الاثنين، 3 مايو 2021

ظاهرة "المنتصر المهزوم"

لدينا ظاهرة ثقافية سائدة في حياتنا العربية اسمها "المنتصر المهزوم", قدرة فائقة على تحويل الهزيمة الى نصر مع قليل من الزخم الاعلامي الرخيص واستعاره فجة من تاريخ اللغة الممتلىء بعبارات مثل خسرنا جولة ولم نخسر المعركة, لم يسقط الرمز, انتصرنا لولا خيانة البعض من الاهل والقربى , وما الى ذلك تبريراً لهزيمة واضحة , الاشكالية الكبرى حين نحتفل بالهزيمة وكأنها نصر, صدام احتفل بالنصر في حربه مع ايران بعد ان تدخل العالم لوقف الزحف الايراني الكثيف وتهديده المباشر لاسقاط نظامه و على المستوى الفردي نحتفل بمن لم ينتصر في معارك الدبلوماسية او الثقافة , تحت عناوين كثيرة منها كان سينتصر لكن لم يحالفه الجظ, كان متقدماً لولا تخاذل اشقائنا في العروبة والدين في نصره , تبريرات كثيرة, تنفق بسخاء داخل المجتمع تجعل من المنهزم منتصراً وتفضح ثقافة عرجاء لايشفع لها النصر ولاتبررها الهزيمة, سيولة في المفاهيم تكشف عن نفاق مجتمعي لايبني عقلاً سليماً ولا ارادة واضحة لها القدرة على التصميم بقدر قدرتها على التبرير, وتفقد المجتمع فضيلتان عظيمتان وهما فضيلة الاعتراف وفضيلة الاعتذار, حيث طمسا طمساً من خلال قدرة قاموسنا اللغوي في التلاعب في الالفاظ واستعداد العقل الجمعي للتسويه بدون مقابل, الاعتراف بالهزيمة انتصار على ماضيها , وتحويرها وتجييرها الى نصر استنقاع في براثنها, اليابان لم تصبح ورشة العالم لولا اعترافها بالهزيمة, المانيا لم تصبح قائدة اوروباا لولااعترافها بالهزيمة , ديغول , تشرشل, امثلة عظيمة تدل على عظمة الاعتراف وعظمة اصحابه , تسويق الهزيمة على انها نصر تخلق مجتمعاً يتكل على الاستعارة من الماضي على حساب الحاضر والمستقبل , وتسويق المنهزم على أنه منتصر تخلق بطلاً من ورق , وتوجد شقاً طولياً في بنية المجتمع الثقافية تجعل من القدرة على التبرير مرتكزاً خطيراً لجميع الافعال , ثقافتنا ارتبطت بنسق لاتستطيع معه انفكاكاً وهي ماتعانيه منه اليوم مجتمعاتنا التقليدية وهو اصالة الوضع الاجتماعي واعتبارية الانسان, بمعنى أن وضعك الاجتماعي يحدد مقدار انسانيتك , لذلك , مفاهيم مثل الاصالة, القبيلة , الطائفة, العائلة , القوة , المنتصر, مفاهيم سوبر يجب الانتماء اليها بشكل او بآخر وبأي وسيلة وحيلة والا ستعيش في بؤرة النسيان والغفلة وربما الاحتقار, ومن هنا تضخم قاموس التبرير والكذب والتزوير , على حساب الاعتبار والاخذ بالاسباب . مجتمعات على صفيح ساخن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق