السبت، 28 يناير 2017

عزلة الطبقة العليا




لم يَعد خوفي على إختفاء الطبقة الوسطى في المجتمع هو مايورقني كثيرا, اصبح الخوف من عزلة الطبقة العليا أكثر إشغالا لإدراكي وإهتمامي  كذلك.أكاد أستشعر الاسوار التي تبنى يوما بعد آخر بينها وبين مكونات المجتمع الآخرى, عندما ارى تكاثر المجمعات السكنية  والمولات,وسيادة مصطلح "الكمباوند" في مجال البناء  على مصطلحات كالفريج أو الحيَ  , أشعر بروح العزلة تسري في أوصال المجتمع وأخشى ان تتنامى يوما بعد آخر  لتصل الى مجال التعليم وقد وصلت تقريبا  وإلى مجالات الخدمات الاساسية الاولى التي تقدمها الدولة  لنتحول الى دولة "أوليجاركية" وهو مفهوم اشمل  من مجرد النظام الاوليجاركي. اتمنى ان لاتصل الامور الى أبعد من ذلك  كنظام التوظيف  والاحقية في الوظيفة إعتمادا عن الكفاءة " الاجتماعيه" وليس مجرد الكفاءة العلمية  المحايد. خطورة إنعزال الطبقة العليا بالاضافة إلى تآكل الطبقة الوسطى  في أن  مثل  هذا الوضع , يضع المجتمع بين "اليوتوبيا" مجتمع الواقع المثالي , و"الديستوبيا" واقع العالم المرير, أو بين ثقافة "الكمباوند" وثقافة "العشوائيات" وهذا هو واقع الصراع .على الرغم من استبعاد كل جوانب الصورة السلبية   لمثل هذا الوضع  حاليا في مجتمعنا إلا انه لايجب إغفال المؤشرات  الحيوية التي تشير إلى اننا نتجه  نحو ثقافة مزدوجه  بين من يملك ومن لايملك.لم يعرف المجتمع القطري عبر تاريخه الطبقية بمعناها  الدقيق حيث كانت جميع الطبقات عيالا على بعضها البعض وعيالا على الحكومة , ولايعني إستمرا مثل هذا الوضع حلا ولكن لايقبل كذلك  تحويل الى فرصة إنتهازية أيا كان شكلها أومصدرها ,ولم يعرف مجتمعنا الاسوار  الفاصلة بين مكوناته  ولم يعرف التمايز الفاقع  بين أفراده إلا في أضيق الحدود , في حين أنه بعد إعتماد سياسات التجنيس الواسعة   تصبح ثقافة المجتمع  " هيجينة " بعد أن كانت متجانسه, وبالتالي تصبح قضية تآكل الطبقة الوسطى وعزلة الطبقة العليا  أكثر خطورة نتيجة لوجود ثقافة جديدة في المجتمع قد تكون أكثر حساسية وراديكالية  للتعامل مع هذا الوضع ,  يجب معالجة  آثار الثروة   على المجتمع , بحيث تكون عامل إستقرار وتنمية  ومصدرا للقيم  في نفس الوقت , لاعامل عدم استقراروتهيؤ دائما للنفور ,   إتساع رقعة الطبقة العليا على حساب الطبقة الوسطى  يعني  أن هناك تسربا الى أعلى أو إلى أسفل , وبالتالي يتجه المجتمع إلى "الحديه" أكثر من ذي قبل, وأكثر قابلية للأفكار المتطرفة التي تقوم أساسا على ثنائية المستضعفين"ديستوبيا" والمستكبرين "اليوتوبيا"بشكل أوبآخر إعتمادا على أيديولوجيتها ومن أي تنطلق  سواءً من المسجد أو من المصنع,ورأينا كم إستمالت "داعش" وقبلها"القاعدة المئات أو ربما الألوف من   شباب الخليج إعتمادا على هذا الفكر ووجود الارضية الصالحة لإنتاجه.

هناك تعليق واحد: