمة ومنطق الازمة المستحكم الذي يجب  أن  ننطلق منه عند التحليل , ولكن هناك نقطة لابد من إضافتها وهي  أن الشعوب لاتدرك من الازمة سوى جلدها الظاهر على السطح لذلك   قد يبدو أن الموقف منها هو السبيل في مواجهتها فقط  وليس المنطق في استجلاءها  ومحاولة سبر أغوارها  وهنا يصبح الوضع برمته تكريسا  للوضع القائم قبلها لاأكثر.

إذا كان ماركس قد قال أن الفلاسفة قضوا اعمارهم في تفسير العالم  بينما كان من المفترض أن يعملوا على تغييره.

فإننا مع هذه الازمة نقول أننا قضينا جل الوقت في إستهلاك الأزمة  لافي العمل على تفسير حقيقة أسبابها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق