الاثنين، 10 يوليو 2017

الأزمة والميزة النسبية لدولة قطر




ماذا بعد الأزمة؟ سؤال ينشغل الكثير عنه لعدم إدراكهم  لطبيعة هذه الأزمة  وماهي دلالتها الحقيقية, وإلى أين سيتجة الخليج بعدها , وهل سينتهي كخليج عربي إلى إستقطاب ثنائي  فارسي , تركي أم سيتحول الى  مسرح جديد للحرب الطائفية المستعرة شمالا؟ وما هي إمكانية أن تكون الأزمة مؤشرا لتحول ديمقراطي ؟ أسئلة كثيرة  يطرحها المراقب وهو يعيش الأزمة  الخليجية الراهنة التي تبدو كإخطبوط  أطرافه في كل مكان . ولي هنا بعض الملاحظات:

أولا:الأزمة تدل دلالة واضحة  على إستنفاد السلطة بشكلها الحالي   في هذه البلدان غرضها الذي قامت من أجلة  سواء داخليا أو خارجيا ولابد من مخرج وإن لحظة التفكير في السعي  للإنتقال  الى شكل من اشكال الحكم الدستوري هو رهان  البقاء   ويبدو ان الازمة ستطول وهي أزمة تحَول وليست أزمة عابرة  لذلك أعتقد أن  وسائل حلها أخذ خطوات في هذا الاتجاه ,العودة للشعوب بشكل ما.

ثانيا:أن القيم  الاجتماعية في هذة المجتمعات آخذة بالتغير نحو  رفض المزيد من التسلط  والهيمنة التي تحاول بعض الدول  فرضها على الدول الأخرى داخل هذه المنظومة ,وتبدو عبارة"قطر تغرد خارج السرب" دليلا واضحا على ذلك.

ثالثا:أن التفريط في البُعد العربي أسقط المنطقة في آتون إستقطاب بين القومية الفارسية والقومية التركية   .

رابعا:أن الولايات المتحدة الامريكية والغرب بصورة عامة أمام خيارين إما إدارة التغيير القادم  طائفيا أو الدفع بالمنطقة نحو التحول الديمقراطي  التدريجي  وأيهما أقل كلفة بالنسبة إليهم.

خامسا:لااعتقد أن الدفع بالمنطقة طائفيا  خيارا محبذا  لدى الغرب وذلك لأهميتها الاستراتيجية  كمصدر رئيسي لتزويده بالطاقة , اعتقد ان خيار التحول الديمقراطي سيكون أكثر جاذبية  وأكثر واقعية.

سادسا:الغرب أيضا بين خيارين في عملية التحول الديمقراطي المستهدف في المنطقة , الاول الدفع بالعوامل الذاتية داخل   هذة المجتمعات كتحفيز القيادات المؤمنة بالتغيير  وتشجيع المجتمع المدني  وإيجاد حيز عام تواصلي  يساعد على عملية التحول , , أو الخيار الثاني وهو فرض الديمقراطية فرضا على هذه الدول  بممارسة ضغوط شديدة كما تم في اليابان حتى  تستطيع الشعوب بعد ذلك هضمها وتمثلها  والايمان بها.

سابعا:في كل الحالات تمتلك دولة قطر ميزة نسبية على غيرها  من الدول المحاصرة  في الاستفادة من الازمة  نحو  التحول الديمقراطي المنشود  وأثبت الازمة الحالية ذلك من عدة  نواح منها:

1-قدرة النظام  القطري على تعبئة الموارد البشرية والمادية والمعنوية  داخل المجتمع بشكل  أذهل العالم وبدون  ممارسة أي نوع من الضغط أو التهديد , كما هو قائم داخل مجتمعات الدول المحاصرة لقطر .

2-قدرة النظام القطري التنظيمية  على ضبط سلوك الافراد الاخلاقي  داخل المجتمع  عن طريق "الإعلاء" والنصح  وذلك عكس ما قامت به أنظمة دول الحصار الاربع من إرتماء رخيص في فحش الكلام والانزلاق المذموم  اخلاقيا بأوامر رسمية من السلطات في هذة الدول.

3-القدرة الرائعة في توزيع الموارد  والكفاءة في تقديم الخدمات بصورة  أذهلت المجتمع الدولي من دولة تُحاصر من ثلاثة جهات حصارا خانقا, وعدم المساس  بالمواطن وحاجاته الاشباعية.

4-القدرة الفعالة في استخدام الرموز وهي مؤشر هام جدا  على العلاقة بين السلطة والشعوب  حيث لاتحتاج السلطة الى إصدار أوامر  وإنما تتحول الى رمز  يستشف منه المواطن  القدرة على التفاعل معها ذاتيا  وهو غير متوفر لدى الدول الاربع الاخرى حيث هناك أوامر  يوميا بالتوجه الى قطر بكل ماهو سيء  ابتدأ من التهكنم والسباب وانتهاء بالدعاء عليها من المنابر. في حين ان مبادرة شاب قطري لرسم صورة "بوتريه"لسمو الامير تميم  تحولت الى  مظاهرة شعبية  في التأييد , هذه الرمزية القادرة على الحشد ذاتيا مكسب لم نكن نتخيلة  قبل ذلك.

5-يبقى عامل هام  لايمكن قياسة الآن بدقة إلا أن كل هذة المؤشرات قد تبدو  دليلا عليه وهو القدرة الاستجابية للنظام  لمخرجات الازمة  وانعكاس ذلك على  مطالب المجتمع  المستقبلية.

6- درجة التجانس في المجتمع القطري عالية جدا مقارنة بغيره من المجتمعات لذلك من الصعب جدا ان لم يكم مستحيلا دق إسفين بين الشعب والقيادة  , وتاريخ الولاء بين الحكم والشعب  لامثيل له بين شعوب المنطقة أي مبادرة من الدولة لمزيد من الحريات   ستحرج  دول الحصار أمام شعوبها  التي يُمارس عليها الآن اقسى أنواع الضبط الاجتماعي والنفسي.

ثامنا: كل هذة العوامل تُعطي قطر أفضلية نسبية على غيرها  من دول الخليج الآخرى مستقبلا إتجاها نحو تحول ديمقراطي آمن.في الحالتين  سواء كان الايعاز بذلك من الداخل أو كان ذلك  من الخارج.بالاضافة الى مساحة الحرية المتاحة للمواطن القطري وإن كانت حرية التصرف هي الغالبة  على حرية الإرادة إلا أنه حتى ذلك  يبدو  في الدول المحيطة أضيق نكاقا عنه في قطر.

تاسعا:بفعل ثورة الاتصالات التي يشهدها العالم اليوم اصبح دور المجتمع لايستهان به بتاتا حيث يمكن ايصال صوته رغم كل الحواجز وكذلك انتشار  المنظمات الاهلية والجمعيات السياسية  الانسانية والحقوقية  أصبح من العبث اللجوء الى مثل  مالجئت اليه دول الحصار الرباعي على قطر بل يُعد غنتحارا سياسيا لها  بعد ان ضربت بكل القوانين والشرائع الدوليه عرض الحائط.

عاشرأ: يبدو ان امريكا والغرب  سيتأملون  بدقة بعد الازمة ثمن  مساندة الاستبداد  أوثمن التحول الديمقراطي  حفاظا على مصالحهم , واعتقد ان بعد الازمة سيميلون الى الخيار الثاني بعدمان كانوا يفضلون الخيار الاول  خفية فيما يعلنون  ظاهريا دفاعهم عن الخيار الثاني , يبقى أي اي السبيلين أهدى  أهو التحفيز الداخلي أو الفرض الخارجي , ويبدو فشل نظرية "الدمينو" الذي قال بها هنتجتون الذي يصور التحول الديمقراطي ككرة ثلج تتدحرج من أعلى الى أسفل في الخليج حيث استقرت الكرة في الكويت ولم تتدحرج بل  أخذت في التقلص , يبدو ذلك ربما مبررا للشروع في  الخيار الثاني   في إدخال المنطقة ضمن نطاق التحول الديمقراطي وهو خيار الفرض وإن كان قد أثبت فشله في عدة دول محيطه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق