الاثنين، 1 يوليو 2024

المثقف من التوهج إلى الأفول 4/1

هل المثقف حالة من الثبات أم حالة من السيولة, يُطرح المبدأ كصفة للمثقف, ويوصم أحياناً بالزئبقية,   ينفي البعض  صفة الثقافة عن مايسمى بالمثقف الزئبقي , فمن هو المثقف في مجتمعنا  وما أنماط وجوده؟  التغير والثبات ثنائية قديمة قال بها فلاسفة ماقبل سقراط وعلى وجه الخصوص بارمنيدس الذي قال بالثبات في  حين قال هيراقليطس بالتغير المستمر وأنك لاتنزل النهر الواحد مرتين وسواءً كان العالم بين ثبات يتضمن في داخله تغيراً لايزيد عليه أم بين صيرورة تغير لاتنتهي حتى تبدأ, فأن جميع المجتمعات عبر التاريخ عرضة لهذا التغير المستمر والتحول الدائم , بودي هنا أن أشير إلى ملامح التغير الثقافي الذي شهده مجتمعنا القطري خلال العقود الماضية من خلال  أنماط المثقف في كل مرحلة لذلك سأقوم بتقسيم التاريخ الحديث الى ثلاثة مراحل حتى يَسهل علينا الاختصار والتكثيف كذلك , فالمرحلة الاولى في إعتقادي مرحلة المجتمع التقليدي وتبدأ ربما من منتصف الثلاثينات من القرن المنصرم حتى مرحلةنهاية الستينيات , والمرحلة الثانية وهي من بداية السبعينيات حتى منتصف التسعينيات وهي مرحلة شرطها المعرفي كان العلم أو العلم كمشروع انقاذ وانتشال لمجتمع لديه طموح . أما المرحلة الثالثة التي بدأت من منتصف التسعينيات حتى الآن فهي مرحلةدخول عصر التقنية والريع وكل مرحلة من هذة المراحل انتجت نمطاً من المثقف يتلائم وطبيعتها وثقافتها, وربما المرحلة الاخيرة التي هي مرحلة التقنية او التكنولوجيا يشترك فيها معظم المجتمعات خاصة النامية منها. نأتي أولاً لمرحلة المجتمع التقليدي الذي كان سائداً قبل إستقلال الدولة في بداية السبعينيات من القرن المنصرم, كان طبيعة العلاقات في تلك الفترة تقوم التضامن الآلي حيث التشابة كان سمة الشرط المعرفي لتلك الفترة وكان مستوى تلك العلاقات افقياً الى حد كبير نتيجة لهذا التضامن الذي يجعل الجميع في حاجة الجميع, وكانت الفرجان ممتدة كذلك أفقيأً والفريج بأكمله يحكي سردية واحدة للجميع , وبرز في الفترة نمط المثقف العضوي بالمفهوم الاجتماعي بالذات , حيث كان في كل منطقة من مناطق الدولة شخص أو أكثرينتمي اليها وتجده أو تجدهما يطالبان عن البقية بحقوق هذة المنطقة الاجتماعية من مواصلاات وهاتف وخدمات بريدية وكهرباء إتصالاً بالدولة ومكاتبها الموجودة أساساً في الدوحة العاصمة, وقد شهدت شخصياً العديد من هذه الشخصيات في تلك الفترة وهي تمارس دور المثقف العضوي المنتمي  لطبقته أو قريته حاملاً هموم أبناءها ناشراً وعياً  متبادلاً بين حقوقهم وواجباتهم.
يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق