الاثنين، 5 أكتوبر 2015

الشخصيه القطريه "محاولة رصد"1"



التغيرات التي لحقت بالشخصيه القطريه في العقود الثلاث او الاربع الماضيه نتيجة لعوامل سياسيه واقتصاديه أثرت على منطلقاتها الاساسيه من قيم ونظرة للكون وللدين الأمر الذي جعل من هذه المنطلقات والمبادىء والقيم تأخذ شكلا وظيفيا جديدا براجماتيا الى حد كبير ينشر بالتالي بقع وجزر متناثره من وحده نفسيه واحده كانت متماسكه الى حد كبير. وسأعدد هنا بعض ملامح هذه الشخصيه القطريه والتحولات التي جرت عليها نتيجة نمو الدوله بعيدا عن تأثيراتها فبدلا من أن تكون مؤثره في ذلك أصبحت مجرد رد فعل وإنعكاس لتمظهرات الدوله وسياساتها .
أولا: شخصيه مسلمه جرت إسلامويتها: عرفنا في قطر الاسلام ولم نعرف الاسلامويه الامؤخرا , اجيالنا السابقه حتى التسعينيات من القرن المنصرم لم تكن تعرف شيئا عن الاسلام السياسي كما يسمونه رغم تأثر المحيط الخليجي به , مصطلح التكفير لم يروج ولم نسمع به الامؤخرا , ليس هناك كافر واحد في قطر يمكن اتهامه مباشرة أو يتجرأ أن يحكم عليه بذلك , اليوم هناك مرشحون أو يحوم حولهم الترشيح , عند النشء الجديد الذين نزعوا الى الاسلمه وهم اصلا مسلمون.
ثانيا: شخصيه بدويه جرت بدونتها : أهل قطر جميعا تقريبا بدو وحضر في آن واحد , جرى تغليب القيم الثقافيه للبدواه كالانتهازيه وتغليب الغنيمه على حساب القيم المشتركه وادى النفط الى تكريس ظهور البداوه الريعيه بشكل اكثر مما كان موجودا في السابق ويظهر هذا التكريس بوضوح في الاحتفالات في العيد الوطني الذي تهدف منه الدوله اظهار التلاحم بينما البدونه الريعيه تحوله الى مجال تنافس قبلي.
ثالثا:شخصيه منفتحه جرت نرجسيتها:تحب بشده وتكره بشده, ضاقت مساحة التسامح بين أجزائها كما كان في السابق, غلبة "الانا" القبليه على أنا المجتمع , وتتغلب الأنا الفرديه على الأنا القبليه عند الاقتراب من الغنيمه.
رابعا:شخصيه تحمل ذاكره عامه جرت عملية طمس معالمها: القطرى اساسا يحمل ذاكرة عامه لإرتباط المكان بالزمان , أن يغيب الزمان ويتغير فهذا أمر طبيعي لكن أن يختفي المكان ويطمس ويزال , أمر يُشقي الذاكره فتنكفىء الى فرديتها وتعيش خوفا مصطنعا من الاندثار لأن المكان ذاكرة تستمر وتبقي معها الاجيال , يصاب المجتمع في صحته النفسيه اذا انفصل المكان وتبقى منه ذكرى تشقى به الذاكره وهذا ما عانى منه سكان هيروشيما وناجازاكي بعد اسقاط القنبلتين الذرتين عليهما حتى ان عدد الوفيات من زوال المكان قارب ان يعادل عدد ضحايا القنبلتين .
خامسا: شخصيه اجتماعيه بالفطره جرى تحويلها الى شخصيه انتفاعيه من خلال سياسات الريع التي تقرب وتبعد وتحدد طبيعة العلاقات المطلوبه للمجتبى ليبقى كذلك.
سادسا:شخصيه انتاجيه جرى تفريغها عن طريق جذبها للنشاطات الريعيه التي تؤبد ريعيتها والحاقها به كسباقات الهجن وجوائز مسابقات الطيور وحلال اهل قطر والمزايين وغيرهم مما يتكشف عنه العقل الريعي سنويا.
سابعا: شخصيه تحتقر العمل اليدوي مهما حاولت الدوله ان تحض عليه وذلك يعود للنظره الاجتماعيه التي لاتزال متأصله في العقل الجمعي , واعتقد ذلك يرجع للتضارب بين الواقع الذي يراه الشاب وبين المثال الذي يُطرح أمامه للإلتحاق به.
ثامنا:شخصيه مستعجله وملوله: تريد التغيير بسرعه هكذا دون المرور بتعرجاته الطويله واستحقاقاته المطلوبه ويظهر ذلك بوضوح عند المثقفين بصوره واضحه , يريدون التغيير بقراءة مقال أو بمحاضرة عن الديمقراطيه أو بكتاب عن التحول الديمقراطي.
تاسعا: شخصيه فيها كرم فطري انشطرت بعد ظهور النفط الى جزئين , جزء أدى الريع إلى إقتارها وجزء آخر ادى الريع الى أن تهب وتعطي أكثر وهنا أيضا تبدو مفارقه بين من يصله الريع وبين من يمتلك الريع , وكلاهما يقعان اجتماعيا ضمن دائرة الايجابيه والقبول , فمن يصله الريع ويعطي فهو كريم , ومن يمتلك الريع ويهب , فهو نهاب وهاب وهذا ايضا مصطلح يظل ايجابي في العقليه العربيه عموما لأن الوهب يضفي نوع التخفيف والقبول للنهب في دائرة هذا النوع من الاقتصاد.
عاشرأ: شخصيه مستهينه بالوقت : وهذه صفه عامه للشخصيه العربيه عموميا , لاإعتبار للوقت ويكرس ذلك تأخر المشروعات والاصلاحات الدستوريه والقانونيه والاجتماعيه .
أحد عشر: شخصيه تخييليه أكثر منها براجماتيه واقعيه في فهم التاريخ بالذات, فهي تصر على التاريخ الصغير وتتفنن فيه , تاريخ العائله والقبيله , وذلك يرجع لاسباب خارجه عن ارادتها لانها مشغوله أو هناك من يجعلها مشغوله دائما بإثبات وجودها على هذه الارض وباستمرار, فهي شخصيه منهمكه بإعادة التاكيد على الماض لايهرب منها على حساب المستقبل.
هذه في إعتقادي أهم ملامح الشخصيه القطريه فهي تقع ضمن دائرة الاثبات وإعادة التأكيد على الوجود , واعتماد الغنيمه والقبيله , لذلك لانرى تأثيرا للدوله ولا لمشروعات التعليم الطموحه التي انتجت اجيال من الباحثين والعلماء والمهندسين لكن جرى التهامهم في صراع المجتمع مع الحداثه الممتنعه لعدم استكما ل بناء الدوله ولضعف قوى المجتمع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق