الأحد، 14 يونيو 2015

من ذاكرة رمضان " الدور الاجتماعي للمسجد"


في رمضان كانت المساجد محور النشاط اليومي ولاتزال ولكن الفرق بين هذه المحورية في الماضي والحاضر, أن الفرجان في الماضي جعلتها أكثر حميميه منها اليوم في التجمعات السكانيه المستحدثه حاليا , كانت اشبه باللقاء العائلي منها بالتجمع الديني المؤقت لاداء فريضة دينيه, فالذهاب الى الصلاه يتضمن ادائها كما يتضمن لقاءات على جانبيها قبل وبعد الصلاه , لازلت أذكر كيف كان مسجد السيد أحمد بن يوسف الجابر رحمة رحمه في فريجنا في الريان القديم كيف يتحول الى نقطة التقاء بين الاجيال جيل الشياب وجيل الشباب , حتى أننا كنا ننتظر خارجه بعد الصلاه لنسلم على كبار السن من أهل الفريج, في مساجدنا قديما كانت تمتزج الروحانية بالانسانيه فتشكل إجتماعا يتجلى فوق زخارف الدنيا , لتسقط جميع الاعتبارات الدنيوية الاخرى , التي جعلت من فريضة الصلاه مجرد خمس دقائق جافة يتلاشى حضور الشخص بعدها ولو برهة من الزمن., مجتمع الفريج , التلقائي كان حصيلة خبرة إجتماعية لأصحابه, وليس تخطيطا حكوميا كما شهدنا لاحقا أفرز حدودا ضيقة بين المواطنين , بحيث بدت كل عائلة او قبيله تختص بفريجها , مما اقام حاجزا نفسيا يكبر مع الاجيال الناشئه , لازلت اذكر صوت الاديب احمد بن يوسف الجابر وهو يؤم المصلين في المسجد أحيانا , صوتُ عذب وقراءة فصيحة لآيات الذكر الحكيم وإذا ما تغيب الإمام يؤم الجمع أقرأهم واحفظهم للقران هكذا وبكل بساطة وإرتياح , لازلت أذكر المرحوم عبدالله عبداللطيف الهجن النعيمي يمسك بالمدخن في فترة الراحه في صلاة التراويح التي كنا نؤديها عشرون ركعه إضافة للشفع والوتر , لازلت أذكره وهو ينتقل بالمدخن وعود البخور من مصلي الى آخر , رحمه الله , كان هناك قسما للنساء كذلك يؤدين فيه فروضهن, لازلت اذكر الصف الأول من المسجد حيث يلتقي اعيان الفريج رحمهم الله جميعا, محمد بن مسفر الحساوي الهاجري, والوالد محمد بن خالد الخاطر وحمد بن مسفر بن شايق الهاجري واحمد وعبداللطيف الهجن وحمد بن خاتم المحشادي وماجد وصالح المطروشي المناصير , وغيرهم رحمهم الله جميعا وأحسن مثواهم, كثيرا ما كان يؤم الصلاه في اوقات الفروض السيد سلطان بن جاسم الذوادي رحمه الله وأحيانا كثيره كان الوالد رحمه الله. ما يهمني هنا ليس الوصف بقدر ماكان التعامل والارتقاء والتآلف , عندما خضع المسجد لعميله إعادة ترميم فتح لنا المرحوم احمد بن يوسف الجابر مجلسه لأداء الصلاة فيه طوال هذه العملية التي استمرت شهورا. ما أعنيه هنا المسافه بين الفرد والدوله كان يملؤها الفريج و هذه الايجابيه تبدو مفقودة اليوم, كذلك كان دور الأبناء أكثر شمولية من مجرد علاقتهم بالاباء المباشرين او البيولوجيين الى جميع آباء الفريج , أيضا هناك العلاقة بين اهل الفريج بعضهم البعض كان يصيغها المسجد بشكل كبير من هم خارج هذا المكان هم خارج هذه العلاقه , اليوم لم يعد المسجد سوى مكان مجرد لاقامة الصلاه , كان في الماضي كما ذكرت اضافة لدوره الديني كانت له وظيفة اجتماعيه في خلق كتله اجتماعيه وليست عقيديه كما تطور لاحقا لتقتنص الايديولوجيا حقوق الواقع الانساني او تعمل على تفكيكه من منظور ديني وأختفى الفريج فأصبح المواطن في مواجهة الدوله مباشره بكيانه الضعيف , الدور الاجتماعي للمسجد اختفى , كان يمكن أن يكون أحد محددات المجتمع المدني لو استمر هذا الدور الاجتماعي الذي يحدد العلاقه بين افراد المجتمع مع الدوله أو يقف مالئا الفجوه بينها وبين الفرد , اليوم يعجز أعضاء المجلس البلدي من القيام بالدور الاجتماعي الذي كان يقوم به المسجد في السابق, يعجزون عن تحقيق الاجتماع الضروري الذي كان يحققه المسجد في السابق لتبني قضاياهم, كان لدى افراد المسجد في السابق من تجربة مسجد أحمد بن يوسف الجابر القدره على الفصل بين ماهو ديني وما هو إجتماعي , كنا نتناقش خارجه عن قضايا المجتمع ويستأنف افراده حديثهم في المجالس بينما يؤدي الجميع فروضهم بشكل كامل , لاتطرح العقائد ولا الفتاوي بالشكل الذي نراه اليوم , سماحة العقيده في حينه أوجدت مسجدا متصالحا مع نفسه ومكان وجوده , لاأنسى أن أذكر الشيخ جاسم بن علي بن عبدالله رحمه الله شيخ الريان الذي كان دعما لجميع اهل الفريج وكان مجلسه ومسجده كذلك ملتقى يلتقي فية الادب بالدين , كم حاجة انسانيه ومشكلة اجتماعيه حققها وحلها المسجد قبل ظهور المؤسسات الاجتماعيه والأسريه االتي تفتقر الى روحانية المسجد ومحيطه المغناطيسى المؤثر بلا حاجة الى الاستنطاق الذاتي والاعتراف تحت تأثير المؤثرات النفسيه والسكلوجيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق