الاثنين، 1 يوليو 2024

المثقف بين التوهج والذبول 4/2

نأتي الى المرحلة الثانية الممتدة من أواثل السبعينيات الى قبل منتصف التسعينيات والتي كان سمتها التعلم كشرط معرفي أو "ميتافيزيقا" التعليم وذللك للتدليل على انها كانت مرحلة" قيامية" حملت كل أماني المجتمع والدولة حيث شهدت نهضة تعليمية كبرى وبوادر عودة الخريجين من جامعات العالم التي تم ابتعاثهم اليها لاكمال دراساتهم من أجل النهوض بالمجتمع في جميع النواحي حيث أصبح التعليم في نظر المجتمع المثقف المتعلم هو المنقذ وحبل النجاة للفرد لكشف قدراته وللمجتمع لكي يتقدم وينهض على الرغم من القاع الاجتماعي الذي لم يحرث جيداً بعد حيث لم تزل المرجعيات الاولى قوية ولم تتبلور مرجعيات وسطى ثقافية بديلاً عنها لعدم وجود مجتمع مدني حقيقي بعد مثل معظم دول الخليج من أجل إستثمار أفضل للتعليم , الامر الذي أوجد مثقفاً متعلماً في حدود الوظيفة في الاغلب , فغاب الموقف الثقافي لأن بقاؤه يتطلب بُعداً إنطولوجياً "وجودياً" مستمداً من مرجعيات ثقافية وليس مرجعيات أوليه ومع ذلك انتعش المجال العام وشهدت تلك الحقبة نشاطاً ثقافياً واضحاً سواء في مجال الصحافة أوالتلفزيون والاذاعة أو الاندية الثقافية كذلك, المرحلة الثالثة والمستمرة منذ منتصف التسعينيات حتى يومنا هذا فالشرط المعرفي لهذة الحقبة كان الريع ونشاطاته , تبؤأت فيها التقنية صورة الاله الذي جاء لينقذ البشرية على مستوى العالم فظهر نمط المثقف الاداتي في مقابل النقدي وفي مجتمعنا أخذ المثفف شكلاً ريعياً زئبقياً       حيث أننا مجتمعات استهلاكية بالدرجة الاولى, ويظهر ذلك واضحاً مع شيوع وسائل الاتصال الاجتماعي بجميع أنواعها واضمحلال دور الوسائل التقليدية من صحف ومجلات التي كانت تتطلب مثقفاً قارئاً على الاقل وسيطرت الصورة على الثقافة واختزل العقل في مجرد لحظات ولقطات وغابت سمة التمييز بين الغث والسمين وجعلت التقنية من الجميع صفاً واحداً أمام تجلياتها واشكالها وقد اشار الكاتب الكندي" الان دونو" الى ذلك في كتابة " نظام التفاهة الى ذلك بكثير من التفصيل والشرح, واصبحت التقنية هي التي تحكم اليوم وترسم طريق الخلاص الى المستقبل, والذي يبدو كئيباً لمن يستهلك هذه التقنيات ولا ينتجها , وهذه المرة نحن في حاجة ملحة الى عناية إلهية ربانية لننجو بأنفسنا وبمجتمعاتنا, من تغول التكنولوجيا واللافت للنظر أن المثقف في مجتمعنا بدأ عضوياً وانتهى ريعياًعلى عكس ماكان متوقعاً لمجتمع لديه طموح لتنمية مستدامة وفيما يلي سأعرض لصور لتمظهرات المثقف عبر  صيرورة التغير التي يمر بها المجتمع
يتبع 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق