الأحد، 23 أكتوبر 2022

عندما يحضر الموت

نغفل عنه وهو أكثر الحاضرين تواجداً, حضوره بيننا أكبر من احساسنا بالحياة . وحده الأمل يستر عنا هذه الحقيقة , يخفيها وهى اليقين الأوحد بين البشر لكي تستمر الحياة ويعمل الانسان ويكد ويستبشر بالأفضل دائما كما طلب منه, وإلا فإنه يعيش بين ظهرانينا, يملأ الفراغات التى بيننا, يرانا ولا نراه, نحسبه بعيداً وهو أقرب إلينا من أنفاسنا التى تخرج من صدورنا. ننساه لكنه لا ينسانا فنحن في ذاكرته وعلى جدوله , لا يتخلف عن موعد قد ضرب له, يرقب أمنياتنا ليقتنص الأكبر وربما الأسمن منها , يأتينا على حين غرة يصرع الأمل ويفتك بالأماني, لا يكترث لوهج الشمس فى النهار ولا يقيم حساباً لعتمة الليل وظلامه حين تحين ساعته, لا يشفق على كبير ولا ينتظر صغيراً ولا ترف عينه لمريض, الجميع على جدوله سواء فهو فى طبيعته أمر يجب تنفيذه لحكمة عليا, هو خلق من خلق الله كالحياة ذاتها ، قال تعالى : الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا " لايبدو عدماً اطلاقاً إلا لمن لم يدرك كنه هذه الحياة الزائلة ذاتها, هو امتداد لها بشكل آخر كما كانت هذه الحياة الجسدية امتداداً لما قبلها من حياة داخل الأرحام , السكن فى الجسد الى أجل مسمى له حكمة إلهية ووظيفة معينة محددة , لذلك فالموت يبدو أنه للاخرين الذين لم يحن دورهم بعد وليس لمن ذهب به لأنه اصبح في معية المطلق الذي مصدر الروح كذلك يتمظهر في حرقة الفراق وفجائية الرحيل وقطع لذة الاتصال مع من نحب ولله فى ذلك حكمه ومراد يستشفه من سمت روحه واعتلى فوق مرام الجسد واستيقن الموت والحياة كفكرتين قبل أن ينغمس فيهما او يعايشهما عيانا. لايخلو بيت من زيارته ولاتخلو دار أو وطن إلا وله فيها مرتع طال أم قصر ! هذه هي طبيعته فهو الوجه الآخر للحياة وحدها الوصفة الإلهيةوالوصفة الفلسفية هما القادرتين على التخفيف على الانسان من شدة وطأته وثقل زيارته الايمان بأنه ليس النهاية وانما هو اولى الخطوات للقاء الله وجل او الاعتقاد أنه اقصى امكانية تحققها لتكتمل بها حياتك , فأنت ناقص حتى تموت ليكتمل وجودك في الدنيا فالحاجة اليه حاجة دنيوية على الرغم من انه يبدو خروج من الدنيا باسرها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق