الثلاثاء، 23 فبراير 2021

مساحة الحرية المهدورة

الملاحظ ان مجتمعنا في العقود القليلة السابقة كان يمارس مساحة من الحرية اكثر مما يفعله اليوم,فيمايتعلق بشؤؤنه وظروف معيشته وما يعترض طريقة من مشاكل وعقبات , اليوم هناك تراجع واضح وملموس في تراجع هذة المساحة بشكل مخيف ,الاشكالية أن هذا التراجع "ذاتي" المنشأ وليس من تنمر حكومي أو خارجي, والسبب في اعتقادي هو طريقة معالجة مشاكل المجتمع والابواب التي تُطرق في معالجتها, هناك توجه مجتمعي ورسمي تقريباً يرى أن مواجهة التغير السريع الذي تمر به البلاد يقتضي مقاربته من خلال "الهوية" والخوف عليها من التأثر والذوبان , وهذا توجه سالب يفترض الحماية من خلال الانكماش والتقوقع والتمترس داخل الهوية , الامر الذي قتل تلك المساحة الجميلة التي كان الجيل السابق يمارس من خلالها مخاوف ما يعتريه من تغير وتبدل, وكان من المفترض مقاربة ذلك من باب الحرية وزيادة مساحتها الامر الذي سيعود ايجاباً على الهوية ذاتها, تكريس مساحة الحرية لا الهوية هو المنطلق الصحيح ولكن كيف يتم ذلك؟ وسائل الاتصال الاجتماعي لن تخدمنا في ذلك بشكل صحيح ومنظم وفعال, الحرية تحتاج مجال لكي تُمارس فيه بشكل فعال وواضح بين الفرد والسلطة وهذا المجال هو المجتمع وبالتالي يجب تنظيم المجتمع كما كان المجتمع منظماً بطريقة تلقائية سابقاً"وجهاء-أعيان -شخصيات عامة" لها مكانة عند الحكومة وعند الناس, تتدخل عند اللزوم وتنوب عن المجتمع ابداء لرأيه وما يشعر به.اليوم جمعيات المجتمع المدني يمكن ان تلعب هذا الدور لو وجدت ودعمت وغداً المجلس المنتخب هذا هو الامل إذا تخلص من ديدن الهوية الذي يلازمه ولم يكن يلازم المجلس الاول,وكذلك البنية الدستورية للدولة هنا مكمن الطلب والمقاربة اللازمة وهذة المجالات وهي مجالات"حرية" بإمتياز, الأمر الذي اريد التأكيد عليه هو , ان مقاربتنا للمجتمع من باب الهوية ليست هي خيار المستقبل ابداً, والأحق والاصح مقاربة المجتمع أنطلاقاً من الحرية وتوسيع مجالها وبذر بذورها انتعاشها في المجتمع الذي سيعمل بالتالي على ايجاد هوية تمارس الحرية وليس هوية تتخذ من التوقع مجالاً للدفاع عن بقاءها وتخاف من الاشارة الى مكامن الخلل فتزداد تقوقعاً واحتقاناً كما هي عليه الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق