السبت، 20 يونيو 2015

الدور "الوطني" للمجلس القطري , وبذور اليسار الاجتماعي


من الملفت للنظر في المرحلة السابقه أن أفراد المجتمع القطري لم يكن يرون تعارضا بين عروبتهم وبين إسلامهم كما نرى اليوم, رغم وضعهم الاقتصادي الضعيف والمحدود , لم يكونوا يرون في ذلك مدعاة لفهم الدين ونصوصه فهما متطرفا ,إذا ذكرت أمام شباب اليوم انك تؤمن بالعروبه كفكره سياسيه وحامل ثقافي , تبادر الى أذهانهم تماما انك ضد الاسلام, وإذا اسبلت ثوبك واطلت لحيتك فذلك دليلا على أنك ضد العروبه أو القوميه العربيه بالاحرى. هذا الانقسام الخطير لم يكن قائما عند أولئك الاوائل وكبار السن من ذلك الجيل و معظمهم تبنى الفكر القومي وآمن به وهم أئمة مساجد, آمنوا بأن اسرائيل هي العدو الحقيقي للأمة , حتى أوضاعهم كانت أفضل داخل أو طانهم كمواطنين حيث كان للمجتمع ذاته اليات دفاع عما يعترضه من اخطار وصوت مسموع لافراده لدى الدوله , كنت اشعر أن ثمة يسارا وطنيا كان موجودا كل ذلك بفعل التأثير الايجابي لعدم الخلط لدى أفراد المجتمع بين القوميه و الدين وعدم وضعهما في تقابل وتعارض ينقسم على أثره المجتمع. كنا نخرج بعد صلاة العصر من المسجد لنجتمع في المجلس الذي كان يشبه الى حد كبير المنتدى السياسي اليوم فهذا ناصري متعصب والاخر ملكي متطرف وهناك من هو وسط , إلا أن شخصية الزعيم الخالد عبدالناصر طاغيه على الجميع , كان صوت العرب حاضرا , كما كان الاتحاد السوفيتي حاضرا كذلك , والمبعوث الاممي للشرق الاوسط "غونار يارنغ" في ذلك الوقت,والذي ينطقه البعض "بيرنغ" حاضرا كذلك ويستمر النقاش والحوار حتى صلاة المغرب لينتظم الجميع صفا في تأديتها, كان الوعي السياسي لديهم رحمهم الله متقدما عن وعي شباب اليوم ,لم يكن الاسلام قد اُختطف , ولم تكن القومية قد إختلطت في عقول البعض بين كونها "فكره"وبين تطبيقاتها. كانت نظرتهم الى المشروع هي الاساس وليست النظره الى الافراد , حتى بعد الهزيمه لم يسقط المشروع من أذهانهم , كما نرى اليوم من عملية تفتيت لم يسبق للأمة أن شهدتها عندما وضع الدين في تعارض مع القوميه الفطريه التى اوجدها الله في الشعوب.
ماعايشناه كان يدحض فكرة أن التطرف سببه الحاله الاجتماعيه , فمستوى المعيشه الاقتصادي في فترة الستينيات كان منخفضا, عندما كان الخطاب الديني معتدلا لايخرج خارج نطاق أمن المجتمع وسلامة أبنائه وصيانة قيمه , كما كان دور المجلس تنظيميا على درجة عالية من الكفاءه حيث التراتيبيه في السن أكثر وضوحا , ولايوجد للشباب مجالس بعيدا عن مجالس آبائهم , ولاننسى دور التعليم الذي كان يتفق تماما مع التكوين الاجتماعي والسياسي والديني لأفراد المجتمع , فتنشأ الاجيال وبينها رابط من قيم التفكير يختلف في الدرجه وليس في النوع , لذلك كنا نلحظ وعيا إجتماعيا مختلفا عن ما نشهده اليوم , أعرف حالات كثيره تحرك فيها أهل قطر إنطلاقا من المجلس لمساعدة محتاج أو طالبُ عون أو مريض ,أو وقوفا في وجه تجاوز قد أضر بأحدهم. علاقة مباشره مع الحاكم لم تثمر مطلقا عن أي تجاوز , لذلك سجل أهل قطر مع حكامهم كان الأنظف والأنقى في تاريخ المنطقه عموما فإسلوب الطلب والاستجابه كان يقوم على الثقه وبوتيرة واحده الى حد كبير , هذه اللحمه دلالة على إلتحام المسجد بالمجلس , لم يكونا يشكلان تناقضا في وعي الافراد , حتى أن من لم يكن يحافظ على الصلاه كان يستوعبه المجلس , سعة أفق نفتقدها اليوم.
إكتسح الفكر القومي الناصري , وأقام مظاهرات وإضرابات وأعمال شغب هنا وهناك في ارجاء عالمنا العربي إلا أن المجتمع احتفظ بدينه وبقيمه الاسلاميه وبإدائه لفروضه وواجباته., لم يكن هناك حاجه لمؤتمرات تجمع بين القوميين والاسلاميين وكأنهم في تباين وتضاد, لم يتكرس ذلك الفهم مع الاسف ,وساد بعده نوع من التكفير الثقافي إنقلب مع الوقت ليصبح تكفيرا دينيا ,ندخل على اثره نفقا مظلما لانزال بين دهاليزه ,كان ذلك اشبه ببذور يسار وطني إجتماعي يتطلع لصالح المجموع على حساب المصالح الضيقه للفرد . كان الاحساس عاليا عندما لم يتبلور مفهوم الطبقه الماليه الذي تكتنز المال وتنفصل رويدا عن المجتمع لتتحوصل في جزر محصنه داخل المجتمع, الامر الذي كان بداية لتدخل الايديولوجيا واستغلالها للحفاظ على مكتسباتها. الاحساس بالمصير المشترك كان أكبر , الاحساس بالمسؤوليه الاجتماعيه كان اعلى وأشمل. كم كان وعي أولئك الاباء متقدما على وعي الكثيرين من شباب اليوم الانشطاري ممن درس وتخرج من اكبر جامعات الغرب وهو لايدرك ان العروبة والاسلام وجهان لعملة واحده.

صور بعض أصحاب المجالس في المنطقه





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق