الجمعة، 4 أغسطس 2017

الأزمة الخليجية.... "الحكم" على التاريخ أم محاولة تفسيره.






أعتقد أن مشكلتنا التاريخية هي مع التاريخ ذاته, وتمثل أزمة الخليج الراهنة  إحدى صور هذة الأزمة  بشكل سافر . التاريخ كعلم في عالمنا العربي وإسلامي  لم يتطور بشكل يجعل منه  علما مستقبليا , كما هو الحال عند الغرب حيث ظهرت مدارس تاريخية كبيرة كان لها أبلغ الاثر في  دفع تلك المجتمعات نحو المستقبل  من خلال "تفسير: التاريخ وليس من خلال "الحكم عليه . من أشهرها مدرسة الحوليات وفروعها المتعددة,وغيرها من المدارس  مثل مدرسة توينبي المؤرخ الانجليزي المشهور ونظرية التحدي والاستجابة الى غير ذلك. ظلت مدرستنا التاريخية تنطلق  من  خلال "الحكم على التاريخ " وليس من خلال تفسيره" حتى يمكن حلحلته وتحريكة وبالتالي تجاوزه. أنظر مثلا كيف نحكم على مراحل الدولة العربية  عبر التاريخ  وفي العصر القريب أنظر كيف جرى الحكم على الحقبة القومية  مثلا وكيف تم إصدار حكم بالاعدام عليها. لايمكن تجاوز التاريخ إذا حكمت عليه  قبل أن تفسره  حتى تستخلص العبرة  وتميز الغث من السمين فية , لاتخلو حقبة  من السلبيات ولكن أيضا لاتخلو من الايجابيات أو بعض الايجابيات , هذة العقلية  ليست عقلية تاريخية إيجابية وهي مانتوارثها  جيلا بعد جيل مع الاسف , وجدت  شبابا  لم يعاصر أحداث ومع ذلك متزمتٌ أقسى التزمت على الحكم علىها دونما إمعان النظر  في محاولة تفسيرها  ودراسة لماذا حصل ماحصل .نحن نعيش اليوم في الخليج أزمة  متفاقمة لم يكن أحدا يتصور أن تحدث بين أشقاء يجمعهم مجلس واحد وتربطهم علاقات قُرى وأواصر محبة  وتواصل ودين واحد  ومصير مشترك واحد, ومع ذلك نجد صعوبة بالغة في إيجاد حل لهذه الازمة  فنحتار ويحتار العالم معنا حتى بدا العالم يتسائل كيف يحدث ذلك بينكم في "رمضان" وأنتم جميعا مسلمون صائمون ؟.أعتقدُ أن هذه الازمة وجميع أزماتنا السابقة  تنطلق من نفس العقلية , وهي عقلية الحكم على التاريخ , لا من عقليةتفسير التاريخ وتفكيك خيوطة ومحاولة الدفع به الى الايمان ,أنظر مثلا إلى مايحاول معسكر  المحاصرين التشبث به كسبب رئيسي لحصارهم  وهي المكالمة أو التسجيل  الذي تم للمكالمة بين سمو الامير الوالد والشيخ حمد بن جاسم مع العقيد القذافي, ومادار فيها , إذا إنطلقنا من الحكم عليها  فليس هناك مجال لتجاوزها , أما إذا ما إنطلقنا من محاولة تفسيرها فبالإمكان تجاوزها ومعرفة لماذا تمت وتحت أي ظروف, وبالتالي يتم تحييدها تاريخيا في وقتها  وعدم  سحبها على التاريخ الحالي  خصوصا وإنها تمت منذ عقد مضى تقريبا , أيضا محاول "الغزو" الذي كان مخططا لدولة قطر من قبل الامارات والسعودية  بُعيد إستلام الشيخ الوالد حمد  الحكم في قطر , إذا حكمنا عليها حكما تاريخيا فهى محاولة إعتداء آثم لايمكن أن يُغتفر أما إذا حاولنا تفسيرها وتفكيك خيوطها أمكننا وضعها في  مكانها وزمانها التاريخيان بحيث لاتتعدى  هما. بهذه العقلية تجاوزت فرنسا وألمانيا جراحهما , وبنفس العقلية تجاوزت الصين واليابن حروبهما. عقلية تفسير التاريخ تنقصنا . لذلك كل تاريخنا كأحكام محمول على ظهورنا , ومن خلال هذا الحكم  تنبعث الصراعات  بين من يمجد ومن ينتهك , بين من يُعظم ومن  يستهزىء, إذا إجتمعت عقلية المقارنة وعقلية الحكم على التاريخ  دون تفسيره , بلغت الامور أقصى درجات المواجهة  حول التاريخ كماض وليس  كمستقبل آت.أعتقد أن ذلك ناتج من  إعتبار التاريخ عقيدة وليس أحداث , كما نحكم على العقيدة بأنها صحيحة أو  غير صحيحة , وهو معيار متعسف وذاتي  ويتعارض وحرية الاعتقاد , كذلك نحكم على التاريخ  من منظور ذاتي وضيق , بدلا من تفسيره ومعرفة لماذا حصل بالطريقة التي حصل بها , ننحي الظروف جانبا  ونطلق حكم مؤبدا  لايمكن الفكاك منه لأنه متجاوز للظروف  الموضوعية التي إستدعت ذلك. الأزمة الخليجية اليوم فرصة سانحة لنا  للإنطلاق من تفسير التاريخ وليس من الحكم علية حتى  يمكننا الافلات من مصيرنا المحتوم بالخروج من التاريخ  لأنه هو من سيصدر الحكم علينا هذه المرة لأننا عجزنا عن تفسيره ومعرفة مغزاة.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق