الاثنين، 24 مايو 2021

سوق"واقف" أمس واليوم

كان الرجل حينما يقول "أنا رايح السوق" لايعني فقط أنه ذاهب ليتبضع , بقدر ماهو ذاهب ليلتقي بغيره من الاصحاب والاصدقاء,كان السوق يعني الملتقي الاجتماعي الذي يكشف عن مدى ترابط المجتمع , ترابط الاقتصادي بالاجتماعي ,التقاء الفرصة بالمناسبة لذلك هناك دكاكين او محلات لها صفه اجتماعيه اكثر منها صفة تسوقيه , ايضاً تجد العديد من رجالات قطر يلبسون "البشت " حينما يذهبون الى السوق, دلالة على مكانة السوق ورمزيتة الاجتماعيه في ذلك الوقت لاحظ الفرق اليوم كيف يلبس من يذهب الى المولات و من ابناء قطر البعض وليس الكل ناهيك عن الجنسيات الاخرى , وبل ماذايعني ذهابك الى المول وبماذا يفسر ضمن تفسيرات أخرى ؟ تجد الوزير وتجد المسؤؤل وتجد المتقاعد , الجميع يذهب الى السوق ليلتقي باصحابه كان أكثر من مجرد موقع للتبضع . السوق وأعني سوق واقف بالذات في الماض له رمزيه اجتماعيه لم تعد موجودة اليوم, كان يمثل جزء من ثقافة المجتمع ومن شخصية القطري , سوق واقف الجديد لم يعد كما كان , اليوم تشعر وانت في وسطه بأنك ضمن ثقافة اخرى , ليس من ناحية الزي فقط ولكن من ناحية التصرفات والسلوكيات, الجديده بعد تلك التي كانت تعكس حقيقة المجتمع القطري , ما يحزنني هو ذهاب رمزية السوق والتاجر معا , لم يعد السوق يرمز الى المستوى الحقيقي لمعيشة المواطن ولم يعد التاجر نبيلا الى درجة ان يكون يجمع بين انسانيته واجتماعيته وبين السعي وراء الربح بأي ثمن , طغت الماده بشكل جارف على السوق وعلى التاجر, أعتقد أن سوق واقف كان يعبر عن التراث سابقا اكثر منه اليوم رغم تجديد شكله نحو التراث الا أن روحه التراثيه ذهبت مع ذهاب ذلك الرعيل وتلك الدكاكين والمحلات التي ,كانت تواصلاً وروحاً قبل اي شىء اخر , كان يأتونها إتصالا بالثقافه وتواصلاً بالمجتمع , ثقافة اجتماع وتواد و مشاركه قبل أي شىء آخر , اليوم يفتقد الروح ويفتقد رائحة البخور والعود الطيب في دكاكين تجار ذلك الزمن مقارنة بدخان الشيشه الكثيف المؤدي الى الاختناق والسعال. ويفتقد اغاني عبدالله الفضاله و اصوات محمد بن فارس اللي يبيعها "بومرداو" والتي تسمعها حين عبورك لدكانه خارجا من السوق ,ودكان الغزال لبيع خيوط الحداق الذي كنا نتكدس عنده لشراءها في اخر ايام الاسبوع للذهاب للحداق وما اكثر خياراتنا في ذلك الوقت ,سواءً السيف الشمالي أو الساحل الغربي دخان وماحولها , أو السيف الجنوبي العميق ,وليس كماهي حالة الاختناق التي نعاني منها اليوم في دولة يحيط بها البحر من جميع الجهات تقريباً كثيرة هي الدكاكين والمحلات التي كانت تحمل اسماء اصحابها اكثر من حملها لنوع البضاعة التي تبيعها دليلاً على اجتماعية المحل او الدكان السوق اليوم ضجيج أغان , وعرض ازياء , ولهجات مختلطة فيه اختلاف الا انه اختلاف لايعطي معنى بقدر ما يعطي رمزية الا ان الزمن قد تغير تغيراً مادياً فرضه قساوته على الروح وعلى الذاكرة لمن تبقى من ذلك الجيل الجميل , التغير سنة كونية لامناص منها ولا اختلاف في قبولها , لكن تدخل يد الانسان في استجلابها قبل أوانها يحدث شرخاً معنوياً وقطعاً طولياً في جسد المجتمع وفي ذاكرته , يكاد يسقطه مترنحاً حتى يسترد توازنه بعد حين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق