الأحد، 12 أغسطس 2012

إصلاح الغائب أو المطالبه بحضوره أولا؟

فى الثمانينات دعا نادى الجسره الدكتور سعد الدين إبراهيم لإلقاء محاضره عن" أزمة الديمقراطيه فى العالم العربى". ووضع لافته كبيره فو ق المنصه وفى أول كلمه للدكتور سعد الدين حول الموضوع قال ليست هناك أصلا أزمه لأنه ليست هناك من الاساس ديمقراطيه فى إشاره إلى عدم جدوى العنوان , لذلك قد نريد نفى شىء وهو غير موجود أصلا فنعمل على إثباته دونما شعور.. يمكن الكلام عن أزمة الديمقراطيه فى الغرب مثلا بعد أن تعددت مسمياتها واشكالها وأنماطها, بالامكان البحث عن مأزق الحريات فى تلك المجتمعات وإلى أين أوصلتها تلك الحريات الغير منضبطه, يمكن الجديث عن الشفافيه فى دول البرلمانات الديمقراطيه وكيف يمكن الالتفاف عليها لتحقيق أغراض سياسيه لحزب معين أو لحكومة معينه. إذا لم يوجد الشىء لايمكن الحديث عن أزمته أو عن وجوده. فى عالمنا العربى أعتقد أنه بالامكان الحديث عن الغياب أكثر منه عن الحضور, ماذا يعنى غياب الحريات , ماهى نتيجه غياب الشفافيه؟ ماآثارغياب الديمقراطيه؟-----الخ , ولى هنا بعض الملاحظات.
أولا: الكلام حول أزمة الحضور تختلف تماما عن الكلام حول أزمة الغياب , فى الحضور هناك ثمة إنجاز ولكن فى الغياب هناك فضاء و سلبيه .ومسؤوليه مشتركه
ثانيا: يشترك طرفا المعادله "النظام والشعب" سواء فى إنجاز الحضور أو فى إثبات الغياب,بمعنى إذا كانت الديمقراطيه حاضره فهى منجز مشترك أو الحريات أو الشفافيه----الخ وإذا لم تكن كذلك فهى سلبيه مشتركه ساهم الطرفان فى خلقها.
ثالثا: الحضور"حضور المنجز يتطلب الاصلاح " بينما غياب المنجز سواء حريات أو شفافيه أو عداله يتطلب  العمل إيجاده وهو طريق آخر أكثر صعوبه.



رابعا: الثورات العربيه أو الربيع العربى الحالى هو محاوله لإيجاد الغائب وليس لإصلاح الموجود, رغم تعثر البعض , لايمكن إطلاق مفهوم الاصلاح على الغائب أو العدم.
خامسا: فى خليجنا ليس هناك حضور لقيم الديمقراطيه ولا لإجراءاتها سوى فى الكويت مع ماتعانيه من حضور أقرب الى الغياب فلذلك يمكن الكلام هناك عن أزمةإنتخابات لوجود الانتخابات, يمكن الحديث عن عدم أزمة شفافيه لوجود ديوان محاسبه معين من البرلمان ويتبع رئيسه., هنا كذلك يمكن لمفهوم الاصلاح أن يعمل.
سادسا: الحديث عن أزمة أو آثار غياب قيم الديمقراطيه من قيم وإجراءات, حديث عما هو" معلوم من الدين بالضروره" لأن الغياب واضح , لايحتاج المواطن الخليجى الآخر لدليل أو لبحث يثبت له أن الحريات غائبه مثلا أو أن الشفافيه معدومه وهو يرى آثار ذلك عيانا يوميا.
سابعا: حديث صاحب الشأن أو المعنى أو الطرف الآخر من معادلة"الحياه الانسانيه الكريمه" عن غيابهاأو غياب  قيمًها أو عدم وجودها قد يدينه على نفس منوال الطرف الأول ومالذى قدمه ؟وهل سعى لتحيق ذلك بالاداه والاسلوب المناسب.
ثامنا: معظم تراثنا الثقافى الخليجى والعربى هو تشخيصى لأمور واضحه لاتحتاج الى تشخيص , غياب الديمقراطيه,غياب الحياه البرلمانيه , عدم وجود الشفافيه ,عدم استقلال القضاء , هذه شموس لاتحتاج الى إشاره. نشعر كمشخصين براحه جراء التشخيص وإعادة التشخيص ولاندرك أن استمرارنا فى تكرار وإعاده ذلك تأكيدا على هذا الغياب وبأنه القاعده وليس الاستثناء.

تاسعا: كيف يتم الاصلاح فى بلدان ليس فيها قنوات دستوريه واضحه لتحقيق ذلك.  والمطالبه بدستور ديمقراطى تحتاج الى طلب  مجتمعى" فعال" وذلك أقرب الى عملية أعمق من مفهوم الاصلاح المتعارف عليه.
عاشرا: نحتاج الى ثقافه أخرى لاتخلط بين الهدف وأسلوب تحقيقه, ولابين إصلاح الغائب وبين العمل على إيجاده أولا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق