الأربعاء، 26 يناير 2011

انثروبولوجيا التحرك الشعبى العربى"فكرة الخلاص وطقس احراق النفس"




صحيح  لم تكن للحركات ولا للتكتلات الاسلاميه  دور واضح فى تحرك الشارع العربى  اليوم سواء ماحدث فى تونس وما يحدث اليوم فى مصر والجزائر او حتى فى اليمن  ولكن فكرة الخلاص ذاتها  فكره دينيه جميع الاديان بما فيها  مايسمى بالدين الدنيوى  من فلسفات وخلافه  ترتكز اساسا على فكرة الخلاص. ففى الاسلام مثلا القران هو ما يتوسط بين المسلم وربه  ففيه يكمن الخلاص وتبيان سبله وطرقه بينما فى المسيحيه ترى ان المسيح افتدى  او قدم نفسه فداء لخلاص شعبه ودينيه  فهو الواسطه بين اله والناس  سوا من آمن به كبشر رسولا او من آمن به كإله اى التحام اللاهوت بالناسوت فى حين ترى اليهوديه ان الشعب اليهودى هو محل الروح الالهيه وهو شعب الله المختار  وهم طليعة الخلاص   ومن جهه اخرى ترى بعض الديانات الفلسفيه الدنيويه كالبوذيه وغيرها من الديانات الاسيويه  ان الحرق طقس خلاصى  واحتجاجى وافتدائى  بأمتياز. ما نلحظه اليوم فى تحركات الشارع العربى ترافق الظاهرتين فكرة الخلاص وطقس احراق النفس وهذا يعنى ان تحركات الشارع العربى لها دوافع انثروبولوجيه دينيه بعيدا  عن اختلافات الاديان ذاتها حيث فكرة الخلاص كما اشرت فكره دينيه يدرسها علم اجتماع الاديان والانثروبولوجيا الدينيه, كما ان الحرق وهو محرم فى جميع الاديان  جرى ربطه بفكرة الخلاص لما يحتمله الوضع من مآس  لايمكن التعبير عنها سوى بايذاء الذات  والاحتجاج على وجودها من الاصل. الآن  اجتماع هاذين العاملين كفيل بتغيير اى وضع كان اذا استمرا ولكن إختلاف النتيجه  بين وضع وآخر لاتحكمه معايير دينيه  بقدر ما تتحكم فيه  ابعاد دنيويه سياسيه واجتماعيه, يمكننا تقريب  الصوره بإيداع هذه المقاربه وهى كلما كانت المجتمعات سياسيه او تحمل من التاريخ السياسى  قدرا كلما كان التحول ايجابيا وبإقل تكلفه محتمله وكلما ابتعدت المجتمعات عن السياسه  او العمليه السياسيه كلما كانت إمكانيه تسرب فرص نجاح فكرة الخلاص  اكبر او كانت تكلفتها اعظم ومسيرتها اطول , تونس مثلا اقرب البلدان العربيه الى انجاز الخلاص بأقل تكلفه من غيرها من الدول العربيه  الاخرى وجود النقابات العماليه  وحيادية الجيش كل هذه  من معطيات تراكم سياسى سابق  يمكن اعتباره كرصيد تستثمره فكرة الخلاص ذاتها, رومانيا فى السابق  بعد تشاوشيسكو  رصيدها فى العمليه السياسيه التى تراكمت فى تاريخها جعل  من فكرة الخلاص والتضحيه الدينيتين  ارضيه  لخلاص سياسى مكتمل بعد ذلك , مصر لديها تاريخ سياسى  كبير ومختلط , الجزائر  كذلك  ليس كجارتيها تونس والمغرب  فى التراكم النوعى للعمليه السياسيه ذاتها   فلا يستطيع احد توقع النتائج لانها عملية مخاض طويل كما اشرت تتحكم فيه  بنية المجتمع  ومدى ترسخ قيم السياسيه بما هى  تداول وقبول للاخر, اليمن قد تقود فكرة الخلاص الى  استمراره كحاله ابديه  لاختفاء السياسيه  رغم وجود الاحزاب الا انه شكليه  وتفترش القبيله والطائفه,  فكرة الخلاص ذاتها  لاتتطلب الدين  كطقوس وممارسات لأنه فى حالته كطقوس يخفيها ويحجبها ويقلل  من وهجها ويعمل على تأجيلها    الى المستقبل او ما بعد الموت   حيث يحل  الطقس ذاته  محل فكرة الخلاص  الملتهبه  ويحولها الى عمليه استهلاكيه على مهل حتى تحين  لحظة الخلاص  فى ساعة الموت. فيصبح الخلاص فرديا  ساعتها ويخلص الفكره ذاتها  من محتواها الجمعى الدافع للشعوب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق