الخميس، 7 يوليو 2016

بين الشيخ عبدالله والشيخ القرضاوي


  

أولا: كنت أتمنى أن لايرد الشيخ القرضاوي على تغريدة الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية دولة الإمارات العربيه الشقيقه, أو إكتفي فقط بالسطر الأول من تغريدته "خذ العفو وأمر بالعرف...." إلا أن تكملة التغريده كان فيها إنزلاق  جدد من حيوية تغريدة الشيخ عبدالله بن زايد , التي إتهمه فيها بتشجيع العمليات الانتحاريه .إذ إتهمه بالشيطنه فإذا بالشيخ القرضاوي يرد عليه بإتهامه أيضا بالشيطنه التي قد  حُلت أصفادها.  

 ثانيا:تغريدة الشيخ عبدالله بن زايد كان بالإمكان تحديد وتحييد أثرها بسهولة  حيث عقد مقارنة بين تحريم بن باز للعمليات الانتحاريه ,و"إباحة الشيخ القرضاوي لها في رأيه,  كان واضحا الهدف منها وهو مقابلة تحريم بإباحه  ضمن دائرة الفتوى وهودائره ضيقة جدا وملتبسه حيث تجد  تحريما لشيخ في قضية وإباحة لنفس الشيخ في قضية أخرى مشابهه , أو في سياق آخر مشابه. لو لم يأتي الشيخ عبدالله  على ذكر الشيخ بن باز وإكتفى بالبعد الانساني  لأبعد تغريدته عن  المغزى السياسي.

ثالثا: إستمعت الى اليوتيوب  المرفق  وكنت أتمنى  لو أن الشيخ القرضاوي  قال شيئا آخر  غير إرتهان مصير الفرد  إلى قرار الجماعه مهما كانت هذه الجماعة  ولو كانت الفرقة"الناجيه" لأن في ذلك  تجريد للإنسان من حريته   المقدسه.

رابعا:تعودنا  على السجال بين المفكرين أو المثقفين والفنانين , لكنني أعتقد أنها المرة الأولى أن يكون هناك  سجالا  حتى وان كان تغريدا بين  سياسي بدرجة وزير خارجيه , وشيخ ديني  يناديه اصحابه بالإمام  , كانت الاتهامات توجه للمجموعات  أو الفرق أو حتى الدول , لأول مرة ينبري وزير خارجيه عربي في تحديد شخصية دينيه  من نفس العقيده متهما إياها بتشجيع الارهاب .

خامسا: تؤكد هذ الحادثة    , خطورة الفتوى الفضائيه  وتوثيقها إعلاميا مما  قد يجعل الأمر أكثر صعوبة عما كان عليه قبل البث الفضائي المباشر  ووسائل الاتصال الاجتماعي .  كان من الصعب الحصول على فتوى الا بالذهاب الى الشيخ والجلوس معه واستماعه عن قرب , وليس  مجرد الاسئلة  الإفتراضيه, كما كان التراجع عنها ممكنا وأكثر سهوله, البث التلفزيوني يؤبدها حتى ولو تراجع عنها صاحبها بعد ذلك , لانها تصبح حالة  حية قابلة للتجدد , وقد يصبح  حتى التراجع عنها عملا دراميا لاأكثر.

سادسا:في ظل الجو الطائفي المشحون الذي تشهده المنطقه , يبدو مثل الأمر زيادة في التفتيت  وخدمة  للطائفيه تقدم على طبق من ذهب, كنت أتمنى أن يرتفع الطرفين الى مستوى عروبتهما  ومصيرهما المشترك  على الأقل  خاصة أنهما لايتقابلان  في نفس المسار فهذا وزير خارجيه , والآخر  شيخ دين , هذا ينفذ سياسة دوله وهذا له  اجتهاده ورأيه الذي يؤخذ منه ويُرد.

سابعا: اعتقد ان الطائفية والتفتيت حتى داخل الطائفه الواحده قد أظهرا اثقالهما في منطقتنا العربيه  بعد الربيع العربي, كما أفلت شمس السياسة التي لم تطل بعد عليها , وأصبح المجال العام العربي حصرا  بين  القوى الدينيه والقوى العسكريه , في وسط حزام  طائفي ملتهب تسكب ايران الزيت عليه يوميا لتزيده إلتهابا.

ثامنا: بالطبع لايمكن استبعاد مايجري في مصر من ابعاد مايحدث هنا عندنا في الخليج , فهل نتحمل نحن شعوب الخليج  ما يجري في مصر ؟ هل كتب علينا أن ندفع ثمن الاخطاء التي أرتكبت؟ الا يكفي ما نواجهه من تدخلات إيران وزرعها الخلية بعد الخلية في أحشاء مجتمعاتنا , ألا يكفي تهديد الحشد الشعبي لدولنا يوما بعد آخر؟ اسئلة كثيرة  يجب الإجابة عليها قبل  القفز الى التغريد  إتهاما وردا .

تاسعا: أعيد واقول ياليتك  ياشيخ عبدالله تجاوزت هذه التغريده , وياليتك ياشيخ قرضاوي  بعد أن أصبحت التغريدة واقعا  أن إكتفيت بالسطر الأول من ردك  الذي يرفع من قيمة الرد ومن قيمة صاحبه, ويترك مسافة بين  سمو الدين ودنس السياسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق